الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

آمنة الشحي تحاول الخلاص من المعاناة والصعود إلى الأعالي

آمنة الشحي تحاول الخلاص من المعاناة والصعود إلى الأعالي
19 يوليو 2011 23:11
ضم ديوان الشاعرة آمنة محمد الشحي الذي حمل عنوان “الهواء بأشرعته” والصادر عن وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع بالتعاون مع اتحاد كتاب وأدباء الإمارات هذا العام نصوصاً شعرية شابة، نحت فيها الشاعرة منحى جديداً أشبه بقصيدة “الهايكو” حيث الومضة والاختصار والعفوية واللمحة السريعة ومحاولة إشراك المتلقي في تخيل الصورة. ديوان احتفى بالشجرة وبالمعرفة وبالتفرد وبالدليل “العنوان”، فكانت هذه المفاصل ضامة لقصائد كثيرة تصل إلى ما يقرب من خمس وخمسين قصيدة تميزت بسمات وخصائص جعلتها تمتلك شاعريتها الخاصة ومنها قصرها وتنوع دلالتها التي تحتاج إلى جهد لفك مغاليقها حيث تقول في قصيدتها “انتظار”: ينتظر منذ فجر وحين مرّ أضاءت له دمعتي إلا أنه تعثر بعميق ولهي..!! الكلام.. وتحيل هذه التجربة إلى خلق صور معنوية تمتلك شاعرية أنثوية بعيدة تماماً عن المحسوس والمرئي، إذ تبدأ القصيدة بمكونات مرئية إلا أنها تتلاشى عندما يتدخل المعنوي ليكمل الحدث الذي هو صورة من الكلام. حيث تقول في “دفء”: دافئاً وقد يلمع صمتي الليل لحاف الوحدة وأنا باردة قرب سكين الوحشة هذه القصيدة تعبر تماماً عن بنية صورة القصيدة لدى آمنة الشحي التي نرى فيها المرئي واللامرئي، فما بين اللحاف والسكين واللمعان صور أخرى غير منظورة وهي الصمت والوحدة والبرودة والوحشة.. ومن الطبيعي أن يبدأ التأويل باتجاه اللامرئي “المتخيل” الذي هو أس القصيدة وغايتها. تحتاج قصائد آمنة الشحي إلى مساحة من الخيال لتمثل الصورة التي تريد تشكيلها، حيث يجنح الكلام لديها إلى آفاق من الصعب مقاربتها بالواقع، وهذا أسلوب أنثوي في كتابة قصيدة النثر الحديثة، حيث لاشيء يمكن أن نمسك بظلاله، ولا صورة كاملة تعطيك عوالمها أو لنقل تفتح لك كل ما تقول من معنى، ولكن هذا لا يعني أن آمنة الشحي لم تكتب في هذا الديوان قصائد مباشرة واضحة المعنى بل العكس نراها في بعض قصائدها واضحة جداً حيث تقول في “مدرستي”: أحنّ إليها وإلى أعوام مضت أحن لذاك المسرح التمثيل النشيد وصديقاتي وأعتقد أنها عندما تلجأ إلى ما هو واقعي مباشر يفقد نصها شعريته ويتحول إلى فعل سردي، إذ نرى الجملة “أحنّ إلى” المسرح والتمثيل والنشيد وصديقاتي تمثل قولاً لا يمتلك انزياحاً عن المألوف والعادي واليومي الذي نقوله في الكلام المتداول. في موضوعة آمنة الشحي “كيانات” وهو قسم من أقسام ديوانها “الهواء أشرعتي” تقرأ أولاً: عيناه مشوشتان يغبش من النعاس يغالب عثراته ليفوز منك بقبلة الصباح. وهنا لابد لنا من أن نقف طويلاً عند هذا النص والنص الآخر الذي يليه وبالضرورة أيضاً العنوان “كيانات” ولكي نقرأ فيهما التباس علاقة متعثرة ومحاولة الفوز بقبلة لحياة آتية بدلالة “الصباح” إلا أن ذلك يبدو مفتوحاً على آفاق غير متحققة، هذه الأبنية من الصور تجعلنا غير واثقين من تأويلنا للنص كمتلقين لأن النص نفسه يحتمل وجوهاً متعددة من التأويلات حيث تقول في الجزء الثاني من كيانات: شيء مختلف يلفّ كيانك يتنفس من خلالك لا يشبه حتى نفسك يخترق الأشياء يعبث بالحدود يعيد تشكيل البلدان صباح تنبعث منه رائحة معلقة ويبدو لي أن الجزء الثاني هذا يكمل الجزء الأول عبر مجموعة من المشتركات وأهمها “الرائحة” و”الصباح” ومحاولة تصوير الآخر بالكيان المختلف في صباح جديد وهو يدنو من اختراق العالم ليعيد تشكيل حدود البلدان التي هي ذوات هذا الآخر المجهول والقديم والمعتق. كما يضم القسم المعنون “في قبضة الحلم” خمس قصائد عنونت بالأرقام وكأنها مفاصل خمسة لقصيدة واحدة وجميعها قصيدة تتكون من ستة إلى ثمانية أسطر، أي أنها متطابقة الأحجام في محاولة من الشاعرة إلى أن تضع لمسات معانيها في حجوم واحدة لا تحيد عنها طولاً أو قصراً، ولكن ما يشوبها هو الحزن والظلال الغريبة والانكسارات وفيضان الحلم والسقوط المرتعش والخراب الفسيح والانتحار والبرودة والغضب وتفسخ الأماني ورداءة الجلد وأخيراً محاولتها الجادة للخلاص من كل هذه المعاناة إلى الصعود حيث الأعالي. تخصصت آمنة محمد الشحي بالمعرفة الرقمية وبالحاسب الآلي واختارت الشعر كياناً عاصفاً معبراً عن ذاتها بصدق حيث أقامت عدداً من الأمسيات الشعرية وهي عضو في الهيئة الادارية لاتحاد كتاب وأدباء الإمارات فرع رأس الخيمة منذ عام 2004م وقد نشرت قصائد في الإعلام المقروء منذ سنوات.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©