الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوكرانيا: نهاية الثورة البرتقالية

أوكرانيا: نهاية الثورة البرتقالية
21 فبراير 2009 01:53
''إنهم يرتبون مقاعد سطح سفينة تايتنك''··· هذا ما يقوله المراقبون الأوكرانيون في توصيف صراع القوى بين الرئيس الليبرالي ''فيكتور يوشينكو'' ورفيقته السابقة في الثورة البرتقالية، رئيسة الوزراء الشعبوية نارية الطابع ''يوليا تيموشينكو''· بالنسبة للعديد من المراقبين، فإن ''يوتشينكو'' و''تيموشينكو'' يخوضان معركة تمهيداً للانتخابات الرئاسية التي ستعقد بعد عام تقريباً، ويستخدم كل منهما منصبه لتقويض أي قرارات يستخدمها الآخر· ففي الأسابيع الأخيرة على سبيل المثال، أصدر كل منهما بيانات يتهم فيها الآخر بأنه السبب في الأزمة المالية الطاحنة التي تكتنف البلاد، والتي تزداد تفاقماً بوتيرة سريعة، أدت إلى هبوط قيمة العملة الأوكرانية ''الجريفن'' بنسبة 60 في المئة، وهبوط بورصة كييف بنسبة 75في المـئة، وتوقف البنوك عن تقديم القروض بل والذهاب إلى حد إعادة أموال المودعين· نشر الغسيل السياسي على شاشة التلفاز ظهر في مذكرة داخلية تم تسريبها إلى وسائل الإعلام الأوكرانية نهاية الشهر الماضي، حذر وزير المالية الأوكراني ''فيكتور بينزينيك'' من أن الاقتصاد الأوكراني قد أصبح على حافة الانهيار· قال الوزير حرفياً: ''لقد دخلنا بالفعل في أزمة مالية عميقة وفي غاية الخطورة لدرجة يمكن معها القول إن وضع أوكرانيا الاقتصادي هو الأسوأ في العالم''· وعقب نشر الوثيقة، ظهر ''يوشينكو'' على شاشة التلفاز ليلقي باللائمة عن الأزمة بكاملها على ''شعبوية'' تيموشينكو التي تعاني ميزانية وزارتها لعام 2009 عجزاً خطيراً قد لا تتمكن معه من دفع رواتب القطاع العام، والمعاشات، والالتزامات الاجتماعية الأخرى· وقال ''يوشينكو'' أيضاً: ''وبسبب عدم شعورها بالمسؤولية فإن الرواتب، والمعاشات لن تُدفع لمستحقيها لعدم توافر أموال، وهو ما ينذر بكارثة اجتماعية''· لم تسكت ''تيموشينكو''، بل ظهرت على شاشة التلفاز في اليوم التالي واتهمت الرئيس'' بنشر الزيف والهلع، والهستيريا··· إن الجميع قد رأوا أن الرئيس ليس من نوعية القادة التي تحتاجها أوكرانيا عندما تترنح تحت ضربات الأزمة الاقتصادية العالمية''· ويشار إلى أن استطلاعات الرأي قد أظهرت أن 85 في المئة من الأوكرانيين يؤمنون بأنـــه لا يوجد هناك نظام حكومي في البلاد· في الثورة البرتقالية التي اندلعت عام ،2004 تعاون ''يوشينكو'' و''تيموشينكو'' معاً لهزيمة ''فيكتور يانكوفيتش'' الموالي لموسكو· وعندما تولى ''يوشينكو'' منصب الرئيس، قام بتعيين ''تميوشينكو''، التي تتمتع بقدرات خطابية متفوقة في منصب رئيسة الوزراء، ولكن التعاون بينهما لم يستمر سوى أقل من سنة، حيث قام الرئيس بإقالة رئيسة الوزراء· فيما بعد تمكنت ''تيموشينكو'' من شق طريقها مرة أخرى إلى السلطة بعد دخول الانتخابات