الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«نينوى» رفع الله عنها العذاب

«نينوى» رفع الله عنها العذاب
13 يوليو 2013 21:37
حسام محمد (القاهرة) - قال تعالى:«فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانهـا إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين»، «سورة يونس: الآية 98». تقول الدكتورة عفاف النجار - العميد الأسبق لكلية الدراسات الإسلامية بالأزهر-: «إن المدينة المقصودة بتلك الآية هي مدينة نينوى شمال العراق حالياً، حيث كانت نينوى عاصمة للدولة الآشورية في شمالي العراق، وكانت أغنى وأعظم المدن الشرقية، وكان لديهم سعة في العيش والرزق بصورة كبيرة مما أظهر الفحش وارتكاب الموبقات والمعاصي، فكان أهلها يعبدون الأصنام ولا يؤمنون بالله تعالى، وكان هلاكهم أمراً مقضيا لولا أن تداركتهم رحمة ربهم وتاب عليهم وأرسل لهم نبيهم يونس عليه السلام داعياً إلى عبادته وحده لا شريك له». لأدلة والبراهين وقد استمر يونس عليه السلام في دعوته لقومه وساق لهم الأدلة والبراهين على وحدانية الله، ولكن كذبوه، فقالوا له: ما أنت إلا بشر مثلنا ولسنا بمؤمنين لك ولا بما جئت حتى ضاق صدر نبي الله يونس عليه السلام بسبب إعراض قومه وضلالهم وامتلأ قلبه غضباً منهم وسخطاً عليهم وشعر باليأس من إصلاحهم أو هدايتهم وأحس أنهم لن يستجيبوا له أبداً فقرر أمراً خطيراً، قرر الرحيل عنهم تاركاً إياهم في كفرهم وضلالهم وبالفعل استعد يونس عليه السلام للرحيل، وقد امتلأ قلبه بالحزن والأسى على قومه وقبل أن يرحل أنذرهم بحلول العذاب بهم وتوعدهم قائلاً: إن العذاب والهلاك والدمار سوف يحل بكم وبقريتكم خلال ثلاثة أيام أو ثلاث ليال إن لم ترجعوا عن كفركم وتتوبوا إلى الله وذكرهم بالعذاب الذي نزل على الأمم السابقة التي كانت قبلهم كقوم نوح وعاد وثمود وغيرهم ثم تركهم وخرج من بينهم وأعلن أنه يخرج من أجل النجاة من عذاب الله الذي يوشك أن يحل بهم لكفرهم وطغيانهم وغادر يونس عليه السلام مدينة نينوى وحرص على أن يكون خروجه على مرأي ومشهد من قومه قال تعالى: (وذا النون إذ ذهب مغاضباً)، «الأنبياء: 87». شاطئ البحر خرج يونس عليه السلام من قومه ولم يكن أمر الله قد صدر إليه بالرحيل عن هذه القرية، فلم يكن خروجه عن إذن من الله تعالى أو عن وحي من الله إليه، ولكنه ظن أن ما فعله لا يحتاج إلى إذن وإنما هو عمل متاح وغاب عن ذهنه من شدة غضبه على قومه أن المفروض عليه أن يبقى وأن يستمر في دعوته، وأن يتحلى بالصبر، وخرج يونس عليه السلام، ولم يكن يدري إلى أن يذهب، فظل يسير حتي وصل إلى شاطئ البحر، فرأى سفينة بعض الرجال، فأشار إليهم وطلب منهم أن يأخذوه معهم فسأله قائد السفينة: إلى أين؟ فرد يونس عليه السلام: إلى أي مكان بعيد عن هذه القرية الكافرة.? ثم ركب يونس عليه السلام معهم وأبحرت السفينة في البحر عليها يونس عليه السلام وكثير من الرجال والبضائع، وكان ذلك وقت غروب الشمس. ?تضيف: ولما خرج يونس عليه السلام من مدينه نينوى وترك قومه تحققوا من نزول العذاب بهم وأيقنوا أن الهلاك سوف يصيبهم، وبدأ الخوف والرعب يدب في قلوبهم ويتغلغل في نفوسهم، وراحوا يتذكرون صدق نبيهم وأمانته وحبه لهم وحرصه عليهم، وأخذوا يراجعون أنفسهم ويرددون الأحاديث الطيبة عن يونس عليه السلام وكيف أنه لم يكذب عليهم مرة ولم يخدعهم أبداً وتأكدوا أن العذاب سوف ينزل بهم لأن الله عز وجل يعذب كل من كفر، وأخذوا يفكرون في العذاب وألوانه ومصائبه فربما تنزل عليهم صاعقه، فاجتمعوا وتشاوروا فيما بينهم، وانتهوا إلى اتفاق عام، وهو التوبة إلى الله والإيمان به واستغفاره حتى يرفع عنهم العذاب، فلما رأى الله عز وجل صدق توبتهم وندمهم وشدة بكائهم كشف عنهم العذاب، ورفع عنهم العقاب ونجاهم. القرية الوحيدة وقد كانت قرية نينوى هي القرية الوحيدة من الأمم السابقة التي آمنت كلها بالله الواحد، فرفع الله عنها العذاب والهلاك، قال تعالي (فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَآ إِيمَانُهَا إِلاّ قَوْمَ يُونُسَ لَمّآ آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الْحَيَاةَ الدّنْيَا وَمَتّعْنَاهُمْ إِلَىَ حِينٍ). ويقول المفسرون إن هذه القرية لها آثارها البينة وأحوالها الظاهرة الجلية وسورها ومشاهدها، وهي من شرقي دجلة تجاه الموصل، وكانت قائمة على ملتقى نهر خوسور بنهر دجلة ولا تزال ترى أطلالها بجوار قريتي كورنجك والنبي يونس عليه السلام لذا كانت مقر الملوك الآشوريين، وفيها ترى آثار سلمنصر الأول، وفي القرن التاسع قبل الميلاد تحول عنها ملوك آشور إلى مدينة كلش، ثم عادوا إليها في عهد الملك سرجون وسنماريب الذي زاد في حصونها واتخذ بها قصراً عظيماً، ثم هجرها الملك آزار حدون وانتقل إلى بابل ولكن الملك آشور بانيبال عاد إليها في القرن السابع وقضى فترة زمنية طويلة في زخرفتها وتزيينها، واتخذ فيها مكتبة عجيبة. كانت نينوى في ذلك الوقت من أكثر المدن في الشرق سكاناً وأعظمها حصانة وبنياناً، فلها ثلاثة أسوار، بعضها داخل بعض، ولكن الميديين استولوا عليها في أوائل القرن السابع بعد حصار طويل.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©