الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

تجار البشر..أعداء الإنسانية!

تجار البشر..أعداء الإنسانية!
28 ديسمبر 2016 12:13
تحقيق: آمنة الكتبي تقف بصمت وتسير أحياناً بخطى متثاقلة داخل مركز الإيواء في أبوظبي.. تطالعني من بعيد وتهمس في أذن صديقتها، فتركضان وتختبئان خلف الجدار.. محاولات اختلاس أي نظرة دون أن انتبه.. اقتربت منها أكثر، فمدت يدها المرتجفة لتصافحني بخجل، وحركت شفتيها بابتسامة بريئة تخلو من التصنع أو المجاملة، لكن سرعان ما عادت لتبرز ملامح الحزن مجدداً، فهي لم تروِ لي بعد ما حدث معها، وكيف انتهى بها المطاف هنا، لكن نظراتها كانت كافية لتروي الكثير مما عايشته على أيدي لصوص الإنسانية، حتى تخلصت منهم بعد احتوائها في المركز، وأيضاً يبدو أن حالتها لا تختلف كثيراً عن بقية قصص صديقاتها معها، إلا في تفاصيل بشعة، أو ربما أكثر مرارة، مررن بها. في وطنها الأم كانت «ع. م» تعيش فقراً مدقعاً، ارتأت جدتها العجوز، أن ترسلها لأسرة من جنسيتها، لتعيش معها، ولتقدم لها الرعاية والحياة الكريمة حتى يشتد عودها وتكبر وتتعلم وتعمل لتعيل أسرتها لاحقاً، كسائر أمنيات البشر، بتوفير مستقبل مشرق لفلذات أكبادها، لكن الأيام كانت تخبي لها فصولاً من قصص الرعب، بعد أن استغلت الأسرة -التي يفترض أن تأخذ بيدها لغدٍ أفضل- ضعفها وقلة حيلتها فمكرت بوعدها، وعمدت إلى إلغاء هويتها وتغيير بياناتها لتصبح ابنتهم في وثائق رسمية مزورة، ليتم الاتجار بها وتحويلها إلى سلعة في سوق لا يعرف الرحمة ولا الشفقة إلا المال القذر. اليوم «ع. م» تبلغ من العمر 12 عاماً، هي لم تكن قبل مجيئها إلى المركز تلعب في الحي مع أقرانها من الأطفال، ولم تكن في كنف والديها يشتريان لها الألعاب وما لذا وطاب من الطعام، بل بين مجرمين يتناوبون على اغتصاب براءتها وكرامتها لتكون مع أخريات ضحية ما يعرف بسوق «الاتجار بالبشر»، الاسم الجديد للعبودية في القرن الحديث، حيث الذل والهوان وانعدام الإنسانية، ومن أسف فإن الكثيرين لم يستطيعوا الخلاص مثل الطفلة «ع. م» من خبث هؤلاء إلا بعد فوات الأوان، إذ تقدر المنظمات الدولية أن عدد ضحايا الاتجار بالبشر يزيد على 27 مليون ضحية حول العالم، وهو رقم صادم لأنه تعدى ضحايا الحروب العالمية. قد يتساءل البعض هنا، كيف يحصل هذا ونحن نعيش في القرن الحادي والعشرين؟ يجيب الخبراء، بأن تجارة العبودية التي كانت تمارس على مر الأزمان لا تزال مستمرة إلى اليوم، ولكن بصورة محدثة، في عصر ووسائل التواصل الاجتماعي، وسرد قصة الطفلة «ع. م» هي غيض من فيض ضمن تجارة بشعة تقدم الإنسان كسلعة يتم المتاجرة بها وتداولها لمن يرغب ببخس الأثمان، إذ يعتبر الاتجار بالبشر، بحسب الإحصاءات، ثالث أكبر تجارة إجرامية في العالم بعد تجارتي المخدرات، والسلاح، والأدهى أن الإقبال عليها يتزايد من قبل المنظمات الإجرامية، باعتبار أن مخاطرها أقل.. أي بشر هم، يتساءل الخبير!!. وهنا ربما تبدد قصة «م. و» آسيوية الشكوك في ذلك، التي جاءت إلى الدولة للعمل من أجل مساعدة أطفالها الذين تخلى عنهم والدهم، فعملت «مربية» في منزل لمدة 3 أشهر، حتى قادها الطمع للهروب، والعمل بشكل غير قانوني، حيث أوقعتها زميلتها في «مصيدة» المتاجرين بالبشر في مشهد ينتظر من يكشف دسائسه، حيث تقول أي «م.