السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

سولجنيتسين يعود مجدداً إلى «أرخبيل غولاغ»

سولجنيتسين يعود مجدداً إلى «أرخبيل غولاغ»
31 يوليو 2014 22:01
حسونة المصباحي في فترة ذوبان الجليد الستاليني، وتحديداً مطلع الستينات من القرن الماضي، وبموافقة من خروتشيف، زعيم الحزب الشيوعي السوفييتي آنذاك، أصدر الروائي الروسي الكسندر سولجنيتسين (1918 ـ 2008) روايته: «يوم من أيام ايفان دينيسوفيتش» التي يروي فيها وقائع من الحياة المريرة التي كان يعيشها السجناء في المحتشدات الستالينية. وفي الحين لاقت الرواية نجاحا منقطع النظير لا في روسيا وحدها، بل في جميع أرجاء العالم. وبفضلها أصبح مؤلفها الذي أمضى سنوات طويلة في سيبيريا بسبب معارضته لنظام ستالين يحظى بشهرة واسعة سوف تخّول له في ما بعد الحصول على جائزة نوبل للآداب عام 1970. غير أن تلك الرواية القصيرة والمكثفة بشكل آسر لم تكن كافية بالنسبة لألكسندر سولجنيتسين للتعبير عن المحن التي عاشها المعارضون الروس خلال الفترة الستالينية القاتمة. لذا شرع في الحين في كتابة عمل جديد سوف لن ينتهي منه الاّ عام 1968. وسوف يحمل هذا العمل عنوان: «أرخبيل غولاغ». وخلال الفترة التي استغرقتها الكتابة، كان على سولجنيتسين أن ينتقل بين عدة أماكن، وأن يتخفى عن جواسيس النظام الشيوعي وعملائه. ومن كل فصل كان يعدّ نسخا يخفيها حتى عن أقرب الناس إليه. غير أن الجزء الأكبر من العمل المذكور، أنجز في مزرعة مهملة في السهوب. وفيها أحسّ سولجنيتسين لأول مرة في حياته انه في مأمن من كل المخاطر. لذا كان يكتب يومياً، وبشكل محموم غير عابئ بالثلوج المتهاطلة بغزارة في شتاءات روسيا القاسية. وفي «داتشا»، بالقرب من موسكو، أنهى عمله. ومتيقّنا من أنه من الصعب إصدار «أرخبيل غولاغ» في بلاده، أرسل سولجنيتسين نسخة منه بطريقة سريّة إلى فرنسا. غير أنه لم يصدر هناك إلا في عام 1974، أي بعد مرور أربعة أعوام على اضطرار صاحبه إلى العيش في المنفى. وحال صدوره أثار الكتاب جدلًا واسعاً وساخناً في الأوساط الثقافية والسياسية في بلاد فولتير وسارتر. فقد شنّت وسائل الإعلام الشيوعية هجوماً عنيفاً على صاحبه ناعتة إياه بـ»الحثالة» و»الفاشي» و»القرد العجوز» و»الخائن». وأما الكتاب فقد اعتبرته «طبقا بائتا» ليس فيه ما يثير الاهتمام أو الشهيّة. وفي افتتاحية الأسبوعية اليسارية «لونوفال اوبسارفتور»، ندّد رئيس تحريرها جان دانيال بمن سمّاهم «أعداء الحرية»، أي أولئك الذين هاجموا سولجنيتسين وكتابه قائلا بأنهم لا يمكن أن يدّعوا أنهم ينتسبون إلى العالم الحر والديمقراطي. وفي موسكو ثارت ثائرة قادة الحزب الشيوعي بزعامة بريجنيف. وعنهم صدرت تصريحات تسخر من سولجنيتسين ومن كتابه. وفي نهاية صيف عام 1973، قامت السلطات السوفييتية باعتقال سيّدة تدعى اليزابيت فورونسكايا بعد أن تمّ ضبطها وهي تعد نسخا من «أرخبيل الغلاغ» لتوزيعه سراً. وبعد استنطاق دام خمسة أيام، عادت تلك السيدة إلى شقّتها لتشنق نفسها. إثر انهيار ما كان يسمى بالاتحاد السوفييتي، عاد سولجنيتسين إلى بلاده. وقبل وفاته، أسرّ لزوجته بأنه يرغب في إعداد نسخة منقحة ومختصرة من «أرخبيل غولاغ» حتى يتيسر للأجيال الجديدة قراءته، ومعرفة جزء مهم من تاريخ روسيا خلال الفترة الشيوعية. وقد نفّذت زوجته وصيّته. ومؤخراً صدرت في فرنسا النسخة المنقحة والمختصرة من الكتاب المذكور. وفيه نقرأ: «علينا أن ندين علنا الفكرة التي تسمح لأناس بتسليط أشكال من العنف على آخرين. إن السكوت عن نزعات الشر، ومواراتها في أجسادنا حتى لا تمرق إلى الخارج، يعني أننا نزرعها».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©