الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

المتطرفون الأميركيون يتراجعون عن دعم نشر الديمقراطية في الشرق الأوسط

27 يوليو 2006 02:03
نيويورك - أحمد كامل: كان التيار المسيحي المتشدد في الولايات المتحدة هو أحد أبرز التيارات التي تدفع في اتجاه نشر الديمقراطية في العالم العربي· وبدا ذلك متسقاً مع التفسيرات التي راجت بأن شعار الديمقراطية في المنطقة يقبل التأويل والتطويع دائماً ليلائم أهداف الجميع إلا الطرف الوحيد المعني به حقاً، أي منطقة الشرق الأوسط ذاتها· ويبدو الآن أن المسيحيين المتشددين الذين ينتمون الى الكنيسة الايفا نجليكية - وهي كنيسة تصفها كل المذاهب المسيحية الأساسية بالانحراف عن تعاليم المسيحية - قد قررت إعادة النظر في موقفها من شعارها المحبب المتعلق بنشر الديمقراطية في العالم العربي· بدا ذلك واضحاً في المؤتمر الأخير الذي عقده ذلك التيار قبل أيام في ولاية ساوث كارولينا وتوالت خلاله التصريحات التي تعبر عن الضيق من جراء إحباط الأهداف الحقيقية من الشعار· ففي السابق كان ذلك الموقف هو تأييد الرئيس بوش تأييداً مفتوحاً في دعوته الى نشر الديمقراطية في ذلك الجزء من العالم، ودفاع علني في أجهزة الإعلام وفي المؤتمرات والتجمعات السياسية عن منطق الإدارة الحالية الذي يربط بين انتشار الإرهاب من جهة وغياب الديمقراطية من الجهة الأخرى· وشمل هذا الدعم إشادة بمدى التبدل الذي حدث في أفغانستان وبعض التحولات التي شهدتها المنطقة مؤخراً مثل انتخابات العراق ومصر والأراضي الفلسطينية· وكان الايفانجليكيون يرددون بذلك ما يقوله الرئيس بحماسة شديدة الى أن تعين عليهم مواجهة النتائج العملية التي أتت في اتجاه معاكس تماماً لما توقعوه· بدأ ذلك بقضية تبدو الآن ''قديمة'' بعض الشيء، ان قضية عبدالرحمن الأفغاني الذي ارتد عن الإسلام قبل سنوات وانكشف أمر ارتداده مؤخراً ليحاكم ويصدر حكم بإعدامه· وكان من الطبيعي أن تجد تلك التيارات المسيحية المتشددة في الولايات المتحدة في هذه الواقعة فرصة لشن حملة تشهير ضد الدول الإسلامية بدعوى غياب حرية الأديان· دول محررة ولكن المشكلة هنا أن الدولة التي شهدت تلك الواقعة هي دولة ''محررة'' تؤخذ مثلاً على نجاح إدارة الرئيس بوش في ''نشر الديمقراطية'' والتصدي للتطرف الإسلامي· فضلاً عن ذلك فإن حكومة أفغانستان تعتمد في كل شيء، وربما في بقائها ذاته، على القوات الأميركية والدولية التي تتواجد هناك، أي أن قضية عبدالرحمن التي تثبت ''انعدام الحرية'' حدثت في بلد قال الرئيس بوش انه بات الآن حراً بفضل سياسة نشر الديمقراطية إياها· أما في مصر فقد فاز الاخوان المسلمون بعدد كبير من مقاعد البرلمان على نحو أدى الى حالة من الذهول في صفوف الايفانجليكيين· وعاد الدرس ذاته الى الظهور في الأراضي الفلسطينية بفوز حماس، وبدا أن الديمقراطية التي تتحدث عنها الإدارة تؤدي الى فوز جماعات لا تريدها الإدارة، كما بدا أن الحرية في العالم