الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المالكي يبحث عن تحالفات مع السنة

15 يوليو 2013 22:44
بن فان هوفلن بغداد في وقت تمارس فيه نفوذاً معتبراً في سوريا وحول المنطقة، تواجه إيران مقاومة من مصدر قد لا يخطر على بال هو: ديمقراطية العراق المتعثرة والمنقسمة على نفسها. ذلك أن رئيس الوزراء المالكي، الذي طلب اللجوء في إيران ذات مرة كمنفي، قد حافظ رسمياً على حياده في وقت رمى فيه جاره الشرقي بثقله الكامل وراء النظام السوري. وبحكم الضرورة السياسية، قام المالكي مؤخراً بجهود محسوسة لبناء تحالفات مع مجموعات سنية عراقية معتدلة، مقدماً إشارةً حول التعاون العابر للطوائف في منطقة تتميز على نحو متزايد بالتصدع الديني. ولكن «إخواننا الإيرانيين لا يعجبهم هذا الأمر»، يقول مستشار مقرب من المالكي، وافق على الحديث شريطة عدم الكشف عن هويته نظراً لحساسية الموضوع. ويزداد التنافس الطائفي في المنطقة مع تصاعد الحرب الأهلية السورية، والعراق عالق في الوسط. والجدير بالذكر هنا أن الأغلبية الشيعية في العراق تعيش بشكل رئيسي في الجزء الشرقي من البلاد، قريباً من إيران، التي زودت نظام الأسد بالأسلحة والمقاتلين. أما السنة العراقيون، الذين يشكلون نحو ثلث السكان، فيعيشون بشكل رئيسي في الغرب والشمال، قريباً من سوريا، حيث يتلقى الثوار السنة في معظمهم الدعم من تركيا والسعودية وقطر. والحكومة العراقية التي يقودها الشيعة تتجنب الانحياز إلى طرف معين، على الأقل علانية. وعلى رغم أن العديد من الساسة يخشون أن يكون أي نظام جديد في سوريا معادياً للعراق، إلا أنهم قلقون أكثر بخصوص خطر الاضطراب الداخلي. وإذا كانت الحكومة تغض الطرف عما ترسله إيران من أسلحة إلى دمشق عبر المجال الجوي العراقي، فإنها تستجيب أيضاً للضغط الدبلوماسي من الولايات المتحدة عبر تفتيش بعض الرحلات الجوية والإحجام عن تقديم دعم مباشر أكبر. ويقول علي موسوي، المتحدث باسم المالكي: «إن حلاً عسكرياً ليس حلاً مناسباً بالنسبة للنزاع السوري». ومع ذلك، فقد تأثر العراق بالنزاع كثيراً، حيث تقوم مجموعات عراقية مسلحة بالقتال على كلا الجانبين. وفي هذا الإطار، تحالف تنظيم «القاعدة» في العراق رسمياً مع مجموعات متطرفة في سوريا، في حين أرسلت أيضاً ميليشيات شيعية عراقية مدعومة من قبل إيران مقاتلين للدفاع عن نظام الأسد. بل إن الاضطرابات امتدت إلى العراق، الذي شهد مؤخراً أكثر ثلاثة أشهر دموية منذ خمس سنوات، ما أجج المخاوف من العودة إلى الحرب الأهلية الطائفية التي ابتلى بها العراق في عامي 2006 و2007. وفي هذا الإطار، كثفت مجموعات مقاتلة سنية، حفزها القتال في الجانب الآخر من الحدود، هجماتها داخل البلاد. كما استغلت الاستياء بين السكان السنة، مخترقة في بعض الحالات مظاهرات سلمية. ورداً على هذه الاضطرابات، بدا في البداية أن المالكي يتلقى النصائح من الجنرال قاسم سليماني، قائد الحرس الثوري الإيراني الذي يدير عمليات إيران في العراق وسوريا. ومعلوم أن إيران تقوم بإرسال ملايين الدولارات إلى المرشحين السياسيين الشيعة في العراق، كما تمول وتدرب وتجهز الميليشيات الشيعية. ويقول سياسيون عراقيون إنه من المعلوم أن السفارة الإيرانية هي مقر للحرس الثوري، حيث يقوم السفير برفع تقاريره إلى سليماني. ومن خلال وسطاء، شجع سليماني المالكي على لعب دور «المدافع عن الشيعة» عبر قمع المعارضة السنية واستغلال الانقسامات الطائفية لتأمين قاعدة موحدة لدعم الشيعة، وفق مستشار المالكي. وفي أبريل الماضي، قامت قوات أمن تابعة لرئيس الوزراء بمهاجمة مظاهرة سنية في مدينة الحويجة الواقعة في الشمال، ما أسفر عن مقتل 50 شخصاً على الأقل. وهو الحادث الذي أثار سلسلة من الهجمات الانتقامية والتفجيرات والاستقطاب الطائفي. ويقول مستشار المالكي، في إشارة إلى قاسم سليماني بلقب رقيق: «إن حجي قاسم لديه الكثير من الناس هنا والكثير من الطرق للتواصل»، مضيفاً «إن السياسة الطائفية تُستعمل من أجل تكريس السلطة السياسية». ولكن منذ انتخابات المحافظات العراقية في أبريل ويونيو، يبدو أن المشهد السياسي قد تغير. واليوم، قد تكون الحسابات السياسية البراجماتية أخذت تدفع المالكي، الذي يواجه استحقاق إعادة الانتخاب العام المقبل، لتبني مقاربة أقل طائفية. ولعل الأهم من ذلك هو أن المالكي يبدو أنه لم يعد يحظى بدعم قاعدة شيعية موحدة، حيث خسر حزبه بعض الدعم في انتخابات المحافظات، ونجحت أحزاب منافسة في السيطرة على حكومات محلية في بغداد والبصرة، التي تعد أهم مدينة قريبة من حقول النفط الجنوبية. ولكن في محافظة الأنبار المضطربة ذات الأغلبية السنية، ذهب أكثر من ثلث الأصوات إلى أحزاب منحازة إلى رئيس الوزراء بشكل فضفاض -وهو مؤشر على أنه على رغم الاحتجاجات، إلا أن المالكي يمكن أن يتحالف مع سنة معتدلين لتشكيل ائتلاف حاكم. وفي هذا الإطار، يقول سامي العسكري، وهو مستشار ثان مقرب من المالكي وعضو في البرلمان: «ستكون ثمة تسوية سياسية مع شريحة من السنة». يشار هنا إلى أن الزعماء العراقيين اتخذوا مؤخراً خطوتين لتلبية مطالب سنية؛ حيث تم تمرير قانون في يونيو الماضي نقل صلاحيات مهمة من الحكومة المركزية إلى المحافظات، وهو ما يبدو أنه يستجيب لدعوات المحتجين إلى مزيد من الاستقلالية عن بغداد. أما الخطوة الثانية، فتتمثل في موافقة المالكي على مشروع قانون من شأنه السماح للعديد من الأعضاء السابقين في حزب «البعث» بتولي مناصب حكومية. وتعليقاً على هذه النقطة، قال كيرك سووَل، المحلل السياسي ورئيس تحرير «إنسايد إيراكي بوليتيكس»: «إنه مسعى لتحقيق توافق كبير جداً!». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©