الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

زيتون الضفة الغربية: خط المواجهة على الأرض

13 أكتوبر 2010 21:14
عندما خرج أفراد من عائلة "شلبي" مؤخراً إلى بساتين الزيتون التابعة لهم بقرية "ترمس آية"، لجني المحصول، اكتشفوا أن عشرات من أشجار الزيتون قُطعت وتم العبث بأغصانها من قبل المخربين. أما في بساتين أخرى يملكها المزارعون الفلسطينيون، فقد لجأ المستوطنون إلى تسميم الأشجار بعدما حفروا جذوعها وصبوا مواد سامة بداخلها. هذه البساتين وغيرها التي تتعرض للتخريب غالباً ما تقع بالقرب من المستوطنات كما هو الحال مع مزارع عائلة "شلبي" المحاذية لوحدة استيطانية تسمى "عادي آد"، حيث يشير المزارعون الفلسطينيون الذين يتعرضون للمضايقات، وفي أحيان أخرى للهجوم على ممتلكاتهم، بأصابع الاتهام إلى سكان المستوطنة اليهودية القريبة من مزارعهم. وعن هذه المضايقات التي يعاني منها سكان القرى المجاورة للمستوطنات، تقول "ناهد شلبي"، وهي أحد أفراد الأسرة المتضررة، "إننا نعمل لسنوات كي نرعى أغراسنا ونتعهدها بالعناية كما لو كنا نربي أحد أطفالنا، لذا عندما نرى كيف يدمر المستوطنون الأشجار فإننا نشعر بإحساس لا يوصف من المرارة والغبن". هذا ويمثل موسم الحصاد وجني ثمار الزيتون بالنسبة للفلسطينيين طقساً سنوياً يرافقه الاحتفال وخروج العائلات إلى المزارع، حيث يتم تسلق الأشجار عبر درج خشبي يوضع على جذوعها للوصول إلى الثمار العالية، وتضرب العروش بعصي طويلة لتسقط الثمار على قطعة بلاستيكية ممتدة تُسهّل عملية الالتقاط فيما بعد. ويعتبر موسم الحصاد نشاطاً اقتصادياً مهماً بالنسبة للأهالي تماماً كما يدخل الزيتون كمكون أساسي في النظام الغذائي للفلسطينيين. لكن، وعدا عن الاحتفالات، يعد موسم الحصاد فترة أيضاً للمشاكل والاحتكاكات بين الفلسطينيين والمستوطنين، حيث تتحول البساتين القريبة من المستوطنات اليهودية إلى خط مواجهة حقيقي في الصراع المستمر على الأرض في الضفة الغربية. وقد تزامن موسم الحصاد الحالي مع تصريحات داخل إسرائيل ترجح احتمال تمديد وقف الاستيطان ليزيد ذلك من توتير الوضع وليشكل تحدياً أمنياً حقيقياً أمام رجال الشرطة الإسرائيلية الذين يفترض بهم حماية المزارعين الفلسطينيين وممتلكاتهم، ناهيك عن تأمين موسم حصاد دون مشاكل أو تحرشات من المستوطنين اليهود الذين يوجدون على مرمى حجر من البساتين الفلسطينية. ففي إحدى المزارع التابعة لقرية فلسطينية قريبة من بؤرة استيطانية أقامها اليهود شمال غربي نابلس، خرج الأهالي إلى الحقول بهدف جني المحصول ليجدوا أن العديد من أشجار الزيتون تم جنيها مسبقاً حيث سُرقت الثمار من قبل المخربين الذين لم يتركوا شيئاً لأهالي القرية، هذا بالإضافة إلى الحالات التي تُقطع فيها الأشجار نهائياً، أو تُطلق فيها قطعان الماشية لتأتي عليها جميعاً فلا يبقى من الثمار إلا القليل. لكن بعد تنامي وتيرة الهجمات التي يقوم بها المستوطنون في السنوات الأخيرة، وبعد إصدار المحكمة العليا الإسرائيلية قراراً يطلب من الجيش تأمين الفلسطينيين أثناء حصادهم، بدأت السلطات العسكرية في الضفة الغربية بتطوير خطة لحماية الفلسطينيين الذين يعملون في الحقول والبساتين القريبة من المستوطنات، بحيث يتم تنسيق مواعيد العمل وأماكن البساتين مع السلطات الإسرائيلية وحرس الحدود لمنع اعتداءات المستوطنين على الأهالي. ومع ذلك تستمر حالات السرقة والتخريب التي يقوم بها المستوطنون اليهود رغم تحسن إمكانية وصول الفلسطينيين إلى أراضيهم بعدما كانوا يمنعون منها في السابق. وفي هذا السياق يؤكد "أريك أشيرمان"، مدير منظمة "حاخامات من أجل حقوق الإنسان" التي تساعد المزارعين الفلسطينيين، إن القوات الأمنية تقوم بعمل أفضل مقارنة بالسابق لحماية المزارعين، لكنها فشلت لحد الآن في حماية ممتلكات الفلسطينيين، أو تقديم المخربين إلى العدالة بسبب نقص الموارد، قائلا "طالما إسرائيل تحتل الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، فسيكون عليها تحمل الثمن، فهي مجبرة على حماية الفلسطينيين، وإن كان سجلها في هذا المجال غير كاف". وفي تعليق له على المضايقات التي يتعرض لها الفلسطينيون، قال المتحدث باسم الإدارة المدنية في الضفة الغربية، "أمير كورين"، بأن إسرائيل خصصت الكثير من الموارد المالية والبشرية لتأمين موسم الحصاد وضمان مروره في أحسن الظروف "لكن لا يمكننا وضع جندي أمام كل شجرة"، مشيراً إلى أن مسألة التخريب وتحرشات المستوطنين من اختصاص الشرطة وليس الجيش، وهو ما رد عليه المتحدث باسم الشرطة الإسرائيلية "ميكي روزنفيلد" قائلا إن عمليات سرقة الزيتون وقطع الأشجار في الضفة الغربية لا يمكن وصفها بأنها "ظاهرة منتشرة على نطاق واسع، مضيفاً أنه في حالات الاعتداء على الفلسطينيين تم التحقيق مع بعض المشتبه بهم لكن لا أحد منهم وُجهت إليه تهم رسمية. غير أن العديد من المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان ومن بينها منظمة "ييش دين" الإسرائيلية، لاحظت أن التحقيقات التي تفتحها الشرطة الإسرائيلية مع المستوطنين المتهمين بتخريب البساتين الفلسطينية لم تؤدِ في أي حالة من الحالات إلى إحالة أحدهم الى القضاء بل يتم إطلاق سراحهم مباشرة بعد استجوابهم، وهو ما يثير العديد من علامات الاستفهام حول جدية الشرطة في ردع المخربين. جويل جرينبورج - الضفة الغربية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©