الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ابن عباس.. ترجمان القرآن وحبر الأمة

10 يوليو 2015 20:30
محمد أحمد (القاهرة) عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، صحابي جليل، ابن عم النبي، ولد قبل الهجرة بثلاث سنين، طاهر القلب نقي النفس، لا يشبع من الخير لمن يعرف ولمن لا يعرف من الناس، يمتلك ذاكرة قوية وكان ذا ذكاء وفطنة، نافذ الحجة ذا منطق قوي. كان ابن عباس واسع العلم بجانب تميزه بأخلاق العلماء، يقول ابن عباس عن نفسه: إني لآتي على الآية من كتاب الله فأود لو أن الناس جميعاً علموا مثل الذي أعلم، وإني لأسمع بالحاكم من حكام المسلمين يقضي بالعدل، ويحكم بالقسط، فأفرح به وأدعو له، وما لي عنده قضية، وإني لأسمع بالغيث يصيب للمسلمين أرضاً فأفرح به، وما لي بتلك الأراضي سائمة. كان كثير البكاء في صلاته، وعندما يقرأ آيات الزجر والوعيد وذكر الموت والبعث يعلو نحيبه، فقد كان عابداً قانتاً أواباً إلى جانب أنه شجاع وأمين. دار بينه وبين الخوارج حوار ساق فيه ابن عباس الحجج القوية حتى اقتنع بعضهم بخطأ أفكاره، فقد بعثه الإمام علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) ذات يوم إلى طائفة كبيرة منهم فسألهم ماذا تنقمون من علي؟ قالوا: ننقم منه ثلاثاً، أولها: أنه حكَّم الرجال في دين الله، والله يقول «إن الحكم إلا لله»، والثانية: أنه قاتَل، ثم لم يأخذ من مقاتليه سبياً ولا غنائم، فلئن كانوا كفاراً، فقد حلت أموالهم، وإن كانوا مؤمنين، فقد حرمت عليه دماؤهم، والثالثة: رضي عند التحكيم أن يخلع عن نفسه صفة أمير المؤمنين استجابة لأعدائه، فإن لم يكن أمير المؤمنين، فهو أمير الكافرين. فأخذ ابن عباس يفند آراءهم فقال: «أما قولكم أنه حكَّم الرجال في دين الله»، فأي بأس؟ إن الله يقول: «يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمداً فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم»، فنبئوني بالله أتحكيم الرجال في حقن دماء المسلمين أحق وأولى، أم تحكيمهم في أرنب ثمنها درهم؟ وأما قولكم: إنه قاتل فلم يسبِ ولم يغنم، فهل كنتم تريدون أن يأخذ عائشة زوج الرسول وأم المؤمنين سبياً ويأخذ أسلابها غنائم؟ وأما قولكم: إنه رضي أن يخلع عن نفسه صفة أمير المؤمنين، حتى يتم التحكيم، فاسمعوا ما فعله الرسول يوم الحديبية، إذ راح يملي الكتاب الذي يقوم بينه وبين قريش، فقال للكاتب: «وكان الإمام علي بن أبي طالب هو كاتب صحف رسول الله، اكتب هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله»، فقال مبعوث قريش: «والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك، فاكتب، هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله»، فقال لهم الرسول: «والله إني لرسول الله وإن كذبتم»، ثم قال لكاتب الصحيفة: «اكتب ما يشاؤون، اكتب هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله». واستمر الحوار بين ابن عباس والخوارج وما كاد ينتهي حتى نهض ألفان منهم معلنين اقتناعهم وخروجهم من خصومة الإمام علي (رضي الله عنه). كان ابن عباس حبر الأمة بتواضعه ودماثة خلقه وسئل يوماً: «أنى أصبت هذا العلم؟ فأجاب: «بلسان سؤول وقلب عقول» أي بلسان متسائل وعقل متفحص دائماً، فأطلق عليه ترجمان القرآن. والباحثون عن المعرفة وتفسير القرآن وتأويله في الفقه وفي التاريخ وفي لغة العرب كانوا يقصدون ابن عباس، فقد حدّث أحد أصحابه فقال: «رأيت من ابن عباس مجلساً لو أن جميع قريش فخرت به لكان لها به الفخر، رأيت الناس اجتمعوا على بابه حتى ضاق بهم الطريق، فتوضأ وقال: اخرج إليهم فادع من يريد أن يسأل عن القرآن وتأويله، فدخلوا وسألوا ما شاؤوا، ثم قال لهم: «إخوانكم».. فخرجوا ليفسحوا الطريق لغيرهم ثم قال لي: «ادع من يريد أن يسأل عن الحلال والحرام، فيأذن لهم ويخرجوا». توفى الصحابي الجليل حبر الأمة وترجمان القرآن عبدالله بن عباس سنة 68 هـ بالطائف.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©