الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عمرو بن العاص.. «أرطبون» العرب

14 يوليو 2015 22:55
محمد أحمد (القاهرة) عمرو بن العاص بن وائل، فاتح مصر، من أشهر القادة العسكريين والسياسيين، كان يسافر بتجارته إلى الشام واليمن ومصر والحبشة، شاعر من فرسان قريش، يتمتع بدهاء وذكاء شديدين، لذلك أرسلته قريش إلى النجاشي ملك الحبشة ليرد إليهم من هاجر من المسلمين إلى بلاده، وقد روى عن النبي، صلى الله عليه وسلم 39 حديثاً. بعد غزوة الأحزاب وقبل الفتح بنحو ستة أشهر، دخل الإسلام سنة 8 هـ، وقدم هو وخالد بن الوليد وعثمان بن طلحة المدينة، فلما دخلوا على النبي ونظر إليهم، قال للمسلمين: «رمتكم مكة بأفلاذ كبدها». لما اسلم عمرو قربه النبي إليه لمعرفته وشجاعته، وقال عنه: «إن عمرو بن العاص من صالحي قريش» وزاد في رواية أحمد: «نعم أهل البيت عبد الله، وأبوعبد الله، وأم عبد الله». شارك عمرو بن العاص في حروب الردة، ثم كان أميرا على أحد الجيوش التي اتجهت إلى بلاد الشام لفتحها، وشارك في معركة اليرموك. وانتقل إلى فلسطين وفتح غزة، وسبسطية، ونابلس، ويبنى، وعمواس، وبيت جيرين، ويافا، ورفح. كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا ذكر أمامه حصار بيت المقدس وما أبداه عمرو بن العاص من براعة يقول: «لقد رمينا أرطبون الروم بأرطبون العرب»، فكان أول من سماه «أرطبون العرب». ويروى أن أرطبون الروم وقائدهم دعا عمرو بن العاص لمحادثته، وكان قد أعطى الأوامر بإلقاء صخرة فوق عمرو عند انصرافه من الحصن، ودخل عمرو على القائد لا يريبه منه شيء، وانفض اللقاء، وبينما هو في طريق الخروج لمح فوق أسوار الحصن حركة مريبة، فتصرف بشكل ماكر، فعاد إلى قائد الحصن في خطوات آمنة مطمئنة ولم يثر شكوكه، وقال للقائد: «لقد بادرني خاطر أردت أن أطلعك عليه، إن معي، حيث يقيم أصحابي جماعة من أصحاب الرسول السابقين إلى الإسلام، لا يقطع أمير المؤمنين أمراً دون مشورتهم، ولا يرسل جيشا من جيوش الإسلام إلا جعلهم على رأس جنوده، وقد رأيت أن آتيك بهم حتى يسمعوا منك مثل الذي سمعت، ويكونوا من الأمر على مثل ما أنا عليه من بينة». وأدرك قائد الروم أن عمرو قد منحه فرصة إذا عاد ومعه هذا العدد من قادة المسلمين وخيرة رجالهم، أجهز عليهم جميعاً، بدلا من أن يجهز على عمرو وحده، وألغيت خطة قتل عمرو، وودع عمرو بحرارة، وابتسم داهية العرب وهو يغادر وفي الصباح عاد على رأس جيشه إلى الحصن. ظل عمرو بن العاص يقول لعمر بن الخطاب أنه يتمنى أن يفتح الله مصر على يديه، فأرسله الفاروق لفتحها قائداً على جيش المسلمين. سار ابن العاص على رأس جيش من أربعة آلاف مقاتل، وقام الخليفة باستشارة كبار الصحابة في الأمر ورأوا ألا يدخل المسلمون في حرب قاسية، فقام عمر بن الخطاب بكتابة رسالة إلى عمرو قال فيها: «إذا بلغتك رسالتي قبل دخولك مصر فارجع، وإلا فسر على بركة الله». فطن عمرو بن العاص إلى ما في الرسالة، ولم يتسلمها حتى بلغ العريش، ثم سأل: «أنحن في مصر الآن أم في فلسطين؟»، فأجابوا: «نحن في مصر». فقال: «إذن نسير في سبيلنا كما يأمر أمير المؤمنين». دخل الجيش إلى مدينة الفرما، شوهدت أول اشتباك بين الروم والمسلمين، ثم فتح بلبيس وهزم قائدها الروماني أرطبون، الذي فر من القدس، ثم حاصر حصن بابليون، حيث المقوقس حاكم مصر من قِبل هرقل لمدة سبعة أشهر، وقبل المقوقس دفع الجزية فغضب منه هرقل واستدعاه إلى القسطنطينية ونفاه، فانتهز المسلمون الفرصة وهاجموا حصون بابليون، مما اضطر الروم إلى الموافقة على الصلح ودفع الجزية. توالت فتوحات عمرو بن العاص حتى بلغ أسوار الإسكندرية، فحاصرها وبها أكثر من خمسين ألفا من الروم، ومات هرقل وجاء أخوه بعده، واستدعى المقوقس من منفاه، وكلفه بمفاوضة المسلمين للصلح، وفيها أن تدفع الجزية عن كل رجل ديناران، ما عدا الشيخ العاجز والصغير، وأن يرحل الروم بأموالهم ومتاعهم عن المدينة، وأن يحترم المسلمون حين يدخلونها كنائس المسيحيين فيها، وأن يرسل الروم 150 مقاتلاً و50 من أمرائهم رهائن لتنفيذ الشروط. استغرق فتح مصر ثلاث سنوات وكان عمرو بن العاص يقول للمصريين: لقد أخبرنا نبينا أن الله سيفتح علينا مصر، وأوصانا بأهلها خيراً، حيث قال الرسول الكريم: «إذا فتحتم مصر فاستوصوا بالقبط خيراً، فإن لهم ذمة ورحما». أثناء خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه عزل عمرو عن ولاية مصر، وبعد مقتل عثمان بن عفان، سار عمرو بن العاص إلى معاوية بن أبي سفيان وشهد معه معركة صفين، ولما اشتدت الحرب على معاوية أشار عليه عمرو بن العاص بما عُرف عنه من دهاء بطلب التحكيم؛ ورفعت المصاحف طلباً للهدنة، ولما رضي علي بن أبي طالب بالتحكيم، وكل أبو موسى الأشعري حكماً، ووكل معاوية بن أبي سفيان، عمرو بن العاص، واتفق الحكمان أن يجتمع من بقي حيا من العشرة المبشرين بالجنة ويقرروا مصير قتلة عثمان. توفي عمرو بن العاص رضي الله عنه سنة 43 هـ - 663 م، وقد تجاوز عمره التسعين عاماً. توفي سنة 43 هـ وقد تجاوز عمره التسعين عاماً
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©