الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المساجد التاريخية بالمغرب.. فن معماري يروي قصة حضارة

المساجد التاريخية بالمغرب.. فن معماري يروي قصة حضارة
3 أغسطس 2014 20:25
تحكي المساجد التاريخية بالمغرب قصة حضارة أمم وتاريخ دول تعاقبت على حكمه، وتعكس هذه الصروح الدينية والحضارية إبداع الفن المعماري الذي يجمع بين ثقافات وحضارات مختلفة، حتى أصبح لهذه الصروح رمزية عمرانية مهمة في شمال إفريقيا. وتتميز مساجد المغرب بطرازها الفريد الغني بالتراث المعماري الإسلامي والتأثير المتبادل لحضارات مختلفة خاصة الحضارة الأندلسية التي أصبحت سمة بارزة لفن بناء المساجد المغربية. ونظراً لقدسيتها ورمزيتها الدينية كان لعمارة المساجد تأثير واضح ومباشر على بقية المباني الدينية والعسكرية والمدنية على مر العصور. المعمار الأندلسي يقول محمد المراكشي الباحث في الآثار والتراث إن مساجد المغرب عرفت عبر التاريخ بمكانتها ورمزيتها وساهمت في ثراء حضارة المغرب وحفظ إرثه التاريخي والمعماري، فكانت المساجد خير حافظ للطراز الهندسي والشكل المعماري والجمالي لفن العمارة القديمة. ويضيف أن ما يميز المساجد التاريخية في المغرب هو هندستها وما اشتملت عليه من أنماط زخرفية وأسلوب تقليدي في بناء القباب والصومعات والمآذن وتزيينها بالزخرفة الأندلسية الأخاذة، إضافة إلى ضخامتها وتناسقها وجمال الشرفات والحدائق وبرك الماء التي تحيط بها. ويشير إلى أن عمارة المساجد شهدت عدة مراحل من التطور راوح بين الاقتباس والإبداع، فرغم تأثير الطابع المعماري الأندلسي فقد احتفظت بعض المساجد بطابعها المحلي الموروث عن حقب تاريخية مختلفة، وظهر نمط معماري جديد مع تطور الفن المعماري وازدهار الصناع التقليدية. القرويين والكتبية من أشهر مساجد المغرب مسجد القرويين الذي بني عام 245 هـ/859م بفاس وقامت ببنائه فاطمة الفهرية حيث وهبت كل ما ورثته لبناء المسجد. وسمي بجامع القرويين نسبة إلى القيروان مدينة فاطمة الفهرية. ويمتاز المسجد بصومعته المربعة الواسعة وهي أقدم منارة مربعة في بلاد المغرب العربي، ويغلب عليه الطراز المعماري الأندلسي. وللمسجد سبعة عشر بابا وجناحان يلتقيان في طرفي الصحن الذي يتوسط المسجد. كل جناح يحتوي على مكان للوضوء من المرمر، وهو تصميم مشابه لتصميم صحن الأسود في قصر الحمراء في الأندلس. عرف مسجد القرويين عدة تغييرات فقد قام المرابطون بإجراء إضافات على المسجد في عمارته وزخرفته وبنائه إلا أنهم حافظوا على ملامحه العامة، ولعل أبرز ما تركه المرابطون في المسجد هو المنبر الذي لا يزال قائماً إلى اليوم. كما أضاف الموحدون الثريا الكبرى التي تزين المسجد إلى اليوم. أما مسجد الكتبية فقد بني عام 1147م في مراكش من طرف الخليفة عبد المومن بن علي الكومي، واشتق اسمه من «الكتبيين» وهو اسم سوق لبيع الكتب كان بمقربة من المسجد. ويضم جامع الكتبية على جانب قاعة الصلاة، صومعة متميزة أقدم من مثيلاتها، الخيرالدا باشبيلية وحسّان بالرباط، وتوجد الصومعة في الجزء الجنوبي الشرقي للجامع وتتخذ تصميماً مربعاً وتتكون نواة الصومعة من ست غرف متطابقة الواحدة فوق الأخرى، محاطة بممر مائل ومستقيم ومغطى بقباب نصف أسطوانية، وهي مزينة في أجزائها العليا بزخارف مطلية بلون الفيروز الذي أصبح رمزًا لمدينة مراكش، ولايزال مسجد الكتبية محافظاً على منبره العتيق الذي صنع في قرطبة بداية القرن الثاني عشر بطلب من أمير المرابطين علي بن يوسف بن تاشفين. مسجد حسان والجامع الكبير يعتبر مسجد حسان بالعاصمة الرباط من أهم المباني التاريخية في المغرب، أمر السلطان يعقوب المنصور الذهبي ببنائه عام 593 هـ/ 1197 م، لكن البناء توقف بعد وفاته وتعرض المسجد للاندثار والإهمال ولم يكتمل، كما تعرض للزلزال الذي ضرب المدينة ولحريق عظيم أتى على ما بقي من أخشاب المسجد. وتشهد آثار المسجد على مدى ضخامة البناية الأصلية للمسجد الذي بقي محتفظا بشكله غير المكتمل مع إضافة ملحق للمسجد وقاعات للصلاة، وليس للمسجد صحن واحد كباقي المساجد المغربية بل له صحن كبير قرب المنار وصحنان جانبيان. ويعتبر مسجد «الجامع الكبير» واحداً من أهم وأقدم آثار العمارة الإسلامية في عهد الدولة الموحدية، بناه السلطان عبد المومن بن علي الكومي عام 1142م في مدينة تازة، وعرف المسجد توسيعات في عهد الدولة المرينية. مسجد الحسن الثاني أما مسجد الحسن الثاني ورغم أنه حديث بالمقارنة مع المساجد التاريخية إلا أنه يعتبر معلمة معمارية وحضارية مهمة ساهم في الحفاظ على المعمار المتميز للمساجد في المغرب وخاصة التراث الأندلسي. ويعتبر المسجد اليوم من أكبر مساجد أفريقيا، له مئذنة أندلسية ترتفع 210 أمتار وهي أعلى بناية دينية في العالم. ويرتبط مسجد الحسن الثاني بالبحر حيث تم تشييد خمس مساحته البالغة 9 هكتارات على البحر تيمنا بالآية الكريمة «وكان عرشه على الماء». ويستمد مظهره العام من جامع القرويين بفاس، ويزدان بالكثير من رونق صومعة مسجد حسان بالرباط، وصومعة الكتبية بمراكش، واللتين شيدهما السلطان المغربي، يعقوب المنصور، إبان حكم دولة الموحدين، فجمع مسجد الحسن الثاني بين الهندسة المعمارية التقليدية المغربية، والتكنولوجيا العصرية، والتي جند لها أزيد من 3 آلاف صانع تقليدي. ويتسع المسجد لـ25 ألف مصل إضافة إلى 80 ألفا في الباحة، يمتاز ببنائه الشاهق ودقة تفاصيله وروعتها، أما هندسته فهي مغربية أندلسية أصيلة، وتم تزيينه بزخارف على خشب الأرز والفسيفساء المغربي المعروف عالميا بدقته وروعة تصاميمه إضافة إلى النقوش على الجبس.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©