السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«بانيتا» في «البنتاجون»: مؤشرات توجه جديد

17 يوليو 2011 21:49
ديفيد كلاود بغداد نقل وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا رسالة واضحة لا لبس فيها خلال أول زيارة له إلى الخارج منذ توليه رئاسة "البنتاجون" هذا الشهر مؤداها أن الحربين اللتين أنهكتا أميركا وكلفتاها كثيراً خلال معظم العقد الماضي بدأتا بطريقة أو بأخرى تقتربان من نهايتهما. فقد أعلن "بانيتا" بعد مغادرته واشنطن الأسبوع الماضي أن "القاعدة" تبدو على وشك الانهزام. وفي أفغانستان، شدد على أنه سيتعين على الجيش الأميركي أن يسلم المسؤولية الأمنية إلى الجيش الأفغاني. وفي العراق أكد على أن معظم، إن لم يكن كل الجنود الأميركيين سينسحبون من هناك بنهاية هذا العام. وقد شكل ذلك تحولاً ملحوظاً سواء من حيث الشكل أو المضمون مقارنة مع وزير الدفاع السابق روبرت جيتس. ففي عهد هذا الأخير، عمل "جيتس" تدريجيّاً على تبني رأي العديد من قادته العسكريين الكبار الذي يرى أن هزيمة المتمردين والإرهابيين تقتضي صراعاً طويلاً يمتد على مدى عقود ويتطلب مجهوداً حربيّاً مكلفاً لمحاربة المتمردين، ونشراً طويل الأمد للقوات الأميركية في الخارج، وميزانيات دفاع لا تتوقف عن النمو. غير أن "بانيتا"، لم يقطع بشكل مباشر مع طريقة التفكير تلك. فقد أوضح أن الفوز في الحروب التي تخوضها البلاد، ومن ذلك الحملة الجوية التي يقودها حلف شمال الأطلسي في ليبيا، ما زال هو هدفه الأول. ولكنه في الوقت نفسه أصدر مؤشرات واضحة تفيد بأنه عاقد العزم على رسم حدود -لقادته العسكريين، ولتوقعات حلفاء أميركا، ولميزانية الدفاع - في محاولة لإخراج "البنتاجون" تدريجيّاً من وضع الحرب الدائمة. وفي هذا الإطار، قال "بانيتا" لجنود من الفرقة الخامسة والعشرين للمشاة في العراق: "علينا أن ننتصر في هذه النزاعات ونصل بها إلى نهاية مسؤولة"، مكرراً بذلك وصف أوباما لمخططه القاضي بسحب 33 ألف جندي أميركي من أفغانستان بحلول خريف 2012 باعتباره انسحابا "مسؤولاً". كما أظهر "بانيتا" نزوعاً واضحاً لاستعمال كلمات قد يعتبرها البعض سوقية أو بذيئة بعض الشيء، والتي كانت لافتة بالمقارنة مع اللغة المحافظة التي كان يستعملها "جيتس" المنحدر من مناطق وسط الغرب الأميركي المعروفة بتقاليدها المحافظة. وفي هذا الإطار، قال "بانيتا" يوم الاثنين الماضي: "إن هذا البلد يعج بما لا يعد ولا يحصى من الموارد"، في إشارة إلى ثروة العراق النفطية. وكان يقصد بذلك أن العراق يستطيع تحمل تكاليف الدفاع عن نفسه في المستقبل بدون وجود أعداد كبيرة من الجنود الأميركيين. والحال أن "بانيتا"، الذي أمضى العامين الأخيرين على رأس وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي إيه"، مازال يبدو أكثر ارتياحاً مع عالم الاستخبارات السري منه مع البيروقراطية العسكرية الكبيرة التي بات يتحكم فيها اليوم. ففي جلسات مع الجنود والصحافيين، تحدث بثقة وإقناع حول هزيمة "القاعدة"، التي كانت تستأثر بجل اهتمامه في "سي آي إيه"، ولكنه بدا أقل ثقة وتمكناً في ما يتعلق باستعمال المصطلحات العسكرية والحديث عن الاستراتيجية العسكرية. ويمكن القول إن "بانيتا"، من عدة نواحٍ، يبدو مناسباً أكثر لأوباما مقارنة بما أصبح عليه "جيتس" خلال الأشهر الأخيرة التي قضاها على رأس وزارة الدفاع. فمع "بانيتا"، كسب الرئيس حليفاً مستعدّاً لخفض عديد القوات بوتيرة أسرع في أفغانستان مما يفضله القادة العسكريون ولتقليص ميزانية "البنتاجون" بمئات المليارات من الدولارات خلال السنوات المقبلة، وهي مهمة قاومها "جيتس" بإصرار. وفي هذا السياق، يقول "بانيتا"، الذي ترأس في الماضي لجنة الميزانية في مجلس النواب وأدار مكتب التسيير والميزانية خلال إدارة كلينتون: "لا أعتقد أن المرء مضطر للاختيار بين توفير المال وضرورة وجود دفاع قوي". ففي "سي آي إيه"، تبنى "بانيتا" ولع الوكالة بالحروب غير المرئية تقريباً التي تتميز بمشاركة عدد صغير من الرجال. كما عمل على زيادة استعمال الضربات الجوية بواسطة طائرات بدون طيار وتكتيكات سرية أخرى من أجل قتل أعضاء "القاعدة" في باكستان واليمن وغيرهما. ويبدو أوباما مقتنعاً أيضاً بأن العمليات شبه العسكرية -وليس الحملات الرامية إلى محاربة حركات التمرد التي تستعمل فيها أعداد كبيرة من الجنود وتستمر على مدى عقود وتكلف مليارات الدولارات- هي الأقل تكلفة والأكثر فعالية في الأماكن البعيدة والخطيرة. غير أن لـ"البنتاجون" عادة طريقة لتغيير مواقف وزراء الدفاع الجدد. ذلك أن "جيتس" كان أيضاً مديراً سابقا لـ"سي آي إيه" عندما حل محل رامسفيلد على رأس "البنتاجون" في أواخر 2006، وكان وعد بنهاية ناجحة و"مسؤولة" لحرب العراق. ولكنه سرعان ما خلص إلى أن ثمة حاجة إلى عشرات آلاف إضافية من الجنود الأميركيين. وبعد انتخاب أوباما وقراره الإبقاء عليه في منصب وزير الدفاع، ساعد "جيتس" على إقناع الرئيس الجديد بإصدار الأمر بزيادة عسكرية مماثلة في أفغانستان. واليوم باتت مسؤولية خفض هاتين الحربين ملقاة على عاتق "بانيتا"، إن استطاع إلى ذلك سبيلاً. ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم سي تي إنترناشيونال"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©