الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صمتٌ هندي حول الاستثمار الخارجي

2 أغسطس 2014 23:30
بعد انقضاء شهرين على ولاية الحكومة الجديدة في نيودلهي، ما الجديد فيما يتعلق بقضية الاستثمارات الخارجية المباشرة في قطاع البيع بالتجزئة للعلامات التجارية العالمية الشهيرة؟ الجواب: لا شيء. وسيبقى هذا الجواب ساري المفعول خلال المستقبل القريب على أقل تقدير. ويبدو أن الحكومة تتغافل عن الحديث حول هذا الموضوع على أمل أن تستوي الأمور تلقائياً وتعود إلى سابق عهدها أيام التدفق الغزير للاستثمارات الأجنبية. وهكذا يمكن القول إن الأبواب لا تزال مفتوحة (على الورق فقط) أمام عمالقة تجارة الأسواق الكبرى «السوبر ماركت»، مثل «مخازن وال- مارت» و«كارفور»، لإطلاق عملياتها والفوز بحصة استثمارية مجزية في الهند. لكن الحكومة الجديدة برئاسة ناريندرا مودي آثرت تجنّب الحديث عن الترحيب الذي يمكن أن تلقاه تلك الشركات، وارتأت أن تتحمل كل ولاية مسؤولياتها في هذا الموضوع طالما أنها تمتلك الحق بمعالجته وفقاً لتشريعاتها وقوانينها المحلية المعمول بها الآن. لكن، وبعد أن فاز بأغلبية مريحة في انتخابات شهر مايو الماضي، أو ما يمثل أوسع قاعدة في البرلمان منذ ثلاثة عقود، فإن بوسع مودي تغيير القوانين الخاصة باستدراج الاستثمارات الأجنبية المباشرة (FDI) التي وضعتها الحكومة الهندية السابقة. وفي نفس الوقت، يبدو أن رئيس الوزراء الجديد لا يريد أن يظهر بصورة المعارض لفكرة السماح بتدفق الاستثمارات الأجنبية في مستهل ولايته. وبدلا من ذلك، فهو يفضل إبقاء الأمور على حالها. وقالت «نيرمالا سيثارامان»، وزيرة التجارة والصناعة في الحكومة الهندية الجديدة، خلال حوار صحفي أجري معها الأسبوع الماضي: «لم يتم اتخاذ أي قرار في هذا الشأن حتى الآن». ولا يمكن للشركات العالمية الكبرى المتخصصة بتجارة التجزئة أن تخطط لاستثمار ملايين الدولارات في سوق جديدة ما لم يتوافر لها الغطاء التأميني الضروري لأداء عملها، والمتمثل في القوانين والإجراءات المحفزة. وهذا ينطبق حتى على أضخم هذه الشركات وأغناها من التي تحصد عوائد إجمالية كبيرة وتنمو أصولها المالية بمعدل يصل 7 بالمئة سنوياً. ورأت بعض الشركات متعددة الجنسيات أن الانتظار والترقّب هو أفضل ما يمكنها فعله الآن. وفي مطلع يوليو الماضي، أعلن عملاق تجارة التجزئة في العالم، شركة «كارفور» الفرنسية عن إيقاف عملياتها في الهند بعد أربع سنوات من المعاناة بسبب القوانين والإجراءات الإدارية المجحفة المتعلقة بالاستثمار. وخلال العام الماضي، عمدت شركة «وال- مارت» بالتضامن مع شريكتها الهندية «بهارتي إنتربريزس» إلى وضع حدّ لعملياتها في الهند. وتلقي تلك المصاعب الضوء على الصعوبات التي تواجهها الحكومة عند محاولتها استنباط سياسات جديدة يمكنها أن تغير نسق الاستثمار في سوق بالغ الضخامة مثل سوق الهند. لكن معظم الضجيج المثار حول «وال- مارت» تجلى بميل أصحاب المخازن الكبرى لإغلاق محالهم، ما أجبر الممونين على القبول بتراجع هوامش أرباحهم، وأدى إلى انخفاض الأجور إلى الحد الأدنى غير المقبول. ومما زاد الطين بلّة أن الصناعيين الهنود أجبروا على تخفيض أسعار منتجاتهم بسبب منافسة الواردات الصينية الرخيصة. وليس من الضروري اعتبار هذه المؤشرات غير المشجعة من النوع الذي ينذر الخطر. وهناك عدة نقاط ذات علاقة وثيقة بالاستثمارات الأجنبية في الهند، من بينها مثلا أنه خلافاً للسرعة التي تحكم تدفق رؤوس الأموال إلى الأسواق المالية الهندية أو الخروج منها، فإن الأموال التي يتم استثمارها من طرف الشركات متعددة الجنسيات في قطاع البيع بالتجزئة، تندرج ضمن إطار «رأس المال الصبور» لأنها تستثمر على مدى السنين حتى تتمكن الشركة المعنية من تأسيس سلسلة تموينية استهلاكية خاصة بها وبناء المخازن ومستودعات التبريد. وتكمن الإشارة الثانية في ضرورة الانتباه إلى أن الاستثمارات الخاصة في «قطاع السوبر ماركت» تخلق فرصاً للعمل في قطاعات متعددة تعمل على هامش هذا القطاع. وهذه فائدة كبيرة بالنظر إلى العدد الكبير من العمال الهنود الذين ينتظرون اللحظة المؤاتية للعمل حتى بأجور منخفضة ما داموا يجدون الفرصة لاكتساب الخبرات والتحول بعد ذلك إلى العمل في شركات البيع بالتجزئة ذات الأجور الأعلى. وينبغي الانتباه إلى أمور أخرى أكثر تعقيداً من أجل فهم مشكلة الاستثمار الأجنبي في قطاع البيع بالتجزئة في الهند. ومن ذلك أن «اتحاد التجار الهنود» الذي يمتلك قاعدة تأثير قوية على صنع القرار السياسي والاقتصادي، عمل كل ما بوسعه لمنع تدفق الاستثمارات الخارجية المباشرة. وفي مقابل ذلك، لا توجد اتحادات لحماية حقوق المستهلكين أو العاطلين عن العمل يمكنها أن تنظم تظاهرات احتجاجية في الشوارع للمطالبة بتلك الحقوق بما فيها تشجيع الاستثمارات الخارجية التي تؤمّن لهم فرص العمل الجديدة. وربما لا يجد المستهلكون الهنود غضاضة في أن تذهب «الروبيات» التي يدفعونها إلى الشركات الأجنبية متعددة الجنسيات عندما يتعلق الأمر بشراء السيارات أو أجهزة التلفزيون ذات الشاشات المسطحة، إلا أنهم لا يحبذون رؤية «اليد الأجنبية» وهي تعمل في قطاف وبيع الفواكه والخضار التي تنتجها الهند. ولابد من الانتباه هنا إلى أن الهند كانت تمثل مجتمعاً زراعياً صرفاً حتى عهد قريب. وبعد نحو شهرين، سوف يحاول وزير المالية الهندي «آرون جيتلي»، ومعه العديد من أصحاب القرار النافذين في الحكومة الهندية الجديدة، وضع مشكلة النمو الاقتصادي الهندي قيد الاختبار أمام المستثمرين الأجانب الذين سيجتمعون لمدة يومين في «المنتدى الهندي للاستثمار» الذي سينعقد في ضاحية منهاتن التجارية في نيويورك. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©