الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

جمال مطر: آليات كثيرة تنقص المسرح ليكمل دوره الفني والثقافي أهمها الافتقاد للنقد الجاد

جمال مطر: آليات كثيرة تنقص المسرح ليكمل دوره الفني والثقافي أهمها الافتقاد للنقد الجاد
31 يوليو 2014 22:00
رضاب نهار (أبوظبي) منذ بدأ جمال مطر، الكاتب والمخرج المسرحي الإماراتي من مواليد عام 1963، رحلته نحو المسرح، تطرّق إلى إشكاليات من الواقع المحلي والعربي، الذي وجد فيه بيئةً ملغومة للبحث والتقصي، استفزته للتأمل وللكثير من الكتابة. لذا يمكن للقارئ أو للمشاهد أن يجد في مسرحياته رؤية جديدة لفكرٍ قديم، هي رؤية نقدية تحتمل التأويل والتفسير، وتفرض منطقها الخاص على وعي الآخر، لعلها تبني ما تهدّم. كتب جمال مطر وأخرج العديد من المسرحيات منها مسرحية «جميلة» التي نال عنها جائزة أفضل إخراج في مهرجان المسرح المحلي عام 1993. ومسرحية «قبر الولي» حصل بها على جائزة لجنة التحكيم الخاصة في أيام الشارقة المسرحية عام 1994. «جميلة» الأقرب وما كان منا، إلا أن نسأل جمال مطر سؤالاً عن «جميلة» مسرحيته الأقرب إلى قلبه كما قال لنا، حيث أخذ هذا العمل نصيباً كبيراً من الاهتمام الإعلامي والنقدي، أعجب به كثيرون من الإماراتيين وغير الإماراتيين، وتراه يقول عنه: «أنجزت مسرحية «جميلة» وعمري 26 عاماً. كنت شاباً يافعاً مليئاً بالشعر والحياة. وفي هذه السن تتداعى الأحلام والأماني، فتبدو الحياة في المتناول والأحلام قريبة. «جميلة» هي التجربة الجريئة في مسيرتي الإبداعية. وقد عبّدت لي بعد ذلك طرق التجريب عرضت المسرحية سنة 1991 على شاطئ الخان في الشارقة في مكانٍ وكأنه أعدّ أو خلق لهذا العمل المسرحي. استمرّ العرض طيلة 29 يوماً متواصلاً بالتمام والكمال، ورغم أنه كان في الهواء الطلق والوصول إليه صعب لأن الطرق غير معبدة، إلا أن الحضور قد بشّروا بموسمٍ مسرحي استثنائي». ويضيف: «قصة هذه المسرحية تحكى وتروى برومانسية محببة تؤكد خصوصية المكان، وأن قصص الحب تحدث في كل زمان ومكان. ولتصبح «جميلة» قصة شعبية تروى على مر السنين. وقد اكتشفت بعد كتابتي لها أني غارق في الحكاية والشعر. وأنه عندما يوجد الحب تتواجد اللغة. عرضت المسرحية وهي من تأليفي وإخراجي ولاقت من النجاح والاستحسان ما فاق التصور. واعتبرت فتحاً جديداً في المسرح العربي. نالت العديد من الجوائز وحوّلت لمسلسل على تلفزيون قطر. كان البحر هو البطل المطلق فيها بمده وجزره، وكان حاضراً وشاهداً على الأحداث. والممثلون وهم جوهر المسرح كانوا في غاية الاندماج والبساطة في الأداء. ميزة التجربة أنها قدّمت في الهواء الطلق وتمّ الاستغناء وقتها عن خشبة المسرح». ويبقى لمطر، رؤيته الخاصة عن وضع المسرح في مجتمعاتنا العربية اليوم، مؤكداً عدم تمكن هذا الأخير باعتباره أبٍا للفنون من إيجاد المساحة التي تناسبه وتليق به بين الجمهور العربي، وعدم تمكن صوته من الوصول إلى مدى بعيد. ويسأل بدوره: «في وطننا هل صوت المسرح عالٍ؟ هل يقول ما يريد؟ هل شرعيته كأب للفنون تجعله ينال حقه من الاهتمام؟ ولأن المسرح كلمة والخوف كبير من تأويلها، يجعل من صوته خافتاً». ويشير إلى أنه ثمة آليات كثيرة تنقص المسرح هنا، ليكمل دوره الفني والثقافي. ففي حين تتصف التغطية الإعلامية له بالجيدة والمعقولة، ما يعني أنها متواجدة باستمرار. نفتقد للنقد الجاد والحقيقي: نحن بحاجة إلى تغطية نقدية. نحتاج إلى ناقدٍ يطرح التساؤلات ويكشف المخفي ويؤكد الظاهر. وهذا نادر الحدوث كما عرفنا من خلال تجربتنا الطويلة مع النقاد، الذين هم قلة قليلة». أما فيما يخص مكانة المبدع الإماراتي، الكاتب على وجه التحديد، فيؤكد أنه بحاجة إلى الانتشار المحلي ليتمكن من الصعود نحو آفاق أخرى: «لا زال المبدع الإماراتي يراوح مكانه. وقبل أن يصل إلى العالمية نريده أن يصل قبل ذلك إلى المجتمع المحلي، الشيء الذي لم يحدث للأسف إلا قليلاً ومع البعض». وفي كلمة خاصة عن المسرح في العالم العربي، يقول: «من دون شك، فإن المسرح العربي يمر بمرحلة تراجع بسبب الظروف الاقتصادية والسياسية الراهنة. مع وجود لبعض الاستثناءات طبعاً، هي في العموم تجارب فردية. لكني أؤمن بأن هذا النوع من الفن، سيزدهر، وسيجد كتابه وقراءه ومشاهديه، إذا ما وجد دعماً من حكومات الدول». ثقافة الاستهلاك آخر ما قدّمه مطر هو مونودراما بعنوان «اصبر على مجنونك» حارب فيها حال الثقافة العربية الذاهبة نحو الاستهلاك والاستسهال، وذلك من مبدأ أخلاقي كما ذكر لنا، وهو تماماً السبب ذاته في محاربته للجهل في بعض مسرحياته، حيث قال: «المجتمعات البكر بحاجة لكاتب أو مؤلف يقرع جرس الإنذار ويقول: توقفوا.. كيف يمكن لأي شخص أن يضحك علينا؟ فلنحكم عقولنا لنعيش بشكلٍ صحيح ونؤسس لمستقبل أرقى». دائماً ينوّع في كتاباته بين اللهجة الإماراتية المحلية وبين اللغة العربية الفصحى، الشيء الذي يثير بعض التساؤل عن شريحة الجمهور التي يستقطبها في كل مرة، وعن إمكانية وصول مسرحية مكتوبة باللهجة المحكية في بلدٍ ما، إلى بلدان أخرى، ربما لا تفهم كثير مما هو مكتوب بهذه اللغة. ويجيب قائلاً: «أعتقد أن المسرح يلتصق ببيئته، ويجب أن يكتب بلغته الأم، إلا في حالات محددة كالمسرحيات التاريخية مثلاً. فكل شيء يفكر به الكاتب ويفعله هو باللهجة المحلية. لذا علينا تكريس القصص الموجودة حقيقةً في بيئتنا، ونطرح قضايا تمسّ بالدرجة الأولى الفرد الذي يعيش معنا وحولنا، لنكون أكثر صدقاً في التعبير أثناء الكتابة. وأما عن طبيعة الجمهور وإمكانية جذبه، فهذا يتبع إلى نوعية وجودة عمل عن آخر، بغض النظر عن اللغة». هنا ننتقل، إلى الحدود، تلك التي تؤرق جمال مطر ككاتب، وتأسر شيئاً من إبداعه يرغب بالظهور أمام الجمهور، لكنه لا يعترف بها، موضحاً علاقته مع الفكرة، فيقول: «ليست هناك حدود فأنا أذهب بعيداً مع الفكرة، أحاول بناءها، أتركها وأعود إليها محملاً بالابتسامة لأن الحلول دائما موجودة. ونعم شغلي الدائم بالحكاية كيف تنمو؟ كيف تتطور؟ كيف تكبر؟. قد أستطيع أن أخلق من نكتة صغيرة مشروع لصياغة فيلم أو مسرحية. الحدود التي تؤرقني هي حدودي أنا مع نفسي مع كسلي مع الرغبة الدائمة بالوصول. أحياناً أتوقف لأن الفكرة لم تكتمل. إذاً كون الفكرة لم تكتمل فأنا بحاجة إلى الكثير من التفكير والصبر حتى تجهز». نهايةً، ومن خلال حديثنا معه، لمسنا أن ثمة علاقة إشكالية تربط بين هذا الكاتب والتكنولوجيا، هي علاقة ليست بالجيدة، يعتز بها، ويفخر بعلاقته مع ما هو ملموس من ورق، قلم وكتاب. وتراه يؤكد: «لا أتعامل مع الكمبيوتر. طبعاً له حسنات كثيرة. لكني لا أنظر لها، أنظر لسلبياته الكثيرة. أصبحنا الآن ماكينة تعمل وبدل أن نضع أنفسنا في أشياء مفيدة. صرنا نضيّع أنفسنا مع الأجهزة. ربما هذه وجهة نظر متطرفة. وجهة نظري أنا. نعم لا أحسن التعامل مع التكنولوجيا. أحب قراءة الرواية من كتاب. أشتم رائحته أولاً. وعندما تأتي الفكرة أذهب للصفحة البيضاء وأقول يجب أن تملأها كلمات».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©