الإسلامي كما تحدث عنها الايفانجليكيون، أي كوسيلة لهزيمة التطرف تأتي دائماً بمنظمات يعتبرونها هم أنفسهم متطرفة· وبدا أن الأمر يحتاج الى ''وقفة مع الذات''، أو بالأحرى الى مراجعة القضية برمتها· فالديمقراطية التي أيدها الايفانجليكيون - كما قال قادتهم بـ ''عظمة لسانهم'' - تحتلف عن الديمقراطية التي تريدها تلك الشعوب التي تمكنت - وإن على نحو ضيق ومحكوم - من أن تتمتع بجزء من حرية الاختيار· عبدالرحمن الأفغاني فبعد انتهاء المؤتمر قال جيم جاكوبسون رئيس منظمة ''كريستيان فريدوم انترناشيونال'' أو الحرية المسيحية الدولية أن ''الإدارة قالت لنا إن الديمقراطية هي حل لكل المشكلات ولكن قضية عبدالرحمن الأفغاني تثبت أن الأمر ليس كذلك· وأعتقد أن أعضاء كنيستنا سيسألون خلال هذه الدورة الانتخابية أسئلة لم يطرحوها من قبل حول جدوى سياستنا هناك· وستكون أسئلتنا نفيرا لإيقاظ الجميع· ونأمل أن يراعي البيت الأبيض ذلك''· أي أن جاكوبسون كان يقول - إذا أردنا ترجمة عباراته - إن الرئيس وعد بأن تكون الديمقراطية حلاً لمشكلة ما يسمونه بحرية الأديان وان ما حدث في أفغانستان يثبت أن ''التضحيات'' التي قدمها الأميركيون لم تسفر عن تحقيق وعد الرئيس، لذا فإن على الرئيس أن ينصت جيداً،، أو هذا ما أراد جاكوبسون أن يقول· أما جيف كينج رئيس منظمة ''انترناشيونال كريستيان كونسيرن'' - أو الاهتمام المسيحي الدولي - التي تتخذ من واشنطن مقراً لها، فقد كان أكثر وضوحاً وصرامة اذ قال ''إذا ما استمرت الانتخابات في دعم منظمات إسلامية سياسية كما حدث في مصر وفي الأراضي الفلسطينية فإن تساؤلات المسيحيين المحافظين ستكون أكثر حدة وإحراجاً للإدارة''· أصابع بنفسجية وقال وم بيركينز الذي يرأس منظمة ''فاميلي ريسرش كاونسل'' - أو مجلس أبحاث العائلة - وهو منظمة مسيحية متشددة أيضاً ''الديمقراطية أكثر من مجرد أصابع بنفسجية''، وذلك في إشارة الى صور الناخبين في العراق وأفغانستان وفلسطين بأصابعهم البنفسجية بعد الانتهاء من التصويت، وهي صور اعتبرتها الإدارة ذروة انتصار سياساتها في العالم الإسلامي· وأضاف بيركنز ''الأميركيون يرفضون التضحية بدمائهم وثرواتهم لدعم عملية تأتي بأنظمة أصولية إسلامية· إن على الإدارة أن تفسر لنا كيف قادت سياستها الى النتائج التي رأيناها في مصر وفي غزة، ثم كيف حدث ما حدث في أفغانستان لعبدالرحمن رغم كل ما قيل عن اننا ضحينا لإقامة نظام حر وديمقراطي هناك، أين هي حرية الأديان؟''· والديمقراطية هنا مثل ليلى الشاعر العربي القديم: كل يغني لها لمأرب، ولكنها في واد آخر· أما حين يأتي حديث العراق ويقال إن سياسة الإدارة بإقامة الديمقراطية تؤدي الى القتل على الهوية الدينية والمذهبية فإن الاهتمام يتراجع فجأة، رغم أن الأمر يدخل في صلب ''حرية الأديان'' التي لا تنام جفون جاكوبسون وكينج دبيركنز بسببها، فهم - في العراق - مسلمون يقتلون مسلمين·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©