الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جنيف- 2 وضرورة تعديل الاستراتيجية الأميركية

جنيف- 2 وضرورة تعديل الاستراتيجية الأميركية
22 يناير 2014 23:10
يقال إن الصورة تغني عن ألف كلمة، وهذا ينطبق بالتأكيد على صورة لوزير الخارجية السوري المبتهج وليد المعلم عندما ظهر أمام الكاميرات وهو يصافح وزير الخارجية الروسي المبتسم سيرجي لافروف الأسبوع الماضي في موسكو، كما لو أنها تحية انتصار. ويعكس ابتسام الرجلين نجاح موسكو ودمشق بالإضافة إلى طهران طبعاً في الانتصار على مقاتلي المعارضة السوريين والولايات المتحدة قبل محادثات السلام بشأن سوريا التي بدأت أمس الأربعاء. والمحادثات التي تعقد في سويسرا تقع في قلب الاستراتيجية الأميركية للإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد. لكن «المعلم» و«لافروف» يعملان جيداً على إفشال السياسة الأميركية في الصراع، ولم يعد مقبولاً أن يعيد البيت الأبيض تقييم استراتيجيته تجاه سوريا على أساس تجاهل الحقائق على أرض الواقع. فالهدف الأصلي من محادثات السلام التي تعرف بمحادثات جنيف- 2 هو أن يتفق النظام والمعارضة على حكومة انتقالية يتبعها في نهاية المطاف إجراء انتخابات. ومن المفترض أن يوافق على هذا الجانبان، مما يضمن خروجاً للأسد من السلطة لأن المعارضة السورية لا تقبل أبداً أن يكون له أي دور سياسي في المستقبل. وأكد وزير الخارجية الأميركي جون كيري الأسبوع الماضي على أن هذه الشروط مازالت تمثل أساس محادثات السلام. لكن روسيا وسوريا أوضحتا أنهما لا تتفقان مع «كيري»، واتضح أيضاً أن نفوذه في التأثير عليهما ليغيرا وجهة نظرهما، لا يزال قليلاً. وفي مؤتمر صحفي قبل أسبوعين، أصر الأسد على أنه يعتزم البقاء في السلطة. ودون أي شعور بالخزي زعم الرئيس السوري أن الصراع يدور بين وطنيين وإرهابيين، وبين مواطنين وقتلة. ولم يرد أي ذكر لذبح النظام السوري للمحتجين المسالمين الذين طالبوا بإصلاح ديكتاتورية النظام الذي يحكم البلاد منذ أكثر من 40 عاماً، ولا أي ذكر للقصف واسع النطاق للمدنيين، ولا إطلاق الغازات القاتلة عليهم، ولا تجويعهم. ويرى «يزيد صاغية» من مركز كارنيجي في الشرق الأوسط خلال مؤتمر عبر الهاتف من بيروت أن هذا يتفق مع محاولة النظام تغيير ما يُروى عن الأحداث للتركيز على قتال الإرهاب. ويستغل الأسد بمهارة المخاوف الغربية من القاعدة التي اكتسبت زخماً في أنحاء من سوريا. والرئيس السوري لم يذكر بالطبع دور نظامه في دعم عودة «القاعدة» التي يتمتع الكثير من نشطائها المحليين بعلاقات متينة مع أجهزة الاستخبارات السورية. فما عساه أن يكون أفضل من الصراخ الصاخب المحذر من خطر «الجهاديين» لاقناع الدول الغربية بضرورة وجود طاغية أشد بأساً وبطشاً ؟ بل ذهبت بشاعة النظام السوري أبعد من هذا. فهو يعلم أن واشنطن التي تخشى من احتمال فشل جنيف 2 ، تأمل في أن يتمخض الاجتماع عن انفراجة على الأقل في طريقة توصيل المساعدات الإنسانية للسوريين. ولذا وفي بادرة كرم فيما يبدو، قدم المعلم للافروف خطة مفترضة يوم الجمعة لوقف إطلاق النار في حلب المحاصرة بالإضافة إلى تبادل الأسرى. لكن النظام استغل مراراً وقف إطلاق النار والتوصيل المحدود للمساعدات الإنسانية كمكيدة لاعتقال مقاتلي المعارضة وإرغام قواتها على ترك المناطق التي تسيطر عليها. ويشير صاغية إلى أنهم إذا انتقلوا إلى عمليات وقف إطلاق النار المحلية، فإن النظام الحاكم سيفوز في كل مرة وفي غضون ستة أشهر سيكون في وضع أقوى. إلى أين يقود هذا محادثات جنيف 2 ؟ إلى لا شيء، ما لم تعدل واشنطن استراتيجية تبقي الأسد في السلطة. أولاً، فالإدارة يجب أن تتخلى عن وهمها الذي تعتنقه منذ فترة طويلة وهو أن الحجج المنطقية سوف تقنع روسيا بأن يترك الأسد السلطة. نظام الأسد وحلفاؤه يحترمون القوة وقد فشلت واشنطن في استعراضها. ورفضت الإدارة الأميركية تسليح مقاتلي المعارضة من غير الجهاديين مما جعل كثيرين من المقاتلين ينتقلون إلى كتائب الإسلاميين المتشددين. وقرار الرئيس أوباما بألا يشن هجوماً على قواعد الأسد العسكرية بعد أن استخدم الأسلحة الكيماوية ضد المدنيين أقنع السوريين بأن واشنطن تريد أن يبقى الطاغية في السلطة وأدى أيضاً إلى إثناء عزم الكثير من القيادات الكبيرة المذبذبة في الجيش السوري عن الانشقاق عن المؤسسة العسكرية. ولم يحقق توصيل المساعدات غير القتالية التي توقفت الآن لمقاتلي المعارضة الا القليل من التأثير واستئنافها لن يكون له إلا تأثير ضئيل. واذا كانت الإدارة تريد ترك الأسد للسلطة فعليها أن تعيد التفكير في رفضها المساعدة في تسليح المزيد من مقاتلي المعارضة المعتدلين خاصة الجماعات المستعدة لقتال القاعدة وأيضاً الأسد (ولا يكفي تكليف السعوديين بالاضطلاع بهذه المهمة).وعندما يتعلق الأمر بالسعي الى تحقيق انفراجة في توصيل المساعدات الإنسانية في جنيف 2، يتعين أن تكون جهود الولايات المتحدة أكثر منهجية. ويجب أن تصر واشنطن على أن يسمح الأسد بمرور المساعدات الإنسانية بحرية عبر الحدود التركية الى المناطق التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة حيث يوجد مدنيون في أمس الحاجة للمساعدات ويجب على المسؤولين الأميركيين أن يطالبوا علنا الأمم المتحدة بأن تتخلى عن سياستها غير المعقولة التي تقضي بألا تمر معظم المساعدات الغذائية والطبية إلا عبر دمشق وهو الأمر الذي يضمن ألا تصل المساعدات إلى أكثر المناطق التي يسيطر عليها المعارضة والتي هي في أمس الحاجة إليها. ويجب استخدام المساعدات الإنسانية في تعزيز المجالس المدنية التي تحاول أن تحكم المناطق التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة. وسيتضح في جنيف إذا ما كانت الإدارة تفكر في تصعيد مناوراتها لتدفع موسكو لأن تعيد التفكير في دعمها الذي بلا حدود للأسد. واذا لم تفعل الإدارة الأميركية هذا فسوف يكون لدى لافروف والمعلم أسباباً جيدة للغاية كي يبتسما. ‎ترودي روبن محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم.سي.تي.انترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©