السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صفقة «المالكي» مع «الصدر»: أصداء متضاربة

12 أكتوبر 2010 21:23
فيما يقترب رئيس الحكومة العراقي المنتهية ولايته، نوري المالكي، من تأمين الدعم البرلماني الذي يحتاجه للحفاظ على منصبه والاستمرار على رأس الحكومة، إلا أنه في المقابل بدأ يفقد التأييد الشعبي في أوساط الرأي العام، هذا بالإضافة إلى القلق الذي يثيره في واشنطن وباقي العواصم العربية. فقد جاء قرار حركة الزعيم الشيعي، مقتدى الصدر، التي تعارض بشدة التواجد الأميركي في العراق بدعم المالكي كمرشح لرئاسة الحكومة ليعزز من حظوظ هذا الأخير أمام خصومه الذين نازعوه المنصب منذ الانتخابات البرلمانية الأخيرة قبل ثمانية أشهر. لكن الناخبين الذين صوتوا لصالحه في 7 مارس الماضي يشتكون من أنه ضحى بأمن البلد وبأصواتهم لتحقيق مصالحه السياسية الخاصة والمتمثلة في الاستمرار بمنصبه والبقاء في السلطة هذا في الوقت الذي دخل فيه العراق الشهر الثامن دون تشكيل الحكومة. وإذا كان مؤيدو المالكي يعترفون له بالفضل في تخليص الشوارع من ميليشيا جيش المهدي التي كانت تجوبها بحرية وتفرض قوانينها بمعزل عن الدولة، إلا أن وعوده بالاستمرار في حفظ الأمن وفرض القانون بدأت تفقد مصداقيتها بعد تأييد الحركة "الصدرية" لإعادة ترشيحه. هذا التقارب يلمسه العديد من العراقيين الذين يقولون إن المالكي سمح بإطلاق سراح الميليشيات الشيعية وغض الطرف عن إعادة تشكيل قواتها وحشد أعضائها في إطار صفقة سياسية بينه وبين من كان يُعتبر في السابق أشد خصومه السياسيين متمثلاً في الحركة الصدرية، فقد تم الإفراج خلال الأسابيع الأخيرة عن المئات من المسلحين الشيعة لضمان استمرار دعم التيار "الصدري" لترشيح المالكي. وبسبب هذه التطورات التي تجري على الساحة العراقية بدأ العديد من المواطنين ينتابهم القلق من عودة العنف، ففي أحد المقاهي الشعبية بمدينة الصدر المكتظة بالسكان وعلى أحد المقاعد الصدئة اجتمع عدد من العراقيين على طاولة يلعبون الدومينو وفي الوقت نفسه يناقشون مستقبل العراق. وقد كان واضحاً أنهم يلتفتون وراءهم قبل البدء في الحديث دلالة على الخوف من أن تسمع آراؤهم، حيث قال "جواد كاظم زايد" معلقاً على الوضع الحالي: "لقد جاء المالكي بالأمن لكننا نرى اليوم أنه تراجع عنه بعدما أطلق العديد من المجرمين المنتمين لميليشيا الصدر التي حاربت الحكومة في وقت من الأوقات، كما أننا لا ننظر بعين الارتياح إلى هذا التقارب بين المالكي وهؤلاء المجرمين، لا سيما وأنهم معرفون لدينا". والحقيقة أن التهديدات بدأت بالفعل في الوصول إلى المواطنين في مؤشر سيئ على احتمال عودة الفوضى إلى الشوارع العراقية بعد إطلاق سراح الموقوفين الذين تورطوا في أعمال العنف، هذا التخوف يعبر عنه "رحيم حسين" أحد رواد المقهى قائلاً "يبدو أن أصواتنا لا قيمة لها لقد أعطيناها للمالكي لكنه سرقها وأعطاها للمجرمين"، ويعترف البعض داخل كتلة المالكي أن دعم التيار "الصدري"، وإنْ كان يعزز من حظوظه في البقاء على رأس الحكومة إلا أنه سيلحق أضراراً كبيرة به على المستويين المحلي والدولي، ومع أن إيران تقف وراء المالكي، فإن العديد من الدول العربية تخشى من تنصيب حكومة يقودها الشيعة وتشارك فيها مجموعة سياسية مازالت تحتفظ بجناح عسكري قد يلعب دوراً سلبياً في التأثير على الحكومة المقبلة. وفي هذا السياق يقول "عزت الشاهبدر"، وهو السياسي العلماني الذي ينتمي إلى قائمة دولة القانون بقيادة المالكي "لا أعتقد أن الصفقة بين المالكي والصدر ستمر دون تداعيات محرجة، فلا شك أنه سيدفع ثمن هذا التقارب، لا سيما وأن التيار الصدري غير مرحب به إقليمياً ودولياً". ومع أن الولايات المتحدة تصر على أنها لا تدعم أي طرف على حساب الآخر وتحتفظ بالمسافة نفسها مع جميع الفرقاء العراقيين، إلا أن مسؤوليها لا يخفون قلقهم من تآكل المكاسب الأمنية التي تحققت على مدى السنتين الماضيتين في حال استفحال مأزق تشكيل الحكومة، بل الأكثر من ذلك جاء تأييد "الصدر" للمالكي ليؤثر على علاقة هذا الأخير بالولايات المتحدة بعدما كانت تدعمه في السر على الأقل لتشكيل حكومة تضم الشيعة والسنة والأكراد. وقد كان الموقف الأميركي واضحاً على لسان السفير الأميركي لدى العراق "جيمس جيفري" الذي حذر في الأسبوع الماضي من أن انضمام التيار الصدري إلى الحكومة سيضعف الديمقراطية الوليدة في العراق، مؤكداً ذلك بقوله: "إننا نقول ببساطة إن أي طرف لا يفرق بين العملية السياسية السلمية وبين العنف والهجمات ستكون مشاركته في الحكومة أمراً إشكالياً بالنسبة للعملية الديمقراطية". وكان المالكي قد ترشح على أساس برنامج يدعو فيه إلى سيادة القانون والوحدة الوطنية وهو ما أعطاه أصواتاً أكثر من أي مرشح آخر في الانتخابات الأخيرة، لكن كتلته السياسية حصلت على المرتبة الثانية بفارق صوتين مقارنة بالكتلة التي يتزعمها السياسي الشيعي، إياد علاوي، التي احتلت المرتبة الأولى وحظيت بدعم سني واسع. ويسعى المالكي اليوم إلى استمالة باقي الكتل السياسية علها ترجح كفته ويحصل على الأغلبية البرلمانية التي تتيح له تشكيل الحكومة، لا سيما في ظل التحدي الذي سيمثله انسحاب جميع القوات الأميركية مع نهاية العام 2011. ليلى فاضل - بغـداد ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©