الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تقديم استشارات مجانية مكثفة للبُدناء يُقلل السمنة ويحمي من السكري

تقديم استشارات مجانية مكثفة للبُدناء يُقلل السمنة ويحمي من السكري
10 يوليو 2012
تُشير آخر الإحصاءات الرسمية إلى أن شخصاً واحداً من كل ثلاثة راشدين أميركيين يعانون من زيادة الوزن أو البدانة. ولعل هذا من بين ما دفع السلطات إلى تكليف فريق مهمة خاصة لبحث الموضوع والخروج من هذه المعضلة التي تُكلف أميركا ملايين المصابين بالسكري وأمراض القلب سنوياً، ناهيك عن مليارات الدولارات التي تُنفَق كل عام على مرضى السمنة. وقد خلُص فريق المهمة الخاصة إلى توصيات مفادها أنه يتعين على الأطباء أن يلتزموا بتقديم الاستشارات اللازمة إلى البدناء بأنفسهم، أو يرشدونهم للاشتراك في برنامج مصمم خصيصاً للأشخاص الراغبين في إنقاص الوزن من أجل تحسين لياقتهم، ووقاية أنفسهم من الأمراض، ووقف نزيف الرأسمالين البشري والمادي في المجتمع الأميركي. في خطوة قد تهدف إلى توسيع نطاق التغطية الصحية لتشمل علاجات إنقاص الوزن في الولايات المتحدة الأميركية، أصدر المجلس الاستشاري الصحي الفيدرالي توصيةً تنص على أن الراشدين البُدناء سيحصلون على استشارات مكثفة من أجل مساعدتهم على إنقاص أوزانهم وتفادي أمراض السمنة الشائعة. وطالب أعضاءُ فريق المهمة الخاصة الوقائية الأطباءَ بالتعرف على المرضى الذين يعانون من السمنة أو زيادة الوزن، وحصر أعدادهم بالاعتماد على مؤشر الكتلة الجسمية، مع التركيز على أولئك الذين يتجاوز مؤشر الكتلة الجسمية لديهم 30. ولا يزال عدد شركات التأمين الصحي الأميركية التي تقدم تعويضات للأطباء الممارسين مقابل الاستشارات والنصائح التي يُسدونها لمن يعانون من السمنة، أو مقابل مشاركتهم في تأطير البرامج الموجهة لزائدي الوزن والبدناء قليلاً جداً. فمعظم الأطباء يتلقون مقابلاً مادياً لكل نصيحة أو استشارة يقدمونها لمرضاهم البُدناء، وهو الأمر الذي استنكره عدد من مسؤولي قطاع الرعاية الصحية، إذ اعتبروا تلقي أموال مقابل استشارات عن سُبل إنقاص الوزن ممارسةً عقابيةً لهؤلاء المرضى وغير فعالة بالمرة. برامج مكثفة بعد بحوث استقرائية مستفيضة، خلُص فريق المهمة الخاصة إلى أن أكثر البرامج نجاحاً على مستوى تحسين صحة مرضى السمنة هي البرامج “المكثفة والقائمة على تدخل سلوكي متعدد العناصر”. وقد توصل أعضاء الفريق إلى هذه النتيجة بعد تقييمهم مخرجات تلقي ما بين 12 إلى 26 جلسة استشارية سنوياً مع طبيب ممارس أو في إطار برنامج مجتمعي يتوخى الغاية ذاتها- مساعدة البدناء على إنقاص أوزانهم. ويفيد أعضاء فريق المهمة الخاصة أن البرامج الناجحة هي تلك التي تضع أهدافاً لتخسيس الوزن وزيادة الوعي والمعرفة بشأن الغذاء والتغذية، وتعليم المرضى كيفية تتبع عاداتهم الغذائية ووضع حدود لها، بالإضافة إلى تحديد العراقيل التي قد تقف في وجه تحقيق هذه الأهداف