و»: «لقد تم بيعي بـ 5000 ألف درهم لشخص مجرم أجبرني على ممارسة البغي في أوساط الدعارة لاستقطاب الرجال راغبي المتعة الحرام، وممارستها الرذيلة معهم مقابل فوائد مالية لم أحصل عليها أبداً، ولم يكتف المجرم بذلك فقط، بل أصبح يمارس الرذيلة معي إلى أن أرهق جسدي، بكيت كثيراً على أحلامي الوردية التي تحولت إلى كوابيس، وبقيت على حالتي حتى أنقذتني الشرطة». إذاً أصبح موضوع «الاتجار بالبشر»، في الفترة الحالية من عمر التقدم التكنولوجي والازدهار العلمي والتقني، إلى جانب الأوضاع السياسية في البلدان العربية، يشكل قضية أساسية ترهق كاهل الأمم، وضرورة قصوى؛ لأنه إذا ماتت الإنسانية، في الحياة البشرية الطبيعية، فإن ضمان البقاء، سيغدوا أمراً مستحيلاً، كما أن الاتجار بالبشر، يتجاوز تجارة المخدرات والأسلحة شراسة، لما فيه من انحلال لهدف خلق الإنسان على الأرض، وهو التعمير وإحداث الحياة وتطويرها. عبودية محدثة مشكلة عالمية ولا تعرف حدود معينة، وأكبر تجارة إجرامية يشهدها العالم، كما أن المنظمات الإرهابية نجحت في إفراز أنواع جديدة من صور الاتجار بالبشر لم تكن معروفه سابقا، إذ يقول القاضي الدكتور حاتم علي مدير وممثل مكتب الأمم المتحدة المعني بمكافحة المخدرات والجريمة لدول مجلس التعاون لدول الخليج: «إن عصابات الإتجار بالبشر تستخدم أسلوب استخدام البشر واستغلالهم في جني الأرباح والأموال، سواء أكان استخدامهم في ممارسة الدعارة أو العمل القسري أو نزع أعضائهم وبيعها، مبيناً: «إن ظاهرة الاتجار بالبشر تمثل مشكلة، وتسمى العبودية الحديثة أو عبودية القرن الحادي والعشرين، وهو أضحى من أهم الموضوعات الإنسانية في الوقت الراهن، سواء على المستوى الدولي أو الإقليمي أو الوطني، فقد حظي هذا الموضوع باهتمام الدول كافة، والعديد من المنظمات الدولية والإقليمية». ويؤكد أن منظمة الأُمم المتحدة تقوم من خلال أجهزتها المختلفة، للدعوة إلى مواجهة هذا النوع من الجرائم، باعتبارها أحد أشكال الجريمة المنظمة من خلال إبرام العديد من الاتفاقيات الدولية، ووضع التشريعات والسعي لإنشاء مراكز الإيواء، مشيراً إلى اهتمام منظمة الأمم المتحدة لمواجهة هذه المشكلة، حيث بلغ عدد ضحايا الإتجار بالبشر ما يزيد على 27 مليون ضحية حول العالم. ويتابع: طالبت المنظمة الحكومات ببذل المزيد من الجهود والتعاون في ذلك، كما تم الاجتماع بجامعة الدول العربية ومع الخبراء العرب من 18 دولة لوضع خطط لمواجهة هذه المشكلة الخطيرة، والأخطر أن المنظمات الإرهابية أفرزت أنواعاً جديدة من صور الإتجار بالبشر في بعض الدولة العربية، خاصة في المجتمعات التي أبعدت عن مواطنها ولجأت للهجرة مثل سوريا واليمن. منظمات إرهابية «ما زاد الطين بلة»، كما يقال بالمثل، بروز منظمات إرهابية جديدة مثل «داعش»، التي زادت من أنواع الجرائم، يقول الدكتور حاتم علي: «إن سجل المنظمات الإرهابية حافل بمختلف أنواع الجرائم وأبشعها، بما فيها ممارسات الإتجار بالبشر، فممارسات (داعش) وأخواتها من المنظمات الإرهابية، تنتهك كرامة الإنسان وتجعل منه مجرد سلعة رخيصة لخدمة النزوات والأهواء والمصالح وتجارة الأعضاء والميلشيات المسلحة، وهذه العصابات الإجرامية لها الأثر في توسيع الاتجار بالبشر عن طريق عبورها للدول، فقد استغلت تكنولوجيا الاتصالات الحديثة مستخدمة سواراً إلكترونياً لمراقبة الضحايا عن بعد»، موضحاً أن هذه التجارة أصبحت بفضل الإنترنت عابرة للحدود السياسية للدول وفي وقت غير طويل مما يزيد من خطورة هذه العصابات وأثرها في زيادة أعداد الضحايا في الاتجار في البشر. ويضيف: «تشير الإحصاءات إلى ارتفاع عدد البلدان