البرلمانية واستطاعت تكوين كتلة سياسية برلمانية تحمل اسمها· في الشهر الماضي، سافرت يوليا إلى موسكو لتوقيع صفقة مع رئيس الوزراء الروسي ''فلاديمير بوتين'' تنهي بها النزاع الذي احتدم بين البلدين حول خطوط أنابيب الغاز والذي أدى إلى قطع إمدادات الطاقة إلى 18دولة أوروبية· بموجب تلك الصفقة، أرغم بوتين رئيسة الوزراء الأوكرانية على مضاعفة السعر الذي كانت روسيا تبيع به الغاز لأوكرانيا، وهو ما أغضب يوتشينكو الذي شجب تلك الصفقة، واعتبرها نوعاً من الخيانة للمصالح القومية الأوكرانية وتعهد بإلغائها، وهو تهديد اضطر فيما بعد إلى سحبه بسبب الضغوط التي مارستها عليه الدول الأوروبية الغاضبة· وهناك عدد قليل من الخبراء الذين يؤمنون بالمزاعم القائلة إن بوتين قد وضع ''تيموشينكو'' في جيبه، ولكن البعض يرى أنها ربما تتظاهر بأنها كذلك بالفعل على أمل كسب رضاء ''الكريملن'' وتأييده لها في المعركة الانتخابية القادمة· وشراسة المعركة الانتخابية الأوكرانية تستمد منطقها من الانشقاق الثقافي العميق في أوكرانيا بين مناطقها الشرقية التي تتحدث الروسية، وتشعر بالولاء لموسكو، وبين مناطقها الغربية التي تسودها تيارات قومية ميالة للغرب· فغالبية الناخبين الشرقيين يؤيدون الحزب المعروف باسم ''حزب المناطق'' ذي الميول الروسية الذي حصل على أعلى نسبة أصوات في الاستطلاع الذي أجرى منتصف ديسمبر الماضي، والذي أجرته ''مؤسسة المبادرات الديمقراطية المستقلة'' في كييف، حيث حصل على دعم 22 في المئة ممن شاركوا في المسح، بينما جاءت ''تيموشينكو'' في المرتبة الثانية بنسبة 14 في المئة، في حين لم يحصل ''يوتشينكو'' سوى على 2,2 في المـئة وفقاً لبيانات المؤسسة التي أجرت الاستطلاع· والاستراتيجية التي تعتمد عليها ''تيموشينكو'' خلال الانتخابات القادمة هي الحصول على أكبر نسبة من أصوات سكان المناطق الشرقية ذوي الميول الروسية· وهي تحتاج في سبيل ذلك إلى إيماءة موافقة من جانب الكريملن، كما يقول ''فاديم كاراسيفو'' مدير معهد الاستراتيجية العالمية المستقبلة في كييف الذي يقول أيضاً: الكريملن يريد إزاحة يوشيكنو؛ لأنه يجسد الميول الموالية للغرب والمحبذة للانضمام لـ''الناتو'' في حين أن ''تيموشينكو''، قد أظهرت مرونة بشأن القضايا الجيوبوليتيكية الكبرى على العكس من ''يوشينكو''، مما يدل على أنها قادرة على كسب أصوات في مختلف مناطق أوكرانيا وليس في الشرق فقط· علامة ديمقراطية أم بذور ديكتاتورية: بعض المراقبين يخشون أن تصل الأمور إلى ذروتها بين الرئيس ورئيسة الوزراء حتى قبل حلول موعد الانتخابات المقبلة، خصوصاً بعد أن أعد كل منهما أسلحته، وجهز نفسه للدخول في معركة كسر عظم ضد منافسه من أجل احتكار السلطة، وهو ما يمكن أن يسفر عن ظهور نظام سلطوي في كييف، كما يقول العديد من المراقبين المهتمين بالشأن الأوكراني· فريد وير- كييف ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©