مثل قلة الخيارات الغذائية الصحية في محيط السكن، ناهيك عن وضع استراتيجيات خاصة بالطرق الكفيلة باستدامة التغيرات الجديدة المتبناة على مستوى نمط العيش. وفي بعض الحالات وليس كلها، تشمل برامج التخسيس حصصاً رياضيةً. وجدير بالذكر أن هذه التوصيات التي نشرت في النسخة الرقمية للعدد الأخير من مجلة “أنالز للطب الباطني” موجهة للبدناء دون زائدي الوزن، إذ تستثني الأشخاص الذين تتراوح مؤشرات كتلهم الجسمية ما بين 25 و29,9. عهد طويل الأمد قوبلت التوجيهات الجديدة بترحاب وعزم على الالتزام بها، مع دعم حذر من قبل العديد من الأطباء الذين يمارسون في الخطوط الأمامية للنضال الذي تخوضه الأمة الأميركية ضد الدهون الزائدة. وبالنسبة للدكتور جاك دير ساركيسيان، اختصاصي الطب الأسري في مركز كيزر الطبي بلوس أنجلوس والمشرف أيضاً على برنامج إدارة الوزن في جنوبي كاليفورنيا، فإن هذه التوجيهات جاءت في وقت متأخر، لكنه استطرد قائلاً إنه ما يزال بإمكان الأطباء القيام بالكثير لو أنهم اعتبروا هذه التوجيهات بمثابة ميثاق طويل الأمد، ولو أنهم أخذوا على أنفسهم عهداً ببذل أقصى ما في وسعهم للتواصل مع المرضى الذين يعانون من السمنة قصد مساعدتهم على إنقاص أوزانهم ومراقبتها باستمرار حتى يقوا أنفسهم من مرض السكري والقلب، وغيرها من الأمراض الناتجة عن السمنة. أطباء بخلاء يشير الدكتور ساركيسيان في هذا الصدد إلى دراسة حديثة كانت قد كشفت أن أكثر من نصف البُدناء لم يتم إخبارهم قط من قبل أطبائهم بأنهم يحتاجون إلى إنقاص أوزانهم، معلقاً على ذلك بالقول “هذا شيء مؤسف وغير مُنْصف للمريض إطلاقاً! إذ من واجب كل طبيب أن يُخضع المريض لتشخيص شامل ويُناقش معه تفاصيل مرضه ومسبباته وطرق علاجه حتى لو كان المريض لا يرغب فعلاً في سماع ذلك”. غير أن جيفري ليفي، المدير التنفيذي لبيت الخبرة الأميركي ذي النفع العام “تراست فور أميركاز هيلث” له رأي آخر. إذ يرى أن التوصيات الجديدة سوف تضع الأطباء في وضع صعب، فالقليل منهم فقط لديهم الوقت أو المصادر المعلوماتية الكافية لتزويد المرضى البُدناء باستشارات مكثفة. وبما أن برامج التخسيس الموجهة للبدناء تفي بالمعايير المحددة من قبل فريق المهمة الخاصة ما تزال قليلةً، فإن غالبية الأطباء لن يعرفوا إلى أين يُرسلون مرضاهم البُدناء. ويضيف جيفري “السؤال المطروح هو ما إذا كانت الخدمات الموجهة للبُدناء ستتطور بوتيرة سريعة بشكل يتيح تلبية الطلب المتزايد عليها”. طريق طويل تقول سوزان بيزانو، المتحدثة الرسمية باسم المجموعة التجارية “خطط التأمين الصحي لأميركا”، إنه لم يكن واضحاً بأي شكل من الأشكال سوف يؤثر تقرير فريق المهمة الخاصة على قطاع الرعاية الصحية والمرضى بالتحديد. لكنها أردفت أنه “تم القيام بأشياء كثيرة إلى الآن”، خصوصاً على مستوى جهات التأمين الصحي التي سعت إلى مساعدة المرضى البدناء الذين تشملهم التغطية الصحية على إنقاص