التي وضعت قانون يجرم أشكال الاتجار بالبشر بما يتماشى مع التعريف المستخدم في برتوكول الأمم المتحدة، حيث بلغت نسبة الدول 18% في عام 2003، وارتفعت النسبة لتصل إلى 88% في عام 2016». انخفاض في الإمارات وتتعامل الإمارات بمنتهى الجدية والحزم مع جرائم الاتجار بالبشر وفي هذا الإطار شُكلت لجنة وطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، حيث يقول الدكتور سعيد الغفلي، وكيل الوزارة المساعد لشؤون المجلس الوطني الاتحادي، مقرر اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر: إن دولة الإمارات تعتبر من الدول الأولى التي انضمت إلى الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية المعنية بالتصدي لهذه الجرائم، حيث وضعت الإمارات منذ نشأتها القوانين والتشريعات ذات الصلة بمكافحة جرائم الاتجار بالبشر من خلال التزامها بمبادئ العدالة والمساواة. ويتابع: انطلاقاً من مسؤولياتها الدينية والأخلاقية وحرصها على كرامة الإنسان وخاصة في حق النساء والأطفال أكدت تصميمها على مكافحة هذه الجريمة وحماية ومساندة ضحاياها وتقديم مرتكبيها للقضاء وجرائم الإتجار بالبشر هي من أبشع الممارسات السلوكية ضد الإنسانية وقيمها الاجتماعية والأخلاقية ومن أخطر أشكال الجريمة الدولية المنظمة، وتتضمن أعمالاً غير مشروعة كالتهديد أو استخدام القوة وغيرها من أشكال الإكراه أو الغش ويتم هذا الاستغلال من خلال إجبار الضحية على أعمال غير مشروعة كالبغاء أو على أي شكل من أشكال استغلال الجنسية أوالعبودية أو غيرها من الممارسات المقاربة للعبودية. ويؤكد أن الإمارات كانت ولا تزال سباقة في مكافحة هذه الجريمة ومحاربتها بكل السبل والطرق الممكنة محلياً وإقليمياً وعالمياً، فقد أصدر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، القانون الاتحادي رقم 1 لسنة 2015 بتعديل بعض أحكام القانون الاتحادي رقم 51 لسنة 2006 في شأن مكافحة جرائم الاتجار بالبشر. كما أصدر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، قراراً لتعديل قرار مجلس الوزراء رقم 15 لسنة 2007 في شأن تشكيل اللجنة الوطنية لمكافحة جرائم الاتجار بالبشر. انخفاض 54 % وتشير إحصائية اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر والمنشورة على موقعها الرسمي إلى أن قضايا الاتجار بالبشر في الدولة سجلت خلال الأعوام الخمسة الماضية من عام 2011 وحتى عام 2015 انخفاضاً بنسبة 54%، حيث بلغت خلال العام الماضي نحو 17 قضية مقابل 37 قضية عام 2011، بحسب الدكتور سعيد الغفلي، ويضيف: «إن العام الماضي شهد انخفاضاً في عدد الضحايا والمتاجرين بالبشر، حيث تم توثيق 24 حالة ضحية و54 حالة لمتاجرين مقابل 20 ضحية و46 متاجراً خلال عام 2014 و24 ضحية و50 متاجراً عام 2013، وفي عام 2012 تم توثيق 75 ضحية و149 متاجراً و51 قضية مقابل 111 متاجراً في عام 2011». ويؤكد أن دولة الإمارات تعتبر أول دولة عربية تصدر قانوناً لمكافحة الاتجار بالبشر في عام 2006، مع أن قانون العقوبات الاتحادي رقم (3) لعام 1983 نص في المادة (346) على تحريم هذا النوع من الأفعال، ويتضمن القانون عقوبات رادعة ضد مخالفيه تبدأ من السجن لمدة خمس سنوات، وتصل إلى السجن المؤبد والغرامة. ويشير مقرر اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، إلى أن دولة الإمارات عملت على إصدار تعديلات مهمة على قانون مكافحة جرائم الاتجار بالبشر؛ بهدف توفير قدر أكبر من الحماية والضمانات