الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأنثى القنّاصة

الأنثى القنّاصة
12 يوليو 2012
كانت الفنانة المصرية نادية الجندي حاضرة في عمان بشخصيتها المتعجرفة المتسلطة فنيا.. هذا ما خرج به المشاهدون عقب مشاهدة الفيلم الأردني “توأم روحي” وهو من إنتاج عصام حجاوي وإخراج سائد هواري وتأليف محمد أزومة وبطولة الفنانة السورية صفاء سلطان وعبدالكريم القواسمه وعبير عيسى وياسر المصري وسحر بشارة ومحمد الضمور وآخرين. الفيلم احتوى مشاهد منتقاة من المسلسل الأردني الذي حمل ذات العنوان وشارك في مهرجان الخليج للأعمال التليفزيونية الذي انعقد بالمنامة. ويروي الفيلم قصة شقيقتين توأمين متطابقتين بالأوصاف جسديا، بحيث يصعب على أي شخص التمييز أو التفريق بينهما، لكنهما مختلفتان ومتنافرتان في طباعهما وسلوكهما ونمط حياتهما وتعاملهما مع الآخر. وعلى مدى 70 دقيقة تقريبا قدمت صفاء سلطان شخصيتين متناقضتين، الأولى شريرة مزواجة تبحث عن الرجال والمال بغض النظر عن الطريقة، والثانية طيبة تحتاج فرصة صغيرة للحب والأمان والاستقرار. صفاء سلطان (رجاء) تحب الرجال وتفتك بهم في الوقت ذاته، وكأنها تريد الانتقام ربما جراء تجربة عاطفية فاشلة أو خبرة أسرية سلبية مختزنة، وتجد متعة في إغواء الرجال وخاصة المتزوجين وتتآمر على شقيقتها التوأم “فاتن” وتنجح في إفلاسها لدرجة العوز، كما قال المنتج عصام حجاوي. وكما جرت العادة وأثبتته أحداث الفيلم، فالشر لا يدوم كالمال الحرام تماما، فرجاء التي أوقعت زوجين في شباكها وشردت عائلتيهما وتعتبر نفسها محصنة ضد نسائم أو عاصفة الحب، تقع فريسة مستسلمة أمام رعشة قلبها تجاه رسام لا يزال يشق طريقه نحو المستقبل هو الفنان ياسر المصري الذي أثبت أنه ممثل مبدع وراقص رائع في الوقت ذاته. ويذكر أن ياسر المصري عمل قبل ولوجه المسلسلات التليفزيونية وخاصة البدوية منها راقصا ومدربا للرقص في فرقة الحنونة للتراث الشعبي التي تقدم بين فترة وأخرى برنامجها “حراس الذاكرة” لإبقاء التراث الفلسطيني في ذاكرتنا وحمايته من سرقة المهاجرين الذين ما زالوا يبحثون عن جذور لهم في الأرض من دون جدوى. أما النهاية فكانت مأساوية فالأشرار يلقون جزاءهم كالدارج في الأفلام العربية منذ عشرات السنين، وإلا فما هي نهاية المؤامرات والصراعات التي بذرت في الجهات الأربع ودفع ثمنها كثيرون غير هيجان رغبة الانتقام التي تتفجر وفق تسلسل أحداث الفيلم في قيام الزوجين المغدورين بالعمل على تصفية حساباتهما مع رجاء/ فاتن” عقب خروجهما من السجن. أما الفنانة عبير عيسى فقد أثبتت خبرتها وقدرتها على تجسيد دورها وباللغة المحكية الدارجة حيث تؤدي دور جارة “حشرية” تتدخل في شؤون جيرانها ليس للتجسس عليهم بل لحراستهم وحمايتهم من الموت وبقلب أو ليّ الحقيقة المتعارف عليها بين البشر. فالمثل الشعبي القديم “من راقب الناس مات هما” أصبح في عرف عبير عيسى “من راقب الناس حماهم من القتل” لتبرير تدخلها وحشر نفسها في حياة الجيران وطرق أبوابهم أينما تشاء رغم محاولات الزوج عبد الكريم القواسمة المتكررة لتصحيح نمط حياتها “الطبع غلب التطبع”. أما الموسيقى التي وضعها الفنان وليد الهشيم فقد كانت مؤثرة ومبتكرة.. مستقاة من التراث والطبيعة بهدوئها وصخبها فيما قدمت الفنانة غادة عباسي بصوتها العذب الصافي إشارة الفيلم وهي قصيدة للشاعر موسى حوامدة. وقد أثار الفيلم ردودا وتعليقات متباينة بعضها سلبي والآخر إيجابي، وهذا دليل على نجاحه، فالعمل الفني الذي يثير نقاشا حول فكرة معينة أو تناول قضية ما “ضد ومع” هو الناجح والمطلوب وليس الذي تشاهده ولا يحرك داخلك أفكاراً راكدة. وعقب العرض في المركز الثقافي الملكي رأى بعض الحضور وهم من شرائح اجتماعية متباينة أن دور صفاء سلطان كان مقنعا وجميلا ومؤثرا وهي تجسد شخصية الشقيقة الطيبة الهادئة حتى وهي تطالب بحقوقها من ورثة والدها، لكن هذه الشخصية تتحول إلى “نمرة” فتاكة وقاسية تنتقي الرجال الأثرياء معيدة للأذهان شخصية نادية الجندي في أكثر من عمل سينمائي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©