الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما... ومهام «ناسا» الأخرى

15 أكتوبر 2010 21:09
عقب توليه لمنصبه الرئاسي مباشرةً، أعطى أوباما وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" مهمة جديدة تتعلق بالتواصل مع مسلمي العالم. وقد دهش المراقبون لذلك الأمر كثيراً، وتساءل كثيرون منهم قائلين: لمَ أصبح على علماء الفضاء ومهندسي الصواريخ الفضائية الذين طالما اتجهت أنظارهم إلى الفضاء الخارجي أن يهتموا بمعركة كسب العقول والقلوب الجارية على الأرض؟ في اعتقادي أنني توصلت إلى حل لهذا اللغز المحير. فالسبب هو أن أوباما قد ورث عن أبيه أيديولوجية العداء للاستعمار التي يؤمن بها الأب. ووفقاً لمنظور هذه الأيديولوجية، فإن وكالة "ناسا" ليست سوى محاولة أميركية لاستعمار الفضاء الخارجي. وفي سعيه لتحريرها، عمد أوباما إلى تحويل مهمتها التقليدية ذات الصلة بتطوير الاكتشافات الفضائية الأميركية، إلى شبه مشروع جديد عالمي أرضي، يتجه نحو الاعتراف بالدور الذي لعبه المسلمون وغيرهم في تطور العلم والحضارة الإنسانية. وللحصول على المزيد من المعلومات الخاصة بهذا التفسير، عليكم قراءة ما كتبه "نويت جنجريتش" عن هذا الأمر بقوله إن أوباما يؤمن بأيديولوجية العداء للاستعمار، وإنه يصنف القيم الأميركية ضمن المنظومة الاستعمارية. يذكر أن رئيس وكالة ناسا، تشارلس بولدن، ذكر أن أوباما حدد له ثلاث أولويات قبل بضعة شهور. أولها أن تعود الوكالة لإلهام الأطفال الأميركيين وتعميق حب العلوم والرياضيات وتشويقهم إلى دراستهما. كما طالبه بأن تعمل الوكالة على توسيع علاقاتها الدولية.أما الأولوية الثالثة -ولعلها الأهم- فهي أن تجد الوكالة وسيلة ما للتواصل مع العالم الإسلامي وبقية الأمم المسلمة الأخرى، بهدف تحسين شعورهم إزاء مساهمة علمائهم التاريخية في تطور العلوم والرياضيات والهندسة. وأضاف السيد "بولدن" قائلاً إن المحطة الفضائية الدولية تمثل بالنسبة لوكالته نموذجاً لما يجب أن تكون عليه "ناسا" في المستقبل، خاصة وأنها لا تقتصر على الولايات المتحدة وحدها، بل تشاركها فيها أمم أخرى بمن فيها الروس واليابانيون. وعلق بولدن قائلاً: إن مطالب أوباما تلك تبدو بالنسبة لقدامى الرواد الفضائيين من أمثال جون جلين ونيل أرمسترونج، كما لو كانت زيادة لطين إدارته بلة، خاصة مع ضعف الميزانية التي خصصتها الإدارة للوكالة، مع وضع رؤية جديدة لمستقبلها، تتضمن تعليق "برنامج كوكبة النجوم" والاعتماد على المكوك الفضائية الأجنبية والتجارية بدلاً من بناء السفن الفضائية الأميركية. يذكر أن البيت الأبيض حاول فيما بعد تصحيح تلك المطالب. ولكن هناك من مؤيدي أوباما أنفسهم من أعرب عن دهشته لهذه المطالب. فلا شك أننا جميعاً نؤيد أهمية شعور المسلمين بدورهم ومساهمتهم التاريخية في تطور العلوم. فقبل نحو 800 عام حقق العلماء المسلمون بعض الاكتشافات المهمة الكبيرة في تطور العلوم. ولكن ما الذي يهدف إليه أوباما بتوجيهاته لوكالة ناسا في هذا الخصوص؟ بل السؤال الأهم هو: ما هي دوافع أوباما وراء هذه التوجيهات؟ وفي محاولة الإجابة عن هذين السؤالين، علينا البحث عميقاً عما يحلم به أوباما. ولحسن الحظ، يغنينا أوباما عن مشقة البحث والاستقصاء بإجابته عن مثل هذه الأسئلة في كتابه " أحلام من أبي: قصة العرق والوراثة". وكان ممكناً لنا أن نكتفي بعنوان الكتاب وحده، لأنه يكشف الكثير من الحقائق الغامضة عن أوباما. ولكن دعنا نسوق بعض الأمثلة لما ورد في الكتاب فيما يلي: لقد استقيت كل الخصائص والسمات المميزة لشخصيتي من صورة أبي الأسود القادم من أفريقيا، وهي خصائص مارتن لوثر كنج ومالكولم إكس، ودوبوا ونيلسون مانديلا". وعلى رغم أن أوباما يعترف بكل صراحة بالخدعة التي وقع فيها عندما تعرّف أكثر إلى والده فيما بعد، فإن هناك كثيرين ممن عرفوا أوباما عن كثب، من يؤكدون أن قوة الأيديولوجيا التي أشعلها الأب في نجله، لا تزال تضطرم في دواخله. وضمن هذه الشهادات قالت جدته سارا أوباما في لقاء لها أجرته معها مجلة "نيوزويك": إنني أنظر إليه فأرى الأشياء نفسها. لقد ورث أوباما كل شيء من أبيه. وبفضل ذلك حافظت العائلة على تماسكها وكل إرثها حتى الآن، لأن الابن يعلم جيداً ما يريده أبوه: أن يكافح من أجل الآخرين. ولا تزال أحلام الأب حية متقدة في نفس الابن". وبذلك نصل إلى الاستنتاج الذي نبحث عنه: فحلم أوباما هو حلم الأب نفسه، وكذلك هي أيديولوجيته المعادية للاستعمار. وهذا ما تثبته خلفية نشوئه. فقد شب الأب عن الطوق خلال كفاح وطنه كينيا من أجل نيل استقلالها من الاستعمار الإنجليزي. ولديّ من المعرفة بما يكفي عما تكون عليه أيديولوجية معادية لاستعمار، لأنها كانت الأيديولوجية التي آمن بها والديّ وأجدادي لكوني نشأت في الهند في مرحلة ما بعد الاستعمار البريطاني. كما شكلت هذه الأيديولوجية وعي أجيال من مواطني دول العالم الثالث خلال النصف الثاني من القرن العشرين. والمبدأ الأساسي الذي تقوم عليه هذه الأيديولوجية هو أن العالم ينقسم بشكل رئيسي إلى قسمين: هما استعماريون ومستعمَرون. والاستعماريون هم الأميركيون والأوروبيون، الذين استفادوا من ثروات شعوب الدول النامية في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية. ولا تزال أميركا تحتل دولتين خارجيتين هما العراق وأفغانستان. وبهذه المناسبة يقول الرائد الفضائي السابق آرمسترونج إن هبوط مكوك أبولو 11 على سطح القمر للمرة الأولى في عام 1969 كان خطوة جبارة للبشرية كلها، بقدر ما هي كذلك لأميركا. وكأن العلم الأميركي الذي رفع حينها فوق القمر كان يقول: نحن الأميركيين من فعل هذا. وفي استطاعتي أن أدرك أن ذلك كان نفسه رأي الكثيرين في دول العالم الثالث. وإذا كان الرئيس أوباما يشارك هؤلاء الكثيرين الرأي، فليس ثمة غرابة في أن يسعى الآن لتغيير المهمة الفضائية التي أنشئت من أجلها ناسا، إلى مهمة أرضية فيحقق بذلك هدف تحرير الفضاء الخارجي من الاستعمار الأميركي! دينيش دوسوزا رئيس كلية كنجز بنيويورك ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©