لضحايا الإتجار بالبشر، ليصبح القانون أكثر توافقاً مع بروتوكول «باليرمو»، وهو القانون الذي سنته الأمم المتحدة لمنع وقمع ومعاقبة الاتجار بالبشر، خاصة النساء والأطفال، وذلك ليكون مكملاً لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية. ويبين أنه تم تعديل القانون عام 2015، وذلك من خلال معاقبة مرتكبيها، وتوفير حماية للضحايا والشهود وتوفير مميزات خاصة للضحايا وإيجاد آلية للتعاون مع الدول في هذا الشأن، فضلاً عن الجهود التي تبذلها اللجنة الوطنية لمكافحة جرائم الاتجار بالبشر على المستوى المحلي والإقليمي والدولي. ويضيف: تم إنشاء اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر عام 2007، وتقدم اللجنة عبر صندوق دعم ضحايا الاتجار.. المساعدات للكثيرين من المحتاجين، حيث تمد لهم يد العون والمساعدة ليواصلوا حياتهم بشكل طبيعي بعيداً عن الأذى والاعتداءات التي تعرضوا لها، كما تتبع دولة الإمارات منهاجاً شاملاً يتأسس على مجموعة من المبادرات التي تحدد كيفية تعامل القائمين على تطبيق القانون مع ضحايا الإتجار بالبشر بشكل أفضل من خلال مراكز متخصصة توفر برامج رعاية فعالة وعادلة لهم وحماية ضحايا الاستغلال الجنسي وتقديم الدعم المالي والمعنوي لهم من خلال برامج إعادة التأهيل وتوفير الرعاية النفسية الصحية والقانونية للضحية أثناء النظر في القضية ومن ثم يتم تأمين عودتها إلى بلدها الأصلي على نفقة الدولة، وذلك في إطار برنامج مساعدة ضحايا الجرائم. «أم الإمارات» تتابع شخصياً وفي الإمارات أيضاً، تلقى مشكلة الاتجار بالبشر أعلى درجات الاهتمام من أعلى المستويات، إذ تحرص سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام، الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة «أم الإمارات»، على تفقد مراكز إيواء النساء والأطفال ضحايا الاتجار بالبشر لمد يد العون والمساعدة ومحاولة إسعاد الضحايا واستعادة حياتهم الطبيعية، من خلال بث روح الأمل فيهم للعيش من جديد. وتقول سارة شهيل المدير التنفيذي لمراكز إيواء النساء والأطفال في أبوظبي، عضو اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار: إن سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك تحرص على زيارة المراكز دائماً وتقدم دعمها لكل الإجراءات التي تضمن حقوقهم المادية والمعنوية حتى عودتهم إلى بلدانهم وبدء حياة جديدة، إذ بلغ عدد ضحايا الاتجار بالبشر في مراكز الإيواء منذ 2009 إلى الآن 252، وأغلب أعمار الضحايا تتراوح بين 18 إلى 25 سنة. وتوضح المدير التنفيذي لمراكز إيواء النساء والأطفال، أن المراكز تقوم باستقبال الضحايا وتوفير المأوى الآمن لهن، إضافة إلى تقديم العلاج الطبي والنفسي وفق حالاتهن، إضافة إلى تقديم المساعدة القانونية، وتأهيل الضحايا في مهن حرفية، وغيرها حتى يتمكن من إعالة أنفسهن بعد عودتهن إلى بلدانهن، إضافة إلى متابعة أمورهن بعد ترحيلهن إلى بلدانهن ومساعدتهن في البدء بحياة جديدة. وتضيف: يعمل المركز على مساعدة بعض الضحايا في الإقامة بالدولة، مع توفير فرصة عمل لهم، مؤكدة أن المركز يقوم بتأهيل وتدريب الضحايا، وأن المركز يقدم دورات عديدة منها: تنسيق زهور، والطبخ، وتعليم لغة عربية وانجليزية، والرسم، والأعمال اليدوية، والخياطة، والرياضة، والأعمال الفندقية والمحاسبة. وتؤكد على أهمية الخط الساخن الذي أسسته المراكز والذي يعمل 24 ساعة، وهو جسر يربط المراكز بالضحايا المحتملين