الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المشغولات الفضية تزيح الذهب عن عرش زينة السوريات

المشغولات الفضية تزيح الذهب عن عرش زينة السوريات
14 أكتوبر 2010 20:44
تتوزع غالبية ورش صناعة الفضة في مدينة حلب السورية، بينما تحافظ مدينة دمشق على حوالي خمسين ورشة في القباقبية وباب شرقي وسوق المهن التقليدية في التكية السليمانية، وهناك حوالي ثلاثمائة متجر، معظمها متوزعة في الأحياء القديمة، ونصفها يبيع القطع الفضية إلى جانب التحف الشرقية، وغالبية العاملين في هذه المهنة، تعلموها أباً عن جد، واستمروا فيها حباً لها، رغم أن الإقبال عليها شهد تراجعاً كبيراً في السنوات الأخيرة، بعد أن غزت الأسواق الحلي الفضية المصنعة آلياً، والأخرى المستوردة من الصين. فرادة التصميم يعتمد حرفيو الفضة التقليدية غالباً على تصاميم تراثية، فيزينون مشغولاتهم بنقوش ورسوم تقليدية، وهناك من يصنع القطعة بناء على رغبة الزبون، بحيث يقدم له مشغولات فريدة لا يكررها، ما يجعل هذه الورش تلقى إقبالاً من الشباب والشابات الذين يبحثون عن قطع فنية مميزة تلبي أهواءهم وأحلامهم أو لكي يقدموها هدايا تحمل قيماً رمزية، بالإضافة إلى أن بعض الزبائن يستخدمونها لأسباب صحية، فبعض الناس يضعون سواراً من الفضة لتفريغ الشحنات الكهربائية الزائدة في الجسد. ويقول المعلم سركيس كيرازيان إن الفضة من أكثر المعادن طواعية بأيدي الحرفيين، فهي سهلة السحب والطرق، ما يميزها عن غيرها من المعادن في قابلية تنفيذ أشكال وتصميمات غير محدودة، ويضيف أن كثيراً من زبائنه يأتون إليه لتنفيذ تصاميم يتخيلونها، وهو ينفذها لهم بسعادة؛ لأنه يعتبر صناعة الفضة التقليدية حرفة وهواية في الوقت نفسه، ولذلك فهو لا يكرر فكرة سبق أن نفذها، ولا يستمتع بإنتاج مشغولات فضية متشابهة. تنوع المشغولات تتنوع المشغولات الفضية تنوعاً واسعاً من حيث الوزن والسعر، فتبدأ من جرام واحد إلى ستين جراماً، أما أسعارها فظلت في متناول أيدي المستهلكين، لتلبي جميع الرغبات والأذواق والميزانيات. وهناك المشغولات الصغيرة التي تزين الأساور والتي لا يزيد وزنها على جرام، وهناك الأقراط والسلاسل التي تتدرّج أوزانها وهناك “البلاكات” الرجالية التي يصل وزنها إلى عشرين جراماً، والمسابح التي يزيد وزنها عن ستين جراماً، وهناك مشغولات فضية مطرزة بالأحجار الكريمة مثل الياقوت والزمرد والفيروز وغيرها، وهذه أسعارها غالية. ولا تقاس قيمة القطعة الفضية بوزنها من الفضة، وإن كان عاملاً مهماً في تحديد سعرها، فالحرفية في صنعها ومقدار الجهد الذي يبذله الصانع فيها هما ما يمثل النسبة الأكبر من قيمتها، إلى ذلك، يقول المعلم أبو محمد المصري إنه كلما ازداد حجم القطعة الفضية وزاد وزنها يقل سعر الجرام الواحد من الفضة الداخل في صناعتها، وعموماً فإن الوزن يمثل حوالي أربعين بالمائة من السعر، بينما الستون بالمائة الباقية هي للجهد الفني في القطعة. تطور الصناعة يتفنن حرفيون سوريون بإضافة عناصر أخرى لمعدن الفضة أحياناً، فهناك من يطلي الفضة بمعدن الروديوم، لكي تبدو وكأنها من البلاتين، وهناك من يلونها بألوان متعددة، أو يضيف إليها الأحجار الكريمة ونصف الكريمة. ويصنع حرفيون سوريون من الفضة أدوات للمطبخ واستخدامات أخرى، فهناك الملاعق والسكاكين والأطباق والصواني الفضية، وهناك الشرقيات الفضية والصناديق متنوعة الأحجام، وهذه الأشياء تصل قيمتها إلى عشرات آلاف الليرات السورية، وتعتبر تحفاً فنية، يقبل عليها نوع خاص من الزبائن والسياح. ويقول المصري إن طرائق الصنع تغيرت مع الزمن؛ ففي الماضي كانت تستخدم أفران خاصة بدائية تعمل على الفحم لإذابة الفضة، إلا أن الكهرباء أسهمت إلى حدٍ بعيد في تسهيل الأمر على الحرفي. كما أن المعدات تبدلت وتطورت، وإن كان العمل ظل يعتمد على مهارة الحرفي وموهبته. لكن المصري يأسف لتراجع عدد العاملين في هذه المهنة، بسبب تراجع الطلب عليها في العقود الأخيرة، وضياع الكثير من أسرارها، لكنه يتفاءل بأن ارتفاع أسعار الذهب وانصراف بعض الشرائح الاجتماعية عنه، يشكل فرصة مهمة لانتعاش هذه الصناعة من جديد، معتبراً أن “مصائب قوم عند قوم فوائد”. آراء وأذواق قرب أحد المتاجر المتخصصة ببيع مشغولات الفضة التقليدية في سوق المهن التقليدية بدمشق، وقفت فتاة في مقتبل العمر تتأمل الواجهة، وقالت إن الارتفاع الكبير في أسعار الذهب، جعل الفضة خياراً مناسباً لشرائح واسعة من الفتيات، حتى أصبح الأمر أشبه بالتقليعة الدارجة، فكثير من صديقاتها في الجامعة تعتمدن على الفضة وليس الذهب. وأضافت أن مشغولات الفضة تتميز بأنها متنوعة كثيراً، وهناك تصاميم تتميز بها، ولا يمكن تنفيذها بمعدن الذهب، مشيرة إلى أن بعض المتاجر تبيع الفضة المطلية بالبلاتين، وهو خيار معقول لمن يحب الذهب الأبيض، حيث يشتري قطعة الفضة بثمن بخس مقارنة بالمشغولات البلاتينية الخالصة. أما الطالبة الجامعية إسراء، فتقول إنها تضع في معصمها سواراً فضياً بشكل دائم، بعد أن لاحظت شحنات كهربائية زائدة في جسمها، تسري لدى ملامستها للمعادن، أو مصافحة صديقاتها. لكنها تفضل الذهب للزينة ولا تستغني عنه، رغم ارتفاع ثمنه. ويقول محمد، المقبل على الزواج، إن أسعار مشغولات الفضة تناسبه، وتعتبر خياراً جيداً مقارنة بالذهب، مشيراً إلى أنه حتى لو أصبح ثرياً فإنه يرى أن الفضة أجمل من الذهب بكثير. في حين تشكو رشا من التأكسد السريع للفضة، وبالتالي فهي بحاجة إلى عناية دائمة، ولكنها تتميز بأنها يمكن أن تحمل أحجاراً كريمة تعطي رونقاً خاصاً.
المصدر: دمشق
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©