الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السويد... تمسك شعبي بـ«دولة الرعاية»

22 يناير 2014 23:11
يبدو أن رئيس الوزراء السويدي، «فريدرك رينفيلت»، الذي اعتمد في سياسته طيلة السنوات الثماني الماضية على خفض الضرائب على الناخبين وتمكينهم من الحفاظ على نسبة أكبر من دخلهم، يسير نحو الهزيمة في الانتخابات المقرر عقدها خلال شهر سبتمبر المقبل. وبدلاً من برنامجه القائم على خفض الضرائب من المتوقع أن يدعم الناخبون كتلة المعارضة التي يقودها الحزب «الديمقراطي الاجتماعي»، الذي تعهد بتعزيز دولة الرعاية الاجتماعية من خلال الزيادة في الضرائب، فحسب بعض استطلاعات الرأي تتفوق المعارضة المهيئة أكثر لكسب الانتخابات على الائتلاف الحاكم بحوالي عشر نقاط. والظاهر أن السويديين مهتمون أكثر بجذورهم التقليدية في المسألة الاقتصادية التي تميل أكثر نحو دولة الرعاية، وذلك في خضم الأزمة المالية العالمية والاضطرابات الاقتصادية التي تجتاح أوروبا على مدى نصف العقد الأخير، الأمر الذي عمّق الإدراك لدى الناخبين في السويد بأن العقد الاجتماعي في الكثير من الدول الأوروبية أصبح في مهب الريح، وأنه من الأفضل لهم الحفاظ عليه والتمسك به حتى لو كان ذلك يعني دفع المزيد من الضرائب للدولة، لا سيما بعد الاختلالات الكبيرة التي شهدتها دول جنوب أوروبا وتسجيل معدلات بطالة قياسية أثرت سلباً على نسبة النمو ليعيد بذلك الثقة إلى نموذج شمال أوروبا القائم على دولة الرعاية التي توفر للمواطنين الخدمات الأساسية من صحة وتعليم وتعويضات على البطالة وغيرها. وعن هذا الموضوع يقول سمير العروسي، الشاب السويدي البالغ من العمر 27 سنة والذي يعمل في قطاع تكنولوجيا المعلومات، «علينا الاحتفاظ بالنموذج الحالي لإصلاح أعطاب المجتمع»، لكنه أضاف بأن السويد في حاجة لمداخيل إضافية حتى تتمكن من الإنفاق على البرامج الاجتماعية. بيد أن السياسة التي اعتمدها «رينفيلت» اختلفت عن التوجه التقليدي في السويد، حيث سعى إلى خفض الضرائب لتوفير المزيد من الوظائف، ومع أنه حافظ فيه على نسبة عجز منخفضة تنسجم مع المعايير الأوروبية المحددة في 3 في المئة من نسبة الناتج المحلي الإجمالي، إلا أن معدل البطالة ظل مرتفعاً وبلغ 8 في المئة خلال شهر نوفمبر الماضي ليسجل النسبة الأعلى في الدول الإسكندنافية. ولكي يعوض رئيس الوزراء عمليات خفض الضرائب المتوالية منذ 2006 وخلق مداخيل جديدة للدولة أقدم على تقليص تعويضات البطالة والمرض التي كان السويديون يحصلون عليها، كما عمدت حكومته على خفض الضرائب على الشركات بحوالي 6 نقاط لتنحدر إلى نسبة 22 في المئة، وهي ما دون المعدل المعمول به في الاتحاد الأوروبي والمتمثل في 22.85 في المئة. هذه السياسة أوضحها رئيس الوزراء نفسه بقوله «إذا استطعنا أن نظهر بأننا أجرينا إصلاحات ساهمت في خلق الوظائف، ونجحنا في قيادة السويد خلال فترة الأزمة، وبأننا خرجنا أقوى من باقي الدول، وقتها أعتقد بأن الناس ستقدر ذلك».لكن ما أظهرته استطلاعات الرأي، والتي كان آخرها في شهر نوفمبر الماضي يذهب عكس هذا الاتجاه، حيث كشفت أن ستة من بين كل عشرة سويديين يعارضون خفض المزيد من الضرائب. لذا سارع «أندريس بورج» وزير المالية في الحكومة الحالية، إلى التأكيد في الأيام القليلة الماضية أن الحكومة لن تسعى إلى تقليصات إضافية للضرائب، بل إنها قد تفكر في رفع تمويلها للتعليم، وكانت عائدات السويد من الضريبة قد انخفضت إلى 44.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة مع أوجها الذي وصلته في عام 1999 بنسبة 51.5 في المئة عندما كان «الديمقراطيون الاجتماعيون» في السلطةف نسبة المستفيدين من المساعدات في عام 2000. وتفخر السويد حالياً بأنها تحتل المرتبة الخامسة في الدول المتقدمة من حيث نسبة الضرائب العالية وراء دول مثل فرنسا والدنمارك، وتساهم مداخيل الضرائب في تمويل عدد من الخدمات مثل الدراسة المجانية والرسوم المنخفضة جداً بالنسبة لرعاية الأطفال والاستشفاء. وبدلاً من تقليص الضرائب يريد السويديون من حكومتهم التركيز أكثر على تحسين مستوى التعليم في المدارس والجامعات، حيث تحول التعليم إلى موضوع للنقاش الوطني بعد الدراسة التي أصدرتها منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي في شهر ديسمبر الماضي وأظهرت أن طلبة السويد شهدوا أسوأ تدن في مهارات الرياضيات والعلوم في العالم المتقدم بين عامي 2009 و2012. وكانت المعارضة قد أسقطت مقترح قانون يقضي بخفض الضرائب على أصحاب الأجور العالية بالتصويت ضده في الجلسة البرلمانية للشهر الماضي، حيث انضمت كتلة المعارضة بأحزابها الثلاثة ومعها حزب «الديمقراطيون السويديون» المناهض للمهاجرين لمنع تمرير القانون، ويتعهد «الديمقراطيون الاجتماعيون» بعد توليهم السلطة برفع مداخيل الدولة ليتسنى لها الإنفاق على تعويضات البطالة والمرض، بالإضافة إلى الاستثمار أكثر في التعليم وخلق الوظائف، إذ أكد الحزب أنه يريد للسويد أن تسجل أدنى معدل للبطالة في الاتحاد الأوروبي بحلول 2020. أما «كارل هاملتون»، المتحدث الاقتصادي باسم الحزب «الليبرالي» المشارك في الحكومة، فإنه وخلافاً لباقي الدول «لا يتعين على المرشح للانتخابات في السويد التعهد بخفض الضرائب لكسب الأصوات وتحقيق الفوز، لأن الناس يشعرون بأن ما يحصلون عليه من الدولة مقابل الضرائب التي يدفعونها معقول جداً ولا يوجد داع للتضحية بالمكاسب الاجتماعية السخية من أجل بقاء بعض المال في الجيب». ‎جوهان كارلستروم ونيكلاس ماجنوسون ستوكهولم ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©