إعداد ـ عدنان عضيمة:
ربما كانت من أهم الحقائق التي يركز عليها الخبراء في صناعة السياحة هي المأكولات الشعبية أوالتراثية التي تشتهر بها الكثير من بلدان العالم· ومنها مثلاً (الكبّة) اللبنانية والسورية، و(البرياني) الهندية، و(الشيش كباب) و(الشاورما) التركية، و(السوشي) اليابانية؛ وكتب لبعض هذه المأكولات أن تحقق انتشارها الواسع في بلدان العالم المختلفة· وتعد
(يوسوشي) Yo Sushi أضخم سلسلة من المطاعم في بريطانيا، وهي متخصصة في تقديم أكلة السوشي اليابانية فقط التي تُقدّم مع الأرز وشرائح لحوم أنواع الأسماك وبعض الأحياء البحرية الأخرى النيئة (غير المشوية أو المقلية) بما فيها القريدس والحبّار والأنجليز وحتى لحم السلاحف· وتمتلك هذه المجموعة 25 مطعماً في بريطانيا وحدها؛ وهي تخطط الآن لافتتاح ما بين ستة وثمانية مطاعم جديدة سنوياً، مما يوحي بضخامة الأرباح التي تحققها من بيع هذه الأكلة اليابانية الشهيرة·
ويشير تقرير كتبه دافيد تورنير في الفاينانشيال تايمز إلى أن هذا النجاح الكبير الذي تحققه أكلة (السوشي) اليابانية لا يقتصر على بريطانيا وحدها، بل يمتد إلى العديد من دول العالم الأخرى· ففي الولايات المتحدة مثلاً، تضاعف عدد المطاعم اليابانية التي تقدم السوشي كوجبة أساسية خلال السنوات العشر الأخيرة حتى بلغ 9000 مطعم وفقاً لتقرير إحصائي صدر ضمن (النشرة اليابانية لتجارة المواد الغذائية)· وينقل التقرير عن الخبير الياباني سينيتشي تونوتشي المدير التنفيذي لقسم التجارة لما وراء البحار التابع لشركة (كيوكويو) Kyokuyo المتخصصة في تحضير المأكولات البحرية، قوله: (إن الشعبية العالمية للسوشي ما فتئت تنمو بسرعة كبيرة في معظم دول العالم· فهي تحظى بإقبال كبير في مطاعم شانغهاي مما يوحي لنا بقوة بأن مستقبلاً واعداً ينتظرها في عموم الصين التي تعد سوقاً بالغ الامتداد والأهمية)· وتتولّى شركة (كيوكويو) أيضاً توزيع وجبات السوشي الطازجة على نطاق واسع من خلال مكاتبها المتوزعة في الدول الأوروبية كلها بما فيها هولندا وروسيا ودول اسكانيدنافيا (السويد والنرويج وفنلندا)· ومن جهة أخرى، تخطط شركة (يوسوشي) البريطانية لافتتاح سلسلة من المطاعم الجديدة في منطقة الشرق الأوسط·
وكتب لهذا الإقبال العالمي الكبير على السوشي أن يستثير حماسة كبريات الشركات اليابانية المتخصصة بتجارة المواد الغذائية؛ إلى أن عمدت بعضها مؤخراً إلى ابتداع فكرة (عولمة تجارة السوشي) وافتتحت لهذا الغرض (مصانع التحضير) في كل من تايلاند والصين؛ ووصفت هذه (المصانع) بأنها تعمل بطريقة خطوط الإنتاج وبطريقة مشابهة لصناعة السيارات أو أجهزة التلفزيون!· ويوحي هذا التطوّر الجديد باحتمال عولمة تجارة الكثير من المأكولات الأخرى مما سيؤدي إلى ظهور نوع جديد من تجارة المأكولات الشعبية يمكن أن ينتشر في العالم أجمع·
وربما كان الأغرب من كل ذلك أن عوائد مطاعم السوشي في اليابان ذاتها انخفضت خلال السنوات الثماني الماضية من 1546 مليار ين (13,35 مليار دولار أو 49 مليار درهم إماراتي) إلى 1274 مليار ين (11 مليار دولار أو 40 مليار درهم إماراتي) وفقاً لإحصائية رسمية صادرة عن (معهد بحوث صناعة الخدمات الغذائية) الذي تموله الحكومة اليابانية بصفة جزئية· وطالما أن تكاليف الإنتاج والتصنيع باتت تمثل الآن العنصر الأكثر أهمية في البحوث التجارية، فلقد سارعت شركتا (كيوكويو) و(ماروها) Maruha اليابانيتان المتخصصتان في المأكولات البحرية إلى بناء منشآت متخصصة في تحضير السوشي الطازج في تايلاند التي يعرف عنها رخص الأيدي العاملة وبحيث تصدر منتوجاتها إلى مختلف دول العالم بالإضافة إلى اليابان ذاتها· وتسعى شركة يابانية أخرى تدعى (آجينوموتو) Ajinomoto لتطبيق فكرة أخرى حيث بدأت في تشييد مصنع لتحضير وجبات السوشي المجمّدة بهدف التعاقد على تصديرها إلى أسواق الولايات المتحدة·
ولكن، ما السرّ في هذه الشهرة الكبيرة التي حققها السوشي على المستوى العالمي؟·
يجيب رون باول الخبير الأميركي في شؤون التغذية عن هذا السؤال بالقول إن هذه الحظوة الكبيرة التي حققها السوشي تعود إلى مذاقه الطيّب ونكهته الفريدة ودقة توزيع التوابل فيه· · وهكذا وجدت اليابان في اكلة شعبية نشاطاً تصديرياً مربحاً يغزو العالم بعد أن نجحت في اقتحام الأسواق بالسيارات والاجهزة الالكترونية منذ عقود
عدد اليوم
