الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شافيز وكاسترو ... شراكة وطيدة

18 يوليو 2011 22:26
خوان فوريرو كاراكاس يحكي شافيز أنه قال "هناك شيء ما ليس على ما يرام" وأن معلمه البالغ من العمر 84 سنة فيديل كاسترو قد فهم ما يقصده على الفور. يقول الرئيس الفنزويلي إن كاسترو سأله" مم تشكو؟" ثم طلب منه أن يقف، وأخذ يتفحصه بعينيه اللتين تشبهان نظرتهما نظرة الصقر ثم سأله: أين يتركز الألم؟ يواصل شافيز حكايته عن اللقاء الذي جمعه بالزعيم الكوبي خلال زيارته لهافانا منذ شهر بقوله إن كاسترو قد بدأ يسأله بعد ذلك كما يسأل الأب ابنه، وأنه ـ أي شافيز ـ قد أجاب عن أسئلته كما يجيب الابن على الأسئلة التي يوجهها إليه أبوه. وبناء على إصرار الرئيس الثوري العجوز، اضطر شافيز أن يخضع لمشرط الجراحين الكوبيين كي يزيلوا من جسمه ورماً حميداً ما كان يعرف من قبل أنه موجود. وبعد ذلك أحضر كاسترو ـ كما يقول ـ زبدة فول سوداني أعدها بنفسه كي يتناولها شافيز الذي كان يمر بفترة النقاهة ثم بدأ يثرثر معه حول الشؤون العالمية. وقال شافيز في لقاء له مع التلفزيون الكوبي الرسمي بعد ذلك في معرض تعبيره عن شكره وامتنانه البالغ للزعيم الكوبي "إن كاسترو رجل يشبه القديسين". وفي الحقيقة أن الدور الكبير للغاية الذي لعبه كاسترو في التخفيف من محنة شافيز مع مرض السرطان، قد أبرز بجلاء ليس فقط الطبيعة الشخصية بل الأبوية للعلاقة التي تربط بين الزعيمين، وإنما أيضاً مدى الأهمية التي تعقدها كوبا التي يحكمها نظام شيوعي عتيق على صحة شافيز. والعلاقة التي أقامها الزعيمان مبنية على مشاعر التقدير المتبادل والود الخالص، كما تقول مصادر في حكومة شافيز. ليس هناك شك في ذلك بالطبع ولكن هناك جوانب أخرى تنبني عليه تلك الصداقة منها على سبيل المثال أن الكوبيين يحققون الكثير من خلال الاعتماد على شافيز الذي أعلن يوم الأربعاء أنه قد يخضع للعلاج الكيماوي في كوبا. فمنذ أن تولى السلطة في فنزويلا عام 1999 قام شافيز بشحن ما قيمته عشرات المليارات من الدولارات من النفط المدعم لكوبا سنوياً. يقول "مواسيه نعيم" الزميل الرئيسي بمؤسسة "كارنيجي للتعاون الدولي" في واشنطن: بالنسبة للكوبيين، لا يعد شافيز صديقاً وحليفاً أيديولوجياً فحسب، وإنما يمثل أيضاً شريان الحياة بالنسبة لاقتصاد الجزيرة" ويضيف"نعيم": "إن ضمان وجود حكومة صديقة لكوبا في فنزويلا، يعد مسألة حياة أوموت بالنسبة للنظام الحاكم في كوبا". وعلى الرغم من الشراكة الثورية بين النظامين، فإن فنزويلا تلعب دوراً أكثر أهمية بكثير بالنسبة لكوبا مما يعتقد كثيرون. فباحتياطياتها البترولية الهائلة، عوضت فنزويلا كوبا عن الدولة السابقة التي كانت تلعب دور الدولة المحسنة لها، وهي الاتحاد السوفييتي السابق الذي تهاوى منذ ما يقرب من عقدين من الزمن. وفي الواقع أن 100 ألف برميل التي تتلقاها كوبا يوميًا من فنزويلا، هي التي تبقي المصابيح مضاءة في كوبا( فعليا وليس مجازياً) وهي كمية في غاية الأهمية خصوصاً في الوقت الراهن الذي بدأت فيها كوبا تفكـر جدياً في اتخاذ إجراءات لتحرير الاقتصاد وتعويمه. يقول "برايان ليتيل" المحلل السابق في البيت الأبيض ومؤلف كتاب" ما بعد فيديل: القصة الداخلية لنظام كاسترو وقائد كوبا التالي": إذا افترضنا أن الدعم الذي تقدمه فنزويلا لكوبا قد انتهى فجأة، لأي سبب من الأسباب، فإن كوبا سوف لن يكون أمامها في هذه الحالة، سوى فرصة محدودة زمنياً للغاية قد لا تزيد عن عدة أسابيع، ولا يمكن أن تزيد عن شهر أو شهرين بأي حال من الأحوال كي تتمكن من عمل تعديلات بالغة الصرامة حتى تبقى طافية". لذلك فإن مرض شافيز الذي أصبح علنياً بعد خطاب أُعد له جيداً في هافانا، سرعان ما انتشر عبر مختلف أنحاء كوبا ولقى تعاطفاً كبيراً من شعبها الذي كان قد أحس بذلك التعاطف من قبل وهو يرى كاسترو يفوض سلطاته لشقيقه الأصغر راؤول في عام 2006 ، بعد أن أصبح غير قادر على ممارسة تلك السلطات بسبب مرض خطير في الأمعاء ألم به، وحال بينه وبين ممارسة الحكم. ويقول الخبراء إن النفط الفنزويلي يسمح لراؤول كاسترو أن"يشتري الوقت الذي يمكنه من الاستعداد لمواجهة السخط الذي يشعر به سكان الجزيرة بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية" بحسب "يوانزي سانشيز" صاحب مدونة"جينيريشن واي" الذي يقيم في هافانا. ويضيف "أما خسارة شافيز ذاته فيمكن أن تسرع بسقوط راؤول ذاته". وفي حين يختلف بعض خبراء كوبا مع هذا السيناريو المتشائم، فإن الأمر المؤكد هو أن كاسترو قد بذل قصارى جهده كي يتأكد من أن شافيز سوف يحصل على أفضل رعاية طبية ممكنة خلال فترة علاجه في كوبا. وعندما تكللت الجراحة الأولى التي أجريت لاستئصال الورم الحميد من شافيز بالنجاح، فإن كاسترو احتفل بهذا المناسبة واحضر معه هدية رمزية لشافيز عبارة عن لحم ضأن وأسماك محلية فاخرة وأظهر قدراً كبيراً من السعادة والفرح بهذه المناسبة، دفع شافيز للقول إن كاسترو قد بدا وهو يقدم الهدايا له بمناسبة نجاح العملية" مشرقاً ومرحاً ومتفائلاً لأقصى درجة". وشافيز الذي عاد لكاراكاس الأسبوع الماضي، مازال يتعين عليه تحديد نوع السرطان الذي يعاني منه حيث لم يذكر شيئاً عن ذلك في الخطاب الذي ألقاه في التلفزيون الرسمي للدولة عقب عودته، والذي ركز فيه بصفة أساسية على الدور المهم الذي لعبه كاسترو في علاجه والوقوف لجانبه. وقال شافيز في ذلك الخطاب:"لولا كاسترو ما كان يمكن لأي أحد أن يعرف في أي متاهة كنت سأكون الآن". ينشر بترتيب خاص مع خدمة" واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©