الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

30 ألفا هزموا مئة ألف في معركة «الزلاقة»

30 ألفا هزموا مئة ألف في معركة «الزلاقة»
12 يوليو 2013 22:26
أحمد مراد (القاهرة) - معركة الزلاقة التي انتصرت فيها جيوش دولة المرابطين بقيادة يوسف بن تاشفين، والتي كانت متحدة مع جيش المعتمد بن عباد على قوات الملك القشتالي ألفونسو السادس. والزلاقة أرض بالأندلس قرب مدينة قرطبة، وكانت عبارة عن سهل وسمي بالزلاقة نسبة لكثرة انزلاق المتحاربين على أرض المعركة بسبب كمية الدماء التي أريقت في ذاك اليوم، وسبقت المعركة أحداث مؤسفة شهدتها بلاد الأندلس، فبعد أن كانت قرطبة بمثابة عروس الغرب حضارياً وسياسياً وعسكرياً سقطت الدولة الأموية في الأندلس وتفككت إلى ما عرف باسم فترة ملوك الطوائف، والتي شهدت العديد من النزاعات والحروب بين ملوكها الأمر الذي أدى إلى إضعاف موقف المسلمين، وعلى الجانب الآخر اتحدت مملكتا قشتالة وليون على يد فرناندو الأول الملقب بالعظيـم، وكان له بعض المنـاوشات مع المسلمين التي استمرت بعد وفاته وتولى ابنه الملك ألفونسو السادس الأمر من بعده. واستغل ألفونسو الصراع الدائر بين هذه الممالك، وأخذ يفرض عليها الإتاوات، ثم سقطت في يده مدينة طليطلة أهم المدن الأندلسية عام 477 هـ، ونقل إليها عاصمة ملكه، واتجه بعد ذلك لمملكة بني هود وضرب حصاراً على عاصمتهم - سرقسطة - واستولى عليها، الأمر الذي أدى إلى إلقاء الرعب في قلوب الأندلسيين وخصوصاً بني العباد إذ كان بنو هود من حلفاء ألفونسو وغدر بهم. الانتقام وغالى ألفونسو في طلب الإتاوات من المعتمد بن عباد وبالغ في إذلاله حتى وصل الحد بالمعتمد أن قتل رسله، مما أثار غضب ألفونسو، وصمم على الانتقام، وبدأت جيوشه تسيطر على أراض من إشبيلية وغيرها من الأراضي الإسلامية، وهنا استنجد مسلمو الأندلس بدولة المرابطين الذين نمت قوتهم في ذلك الوقت على الضفة الأخرى من البحر المتوسط. ورغم كل التحذيرات التي وجهت إلى المعتمد عن طمع المرابطين في بلاد الأندلس، فإن النخوة الإسلامية قد استيقظت في نفسه، فأصر على الاستنجاد بالمرابطين، وقال قولته المشهورة: «لأن أكون راعي جمال في صحراء أفريقية خير من أن أكون راعي خنازير في بيداء قشتالة». ووافق يوسف بن تاشفين قائد المرابطين على مساعدة الأندلسيين وانطلق في عام 479 هــ برفقة 12 ألف مقاتل شمالاً نحو إشبيلية، حيث تجمع حلفاؤه من ملوك الطوائف بقيادة المعتمد ليصل عدد الجند إلى ما بين 20 و30 ألف مقاتل، وسار هذا الموكب من الجيش الإسلامي إلى موضع سهل في الجزء الجنوبي لبلاد الأندلس سمي بعد ذلك الزلاقة. مراوغة وعندما علم ألفونسو بتحرك ابن تاشفين تقدم مع حلفائه لقتال المسلمين، وبلغ عدد جنوده 60 ألفا وقيل 100 ألف وعسكرت الجيوش النصرانية على بعد 3 أميال من جيش المسلمين على الضفة الأخرى من نهر جريرو. وكان الجيش الإسلامي مقسما إلى 3 أقسام: عرب الأندلس في المقدمة بقيادة المعتمد بن عباد وعددهم 15 ألفا، وأمازيغ الأندلس والمغرب في المؤخرة بقيادة داود بن عائشة أحد قادة المرابطين وعددهم 11 ألفاً، والجنود الاحتياطيون ومعظمهم أمازيغ ويكونون خلف الجيش الإسلامي وهم بقيادة ابن تاشفين وعددهم 4 آلاف. اخترت الحرب وبعث ابن تاشفين برسالة إلى الفونسو قال فيها: «بلغنا انك دعوت أن يكون لك سفن فتعبر بها إلينا فقد عبرنا إليك وستعلم عاقبة دعائك، وإني أعرض عليك الإسلام أو الجزية عن يد وأنت صاغر أو الحرب» فرد عليه الفونسو قائلاً: «فإني اخترت الحرب فما ردك على ذالك» فرد عليه ابن تاشفين قائلاً: «الجواب ما تراه بعينك لا ما تسمعه بأُذنك»، ورد عليه الفونسو قائلاً: «غداً الجمعة والجمعة عيد للمسلمين، ونحن لا نقاتل في أعياد المسلمين والسبت عيد اليهود وفي جيشنا كثير منهم، والأحد عيدنا فهل يمكن أن نؤجل القتال إلى الاثنين ؟»، فتوقع ابن تاشفين أن الفونسو سيغدر