والمتاجر بهم والرد على الاستفسارات حول هذا الموضوع والتوعية، وأن مراكز إيواء تم افتتاحها بمقتضى القرار الذي أصدره سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان ممثل الحاكم في المنطقة الغربية رئيس هيئة الهلال الأحمر الإماراتية في 2008، وهي كيان غير ربحي يعمل تحت مظلة الهلال الأحمر الإماراتية، وتم إنشاؤها كجزء من خطة دولة الإمارات لمكافحة الاتجار بالبشر. ويمتد الاهتمام بمساعدة ضحايا الاتجار بالبشر إلى مختلف إمارات الدولة، وفي دبي تؤكد عفراء البسطي مدير عام مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال، أن عدد ضحايا الإتجار بالبشر بلغ منذ بداية افتتاح المؤسسة إلى الآن 221 ضحية، من بينهم 20 ضحية من جنسيات عربية و44 ضحية اتجار بالبشر من الأطفال دون 18 سنة، حيث يتم استقبال ضحايا الاتجار بالبشر عن طريق التحويل الرسمي من الجهات الأمنية، وفي حال ورد بلاغ من المؤسسة يتم اتخاذ الإجراءات المناسبة لتحويلها للجهات الأمنية المختصة لاتخاذ اللازم. وحول كيفية تأهيل ضحايا الإتجار بالبشر تقول البسطي: تستقبل المؤسسة ضحايا الاتجار بالبشر من النساء والأطفال بتحويل من جهات رسمية، حيث يتم الترحيب بهم بالمؤسسة، فمنذ اليوم الأول يتم تعيين اخصائي اجتماعي ومرشد نفسي يقوم بدارسة الحالة الاجتماعية والنفسية وعلى ضوء هذه الدراسة يتم البدء بإعداد خطة دعم تشمل جميع النواحي الاجتماعية، والنفسية، والقانونية، والصحية والمهنية. وتضيف: تتم متابعة وضع الحالة الصحي وتقديم الرعاية الصحية اللازمة، ومن الناحية النفسية فيتم تعيين مرشد نفسي يقوم بإعداد خطة علاجية شاملة تمكنها من إعادة بناء الثقة بنفسها وبالآخرين وتمكنها من النهوض من جديد وبدء حياة جديدة، بالإضافة إلى مشاركة الحالة في مجموعات الدعم. وتؤكد أن المؤسسة تقوم بتوفير عدة برامج لتمكين الحالات تتمثل في أنشطة داخلية وخارجية للحالات، مضفية: «إنه قبل أن يتقرر مغادرة الحالة بناء على قرار من الجهة المحولة تقوم الاختصاصية الاجتماعية بتهيئة الحالة لمواجهة العالم الخارجي من خلال إعداد خطة ما بعد الرعاية، ووضع خطة سلامة للتأكد من عدم وقوعها ضحية مرة أخرى، حيث تقوم الاختصاصية بالتنسيق مع منظمات في بلد الضحية الأم لتقديم الحماية والرعاية بعد خروجها، كما تتم متابعة الضحية لمدة قد تتجاوز الستة أشهر بعد خروجها للتأكد من استقرارها». جريمة خطيرة إلى ذلك، يرى العقيد مبارك بن محيروم رئيس لجنة مكافحة الاتجار بالبشر، مدير عام حماية المجتمع والوقاية من الجريمة بوزارة الداخلية، أن الاتجار بالبشر من أخطر أشكال الجريمة المنظمة، التي باتت تهدد الأمن والاستقرار في مختلف دول العالم، وتعد من أبشع الممارسات السلوكية ضد الإنسانية وقيمها الاجتماعية والأخلاقية لما تخلفه من ضحايا يعانون مشاكل نفسية وجسدية واجتماعية. ويقول: إن وزارة الداخلية تعمل جاهدة للتصدي لجرائم الاتجار بالبشر، وتعزيز التعاون بين السلطات المكلفة بإنفاذ القانون لمواجهة هذه الجرائم من خلال شبكة متكاملة من الاتفاقيات والتدابير المشتركة وتبادل الخبرات والمعلومات في هذا المجال واتخاذ حزمة من الإجراءات للحد من هذه الجرائم منها تنظيم ورش العمل والتدريب ونشر المعرفة، ورفع مستوى الوعي العام لدى العاملين في مجال إنفاذ القانون بشأن تطبيق قانون مكافحة جرائم الاتجار بالبشر. ويشير إلى قيام الوزارة بتوفير الحماية والدعم للضحايا من ناحية إنسانية، إلى جانب دورها