أوزانهم. وحسب آخر أحدث الإحصاءات الرسمية، فإن الولايات المتحدة الأميركية تُنفق 147 مليار دولار سنوياً على السمنة والأمراض المتصلة بها. ولا شك أن توسيع نطاق تبني توصيات فريق المهمة الخاصة ونشرها سيقود إلى زيادة هذا الإنفاق مبدئياً، لكنه سيتراجع على المدى المتوسط لو تُوبع تنفيذ مراحله ونجح في تحقيق أهدافه. ويُقر فريق المهمة الخاصة بوجود مشكلة في التوصيات التي أصدرها، وهي عدم الارتكاز خلال البحث إلى أية دراسات تُظهر برامج تخسيس مكثفة مماثلة ذات منافع صحية طويلة الأمد، فجُل الدراسات المعتمد عليها تبدو ذات نتائج قصيرة الأجل. وكان فريق المهمة الخاصة قد أشار إلى دراستين اثنتين وجدتا أن مرضى السمنة الذين يستفيدون من خدمات استشارية مكثفة تقل إصابتهم بالسكري نوع 2 بنسبة تتراوح ما بين 30% إلى 50% مقارنةً بأولئك الذين لا يتلقون أية استشارات. كما أنهم يُصابون بالمرض متأخرين عن أولئك الذين يتلقون استشارات خفيفة أو علاجاً دوائياً بسيطاً بسنتين إلى ثلاث سنوات. ولكنهم سجلوا كذلك أن مستويات الكولسترول لدى المستفيدين من الاستشارات لم يطرأ عليها إلا تغير طفيف جداً، كما أن مستويات ضغط الدم لديهم ومحيط الخصر لم تشهد التغير المنشود. برنامج نموذجي اعتبر أعضاء فريق المهمة الخاصة أحد البرامج التجريبية نموذجياً، وأوصوا بتعميم تطبيقه في 21 مدينةً تحت إشراف مراكز مراقبة الأمراض والوقاية. ويقوم هذا البرنامج على تجربة سريرية وبرنامج الوقاية من السكري، ويروم تشجيع التحسينات المتواضعة التي يقوم بها المشاركون المعرضون أكثر لمخاطر الإصابة بالسكري على مستوى الخيارات الغذائية وما لا يقل عن 150 دقيقة من التمارين الرياضية أسبوعياً. وبعد أن واظب المشاركون في هذا البرنامج على الاجتماع على نحو أسبوعي لمدة ستة أشهر، وعلى نحو شهري في النصف الثاني من السنة، تمكنوا من إنقاص ما بين 5% إلى 7% من أوزان أجسامهم، ومن تقليل مخاطر إصابتهم بالسكري بنسبة 58%. ردود متباينة علق بعض المواطنين الأميركيين على توجيهات فريق المهمة الخاصة بالقول إنه يكفي فرض ضرائب على مطاعم الوجبات السريعة حتى لا يستطيع الناس شراءها، وتقليل الضرائب المفروضة على الأغذية العضوية والأطعمة الصحية إلى أدنى حد حتى تصبح متاحةً للجمهور وتجذب أعرض فئة من المستهلكين. فنهج كهذا هو الأقدر في رأيهم على قلب كفة الميزان والحد من آفة السمنة. ويرى آخرون أن المشكلة ليست في معرفة الشخص أنه يعاني من السمنة أو زيادة الوزن، وإنما في كيفية نجاحه في تخسيس الوزن. فنصائح الطبيب وإرشاداته ليست هي الحل، حسب رأيهم، وإنما عزيمة كل بدين أو زائد الوزن في اتباع نظام غذائي صحي ونمط عيش أفضل، واستدامتهما وجعل ذلك نمط حياة روتينيا بديلا عن سابقه الذي كان السبب في إصابته بالسمنة، وما ترتب عنها من أمراض. هشام أحناش عن “لوس أنجلوس تايمز”
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©