الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

انتخابات قرغيزستان... طفرة ديمقراطية في آسيا الوسطى

انتخابات قرغيزستان... طفرة ديمقراطية في آسيا الوسطى
12 أكتوبر 2010 21:07
عندما قام القرغيز بفرز وعد الأصوات في انتخابات برلمانية يوم الاثنين، لم يكن الأداء القوي لأحد الأحزاب الوطنية سوى واحدة من المفاجآت التي أسفرت عنها هذه الانتخابات. أما المفاجأة الأكبر، فهي أن النتائج لم تكن متوقعة سلفاً، مما يجعل من هذا البلد ذي الأغلبية المسلمة الأولَ في منطقة آسيا الوسطى الذي يجري انتخابات حرة سعياً وراء نظام ديمقراطي. وفي هذا السياق، يقول "أليكسي مالاشينكو"، الباحث في مركز كارنيجي موسكو: "لقد كانت هذه الانتخابات ناجحة جداً لأنها أُجريت أصلاً"، مضيفا "فقد أظهرت قرغيزستان أنها استثناء في آسيا الوسطى. إذ على الرغم من العديد من التنبؤات التي توقعت العكس، إن الانتخابات أجريت في نهاية المطاف. وقد بلغت نسبة المشاركة في هذه الانتخابات أكثر من 50 في المئة؛ ولم تشبها أي حوادث. لقد نجحوا في ذلك!". غير أنه مازال ثمة عدد من العقبات الحقيقية على الطريق في وقت يتفاوض فيه سياسيو البلاد، التي نحَّت آخر رئيس لها في انقلاب، بشأن تشكيل حكومة ائتلافية واختيار رئيس للوزراء. كما أن الكثير في خطر بهذا البلد الذي يحيط به البر من كل جانب والبالغ عدد سكانه 5 ملايين نسمة. فعلى سبيل المثال، يكره العديد من القوميين وجود قاعدة "مناس" العسكرية الأميركية، التي تعد بالغة الأهمية بالنسبة للحرب في أفغانستان. والحـال أن القاعـدة توفـر الاستقـرار والمـال -وهي مصالح تفوق الشعارات التي يطلقها السياسيون في الحملات الانتخابية- كما أن كل جندي أميركي تقريباً داخل إلى منطقة الحرب أو خارج منها يمر عبر هذه القاعدة. المفاجأة التي أحدثتها الانتخابات يوم الأحد هي حصة الـ8.6 في المئة التي فاز بها حزب قومي يدعى "أتا جورت"، وهو قوة سياسية كبيرة في الجزء الجنوبي الريفي من البلاد، الذي عرف أعمال عنف سياسية وإثنية. فبعد فرز أكثر من 96 في المئة من البطاقات المدلى بها، تقدم هذا الحزب القومي بشكل طفيف على "الحزب الديمقراطي الاجتماعي" وحزب "أتا مكين" (الوطن)، المرتبط بالشمال، والذي يضم العاصمة بشكيك ويعد المركز التقليدي للسلطة. وبشكل عام، فازت خمسة أحزاب بما يكفي من الأصوات لدخول البرلمان ذي المقاعد الـ120، ولكن لا أحد منها نجح في الحصول على ما يكفي لتشكيل أغلبية. وبالتالي، فهي مضطرة الآن لتبدأ مفاوضات حول تشكيل حكومة ائتلافية. والجدير بالذكر هنا أن النظام البرلماني اعتُمد في استفتاء شعبي أجري في يونيو الماضي، ويُعد سابقةً في آسيا الوسطى، حيث مازال على رأس البلدان المجاورة مثل أوزبكستان وكازخستان وطاجيكستان، منذ انهيار الاتحاد السوفييتي، الزعماءُ أنفسهم الذي يفوزون بفارق كبير في الانتخابات الرئاسية. وفي هذا الإطار، قال "مورتن هوجلند"، الذي أشرف على مراقبة الانتخابات لحساب "منظمة الأمن والتعاون في أوروبا"، في بيان أصدره: "لقد انبهرت حقاً بالتعددية السياسية وروح المسؤولية، وروح الشعب في هذا البلد"، مضيفاً "لقد سبق لي أن أشرفت على مراقبة عدة انتخابات في آسيا الوسطى على مدى سنوات، ولكن هذه أول انتخابات لم أستطع أن أتنبأ فيها بالنتيجة". ويذكر أن قرغيزستان شهدت انقلابين خلال السنوات الخمس الماضية، حيث أُرغم عسكر أكاييف، الذي كان رئيساً للبلاد طيلة 15 عاماً، على التنحي عن السلطة في 2005. وفي وقت سابق من هذا العام، تم خلع كورمان بيك باكييف بعد أعمال شغب في الشوارع. وفي يونيو المنصرم، اندلعت أعمال عنف سياسية وإثنية بين القرغيز والأوزبك في الجنوب، ما أسفر عن مقتل 400 شخص وأرغم نحو 400 ألف شخص على النزوح عن مناطقهم. وقد كانت رئيسة البلاد بالنيابة روزا أوتونباييفا من المؤيدين لنظام برلماني طُرح كطريقة لمنح صوت وقوة تشريعية للمجموعات المختلفة. كما نُظر إليه كطريقة لجلب سلام وهدف مشترك لهذا البلد، حيث تفصل الجبالُ الشمالَ عن الجنوب وتحوِّلهما إلى ما يشبه بلدين منفصلين. ويكتسي ما كان يمكن أن يكون نزاعات محلية تحت ظروف أخرى أهميةً بالغة بالنسبة لروسيا والولايات المتحدة، وذلك لأن لدى كليهما قاعدة عسكرية قريبة من بشكيك تبعد الواحدة منهما عن الأخرى بحوالي 32 كيلومترا، حيث تشرف روسيا على قاعدة "كانت" بينما تشرف الولايات المتحدة على قاعدة "مناس"؛ وعندما يحين أجل مراجعة عقود الإيجار، فإن الأصوات عادة ما ترتفع مطالبةً بعدم تجديدهما. وفي هذا السياق، كتب سيرجي ميكييف، نائب رئيس "مركز التكنولوجيات السياسية" في موسكو، يقول: "عندما يكون الأمر مناسباً ومفيداً، يقدم سياسيو قرغيزستان أي وعود لأي شخص يرغب فيها، فقط من أجل تحقيق مزايا وفوائد منها. وقد تحول هذا الأمر إلى نوع من التجارة، يعيش بفضله جزء معتبر من الطبقة العليا القرغيزستانية على نحو جيد". ومن جانبه، يقول مالاشينكو، الباحث في مركز كارنيجي: "صدقوني، إن القاعدة في "مناس" ستبقى هناك إلى الأبد". أما الآن، فقد حان الوقت للعودة لتعقيدات الديمقراطية، حيث يسأل مالاشينكو: "كيف سيقررون بشأن رئيس للوزراء؟ ومن سيصبح رئيساً للبرلمان؟ لقد نجحوا حتى الآن، ولكن لا أحد يعرف كيف سيتفاوضون وكيف سيشكلون ائتلافاً". كاثي لالي - موسكو ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©