الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الإيقاع

الإيقاع
12 فبراير 2008 00:40
إني اسمع، لا أرى، لا أتنفس، لكني اسمع، أنا في بحر الحنان السائل، لا أعرف من أنا، إيقاع، كلما سمعته أكبر وأكبر، من أين ورثته، من أبي أم من أمي، إنه نبض الحب والقلب وسر الحياة، بدونه نحن في غير حياة، لقد عرفت أن الخالق قدم السمع على الأبصار· وعندما نقلق يسرع الايقاع، نغضب نفقد الايقاع، وعندما نحب فياله من ايقاع؛ الموسيقى تقسم إلى لحن وايقاع، فما سر هذا الايقاع؟ في الشرق هو تائه يلهث وراء الجسد والألحان التي بدون عنوان، أما في الغرب هو كيان تعامل معه كبار الموسيقيين العالميين: الموسيقار ''سترافنسكي'' من خلال الايقاع يروي '' قصة جندي''، متمثلة في جندي يحمل معه الطبل (الموت) وآخر يحمل معه الكمان (الحياة)، وفي هذا الصراع الموسيقي من أجل البقاء، ينتصر فيه (الطبل) على (الكمان) وهذه قصة أغلب الجنود الشجعان· الموسيقار''هايدن'' الملقب ''أبو السيمفونيات'' كرم الايقاع ووضعه في أعلى مقام في سيمفونيته رقم 103 حيث أطلق عليها هذا العنوان ''سيمفونية الطبل''، اما الموسيقار ''رافيل'' جاء بفكرة ايقاعية جديدة اذ وضع الطبل أمام الفرقة السيمفونية وبنى عليه جميع الأصوات اللحنية، يبدأ الطبل منفرداً وكأنه يدعو الآلات السيمفونية إلى قراءة الرسالة الايقاعية دون توقف الى النهاية، إنه العمل الشهير ''بوليرو'' الرائع العبقرية، الموسيقار ''أيفس'' حول الايقاع إلى فيزياء في مؤلفه ''السؤال الغير مجاب''، حيث قسم الايقاع الى قسمين، بطيء يبحث عن جواب، وسريع يخترق البطيء، وكأنه الجواب؛ لكن بسبب الاختلاف بين سرعة الايقاعين لم نتمكن من الحصول على الجواب، وفكرة هذا الاختلاف بين شيئين تشبه البعد المعماري الرابع، وببساطة هي عندما نتحرك ونركز النظر على شيء بعيد ثابت، يتهيأ لنا أن الثابت البعيد يتحرك معنا، كلنا مررنا بهذه التجربة، فعندما نسير في السيارة، كأن القمر يلحق بنا ويتوقف معنا كي لا نهرب منه، الأطفال يرصدون هذا البعد الرابع، لأنهم أصدقاء القمر· نحن العرب نمتلك خزينا هائلا من الايقاعات، لكننا نجهل مدلولاته ومعناه، فبعد أن اجتمعوا واجتمعوا فطاحل الموسيقى العرب، الذين لم يستمعوا الى أية تجربة ايقاعية ذكرت أو لم تذكر في هذا المقال، صنفوا ايقاعاتنا العربية حسب الدولة والمكان، ففرحوا بهذا التصنيف فرحا لا يمكن وصفه بأي ايقاع، وكانه اكتشاف لم يسبق له مثيل في أي مكان وزمان، انا شخصيا اعتبره (بديهية) وكأنهم اكتشفوا عدد الحروف الأبجدية في اللغة العربية، لكن رغم هذا الاكتشاف البديهي العظيم فنحن لانزال لا نحترم ايقاعاتنا كما الدول الغربية، لأن مفهومنا نحن العرب عن الإيقاع (إني لا أسمع)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©