الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

خطة مصرية عاجلة لإصلاح الاقتصاد

خطة مصرية عاجلة لإصلاح الاقتصاد
2 أغسطس 2014 21:55
اعتمدت الحكومة المصرية الخطة المتكاملة للإصلاح الاقتصادي والتي تستهدف هيكلة شاملة للاقتصاد المصري لاسيما على صعيد الدعم والضرائب والإنفاق الحكومي وتوفر نحو 60 مليار دولار على مدار 4 سنوات «تعادل 480 مليار جنيه» هي فترة الولاية الأولى للرئيس عبدالفتاح السيسي وذلك للحفاظ على عجز الموازنة العامة للدولة عند حدود 10 بالمئة. وتتضمن الخطة، التي أعدها وتقدم بها تحالف استشاري عالمي يضم كلا من بنك «لازارد الفرنسي» وشركة «استراتيجي اند» الأميركية بناء على طلب من الحكومة المصرية، جمع نحو 60 مليار دولار أخرى استثمارات أجنبية مباشرة في غضون السنوات الأربع القادمة بمتوسط 15 مليار دولار سنويا معظمها استثمارات عربية إلى جانب جمع 12 مليار دولار أخرى من الدول المانحة - بمتوسط ثلاثة مليارات دولار سنوياً- عبر مؤتمر أصدقاء مصر الذي دعا إليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والمنتظر انعقاده في شهر أكتوبر أو نوفمبر المقبل. محاور رئيسية وتتوزع الخطة الإصلاحية على مجموعة من المحاور الرئيسية تشمل رفع دعم الطاقة بالكامل خلال 4 سنوات بعد أن تم توفير 51 مليار جنيه في العام الأول بعد قرارات تحريك أسعار المحروقات الذي جرى اتخاذه يوم 3 يوليو الماضي وإعادة النظر في تشريعات المنظومة الضريبية لاسيما ضرائب الأرباح الرأسمالية وضريبة القيمة المضافة. حيث تقرر إلغاء ضريبة المبيعات والتحول نحو ضريبة القيمة المضافة إلى جانب تحصيل ضرائب إضافية تتراوح بين 10 و12 مليار جنيه سنويا بعد فرض الضريبة العقارية - توفر 3. 5 مليار جنيه - وزيادة ضرائب السجائر. وتبلغ العوائد الضريبية التي تسددها الشركة الشرقية للدخان وحدها للخزانة العامة للدولة أكثر من 6 مليارات جنيه سنويا سوف ترتفع إلى 9 مليارات جنيه بعد الزيادة الأخيرة بواقع 50 قرشا على كل علبة من السجائر المحلية وترتفع إلى جنيهين للسجائر المستوردة. وتتضمن الخطة أيضا استحداث آليات جديدة للضرائب لاسيما مع تطبيق ضريبة القيمة المضافة وهي آليات من شأنها إنهاء فض المنازعات الضريبية بين المستثمرين والحكومة في غضون 60 يوما على الأكثر وسد ثغرات التهرب الضريبي ومنح حوافز لسداد المتأخرات الضريبية لدى مجتمع الممولين وهي تصل إلى 60 مليار جنيه حاليا تم مؤخرا تحصيل نحو أربعة مليارات جنيه منها عبر بعض الإعفاءات والتقسيط وغيرها من التيسيرات التي أقرتها حكومة المهندس إبراهيم محلب لتحصيل هذه المتأخرات. وكان التحالف الاستشاري الفرنسي الأميركي قد استعرض أمام المجموعة الاقتصادية الوزارية منذ أيام المخطط الكامل لإصلاح الاقتصاد المصري وتضمن عشرة محاور رئيسية منها إصلاح مناخ التشريع ووضع خريطة استثمارية وإصلاح هيكل الدعم والجهاز الإداري واستغلال الثروات الطبيعية وإصدار قانون جديد للخدمة المدنية والعمل على بناء نظام إداري جديد من شأنه أن يسهم في تخفيف أعباء وتكلفة الأجور في الجهاز الإداري للدولة. كما يشمل المخطط تبسيط إجراءات الحصول على التراخيص والخدمات المقدمة من الأجهزة الإدارية للشركات والمواطنين من خلال ضوابط جديدة تعكف الحكومة على إعدادها حاليا. في الوقت نفسه كان الخبير الاقتصادي المصري العالمي الدكتور محمد العريان قد قدم «رؤية» للإصلاح الاقتصادي المصري للحكومة وتمت إحالة هذه «الرؤية» للتحالف الاستشاري العالمي للاستفادة منها في وضع برامج تنفيذية وجداول زمنية للإجراءات المطلوب اتخاذها. ويقوم التحالف الاستشاري بالتنسيق مع لجنة حكومية مصرية يتولى رئاستها هشام رامز محافظ البنك المركزي، وتضم وزراء المالية والتخطيط والاستثمار والتعاون الدولي ورئيس جهاز التنظيم والإدارة وغيرها من الجهات الحكومية المعنية بملف الإصلاح الاقتصادي في البلاد. وكان هذا التحالف قد بدأ في إعداد خطة الإصلاح منذ أن تم تكليفه بها إبان حكومة الدكتور حازم الببلاوي في أعقاب ثورة 30 يونيو. رؤية متكاملة ويرى خبراء اقتصاديون أن الخطة التي وضعها الاستشاري العالمي للإصلاح في مصر تتسم بالشمولية حيث تتعامل مع مجموعة من المحاور الرئيسية التي تمثل خللاً هيكلياً في أوضاع الاقتصاد المصري الكلي وفي بنية الجهاز الإداري والتنظيمي ومن ثم فإن