الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التبرير والنكوص

27 ديسمبر 2016 23:12
الآليات الدفاعية التي يحمي الإنسان نفسه وذاته بها من مثيرات القلق ومسببات التوتر متنوعة ومتعددة فمنها ميكانزم الإنكار والإسقاط والعزل والانشطار. وهو حيلة دفاعية لا شعورية يستخدمها الإنسان لحماية نفسه من حقيقة نفسه، بمعنى أدق حماية ذاته من أن تنكشف مساوئها أمام ذاته كالمرايا التي يخشى الإنسان النظر لها كي لا يرى شكله الحقيقي فيبقى محافظاً لنفسه على شكل يرضيها مبتعداً رويداً رويداً عن جوهر ذاته ومكنونها، فالتبرير هو خلق دوافع ومسببات منطقية أخلاقياً وحتمية اجتماعياً تبرر الأفعال المشينة والتصرفات اللاأخلاقية التي يقوم بها الفرد من حين إلى آخر حيث إن النسيج النفسي للفرد لا يتحمل حقيقة سوء ذاته دينياً وأخلاقياً فيقوم بإضفاء أسباب مقبولة اجتماعياً لأفعاله وتصرفاته ولا عجب في ذلك حينما ترى السارق يدعو الله عز وجل أن يوفقه في فعل الحرام، فالمجتمع هو من دفعه لذلك، وتجد أعتى السفاحين على مدار التاريخ يرى قتل الأبرياء ضرورة من ضرورات الحياة فلا يندم على فعله أبداً، بل يمدحه ويجد من يمدحه من الناس، لهذا فالتبرير حيلة دفاعية خطيرة في استخدامها، فما بالك بفرط استخدامها؟ قد تدمر معايير الشخص الدينية والأخلاقية وتؤدي لشمول الأرض بفساد عظيم. أما النكوص فهو حيلة دفاعية أخرى يستخدمها الإنسان مراراً وتكراراً للهروب من ألم النسيج النفسي الممزق بفعل التوتر والقلق، فالنكوص هو ارتداد الفرد على مستوى العقل والفعل بإتيان تصرفات حققت له الراحة النفسية في زمن بعيد بمعنى التقهقر إلى مراحل عمرية سابقة تنعّم فيها الفرد براحة نفسية وسعادة ذاتية، مراحل عمرية خالية من مسؤوليات الحاضر الصعب صافية نقية من مشاعر الإحباط واليأس فيعود بذهنه إلى ذكريات جميلة ومشاعر رائعة بعمل أفعال وتصرفات لا تناسب المرحلة العمرية الراهنة، ولكنها وفقاً لما نتج عنها سابقاً من راحة وسعادة فهي مخلص ومنقذ من توتر واضطراب الواقع المليء بالضيق ومشاعر الحزن والسآمة فتجد الآباء يلعبون ألعاب الأطفال والأمهات تتعلق بمسلسلات الصغار وأفلامهم هروباً لذكريات جميلة ومن واقع أليم. مصطفى حامد
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©