الجنائي في تعقب وضبط المجرمين المتورطين في جرائم الاتجار بالبشر، ضمن نطاق مشاركتها في تنفيذ القانون الاتحادي بشأن مكافحة جرائم الاتجار بالبشر، مبيناً أن استراتيجية الوزارة في مكافحة جرائم الاتجار بالبشر تقوم على العمل بفعالية لتطوير عملية المكافحة ميدانياً في أحد أكثر البلدان أماناً وسلاماً في العالم وضبط مرتكبيها ومقاضاتهم وتوفير الحماية للضحايا والشهود والتنسيق والتعاون الدولي لتحقيق الأمن والسلامة لمن يعيش على أرض الإمارات. ويتابع: إن وزارة الداخلية اتخذت العديد من الإجراءات الوقائية والتدابير الأمنية للحد من جرائم الاتجار بالبشر، مؤكداً أن ملاحقة المجرمين من أولويات أجهزة المكافحة في الوزارة، التي اعتمدت خططاً ميدانية ومبادرات وسياسات لتتبع المجرمين وتقديمهم للعدالة وتفعيل التشريعات ذات الصلة في عملية المكافحة عن طريق الضبط والتحقيق والملاحقة، مشيراً إلى أن «الداخلية» أدركت أهمية التعاون الدولي في مكافحة جرائم الاتجار بالبشر عابرة الحدود على الرغم من الصعوبات والتحديات المحتملة، وانتهجت الوزارة أكثر من مجال في تبادل المعلومات والتعاون القانوني من خلال الاتفاقيات والمعاهدات الدولية ومذكرات التفاهم الثنائية وعضوية الدول في المنظمة الدولية للشرطة الجنائية «الإنتربول». إحصاءات أكدت الأمم المتحدة أن نحو ثلاثة أرباع ضحايا جرائم الاتجار بالبشر على مستوى العالم من الفتيات والنساء. وجاء في تقرير لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة (UNODC) ضمن نسخة 2016، أن 51% من جميع هؤلاء الضحايا نساء بالغات، و20% منهم فتيات قاصرات، غير أن معدي التقرير أشاروا في الوقت ذاته إلى ارتفاع نسبة الرجال البالغين الذين يتم تهريبهم من 13% عام 2004 إلى 21% بعد عشر سنوات. وشمل التقرير 63 ألفاً و251 حالة وقعت في الفترة بين عامي 2012 و2014، وقال جوري فيدوتوف رئيس مكتب UNODC عند عرض التقرير: «التهريب من أجل الاستغلال الجنسي والسخرة يظلان أكثر الحالات تكراراً، ولكن يتم الاتجار في كثير من الضحايا أيضاً ليعملوا كمتسولين أو لاستخدامهم في الزواج القسري أو في الأفلام الإباحية». وجاء في التقرير أن الصراعات والأنظمة الإرهابية تدعم جرائم الاتجار بالبشر، وأن الوجود العسكري القوي يتسبب كثيراً في زيادة الطلب من جانب القوى العاملة والعاملين في الجنس. وذكر التقرير أنه تم القبض على 14 ألفاً و191 شخصاً بتهمة تهريب البشر، وذلك في الفترة ما بين عامي 2012 و2014، التي شملها التقرير ورصد فيها 63 ألفاً و251 حالة تهريب للبشر. نافذة أطلقت الإدارة العامة لحقوق الإنسان في شرطة دبي دبلوم «مكافحة جرائم الاتجار بالبشر»، الذي يعد الأول من نوعه على مستوى الوطن العربي، وينفذ بالتعاون مع اللجنة الوطنية لمكافحة جرائم الاتجار بالبشر، ومعهد دبي القضائي، ويهدف لإعداد نخبة مؤهلة في جميع الدوائر المعنية بمكافحة جرائم الاتجار بالبشر في الدولة. كما أسست اللجنة الوطنية صندوقاً غير حكومي عام 2013 لدعم ضحايا الاتجار بالبشر، لا سيما برامج إعادة تأهيلهم على المدى الطويل، وبدأ الصندوق الذي يعتبر نموذجاً للتعاون بين القطاعين العام والخاص عمله عام 2014، وبدأ الضحايا بتلقي مساعدات من الصندوق وبشكل خاص لأغراض السكن وتعليم الأطفال والمصاريف الطبية في بلدانهم، حيث بلغ مجموع المبالغ التي تم صرفها في العام الماضي 294.391 ألف درهم.  
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©