هناك نوعا من الرؤية المتكاملة ومن ثم يرتبط نجاح الخطة بالسير بالتوازي في مجموعة المحاور التي يتم العمل عليها. ومع ذلك يرى هؤلاء الخبراء أن الخطة تتضمن بعض الإجراءات المؤلمة التي يراها التحالف الاستشاري العالمي ضرورية لضمان نجاح الإصلاح وهذه الإجراءات ربما ترفع من تكلفة الحياة على غالبية المواطنين حيث لن تقدم سلعة أو خدمة مدعمة بعد الآن الأمر الذي يستلزم ضرورة وضع خطة موازية للحماية الاجتماعية للفقراء الذين قد لايستطيعون الصمود في وجه الآثار الجانبية التي سوف تترتب على عملية الإصلاح. وقال هؤلاء الخبراء إن هناك فرصة مواتية لإنقاذ الاقتصاد من حالة الاضطراب والارتباك الراهنة عبر استغلال جيد للدعم والمساندة العربية وتفهم غالبية الشعب المصري لضرورات الإصلاح والاستعداد لتحمل جزء من تكلفة الإصلاح ومن ثم على الحكومة ألا تتردد وأن تمضي قدماً في اتخاذ المزيد من الخطوات الإصلاحية. وعلى سبيل المثال بدأت الأسواق تستوعب الآثار الجانبية لصدمة رفع أسعار الوقود وبدأ المواطنون يدركون خطورة الأوضاع وهناك رصيد كبير من الثقة بين النظام السياسي القائم وعموم الشعب المصري وهذه الثقة يجب أن تكون عنصر بناء ونقطة داعمة لخطة الإصلاح لأنه لاسبيل أمام الاقتصاد المصري سوى الدخول في عملية إعادة هيكلة شاملة وطويلة الأجل للوصول إلى حالة مقبولة من الاستقرار والنمو والتوزيع العادل للثروة. في هذا الإطار يؤكد حازم مدني - الاستشاري المالي وخبير إعادة الهيكلة- أن الاقتصاد المصري لم يعد أمامه متسع من الوقت تحت وطأة هذه الأزمة الخانقة ومن ثم عليه الدخول سريعا في عملية إصلاح شاملة لا تتناول فقط معالجة الخلل في أوضاع المالية العامة مثل علاج عجز الموازنة أو خفض المديونية ولكن يجب أن تمتد لجذور المشكلة الاقتصادية والتي تتمثل في تراجع الإنتاج والتصدير والادخار المحلي وانخفاض الاستثمار الأجنبي. وقال إن علاج هذه المشكلات الأربع كفيل بإحداث نقلة نوعية في أداء الاقتصاد المصري لاسيما وأنه يمتلك بالفعل فرصاً واعدة حتى في القطاعات التي تبدو أنها تمثل مشكلة مثل قطاع الطاقة على سبيل المثال حيث تشير الاستكشافات الأولية لشركات البترول العالمية العاملة في مصر أن هناك مناطق واسعة بالبلاد تضم النفط والغاز الطبيعي مثلما هو الحال في منطقة شمال الدلتا والمياه الإقليمية في البحر المتوسط فهذه المناطق تعوم على بحر من الغاز الطبيعي. وقال إن القضية هنا ترتبط بإظهار الحكومة الجدية اللازمة للتعامل مع قضية الإصلاح الاقتصادي وربما قد تكون صدرت إشارات إيجابية من الحكومة مؤخرا عندما رفعت أسعار الوقود لكن هذا لا يكفي حيث من المهم وصول رسالة الإصلاح لقوى الإنتاج الحقيقية لتحفيزها على العمل والابتكار سواء كانت قوى إنتاج محلية ممثلة في القطاع الخاص المصري أو قوى إنتاج خارجية ترغب في دخول السوق وتنظر اللحظة المناسبة. ويؤكد على هذه الرؤية أيضا الدكتور سلطان أبوعلي - وزير الاقتصاد الأسبق - الذي يشير إلى أهمية أن تسري روح جديدة في أوصال الاقتصاد تجعله يساير ما يجري في بلدان العالم من تغليب قيم الإنتاج والمنافسة والالتزام بالقوانين وإنجاز تنمية حقيقية تؤدي إلى ارتفاع دخل الفرد والقضاء على البطالة التي باتت تهدد أي إنجاز تنموي يمكن أن يحدث ومن ثم يصبح من الضروري الدخول بقوة إلى مجالات التشغيل واسعة النطاق وطرح العديد من المشروعات القومية الكبرى سريعا حتى تمتص جانبا من البطالة وتفتح آفاق عمل أمام الشركات المحلية التي يمكن أن تحصل على عقود توريد أو تنفيذ من الباطن في هذه المشروعات لأن هذا التحرك هو الذي سيعطي إشارة الجدية للاستثمار الأجنبي وهو الذي ستظهر ثماره سريعا في السوق المحلية من انخفاض معدلات البطالة وزيادة المعروض في الأسواق من السلع ومن ثم تنخفض الأسعار ويبدأ المواطن العادي في الشعور بتحسن أحواله. وقال أبوعلي إن خطة الإصلاح الراهنة سواء اعدها استشاري عالمي أو محلي فإن نجاحها مرهون بتوافر إرادة سياسية وهذه الإرادة قائمة ولكن من المهم ألا يكون الإصلاح جزئيا أو مرحليا أو مؤقتا لأن مصر في حاجة حقيقية للدخول في عملية إصلاح طويلة المدى تنقل الاقتصاد الكلي من وضعه المتردي إلى نقطة أخرى يكون فيها قادراً على تلبية احتياجات الشعب وقادراً على المنافسة الخارجية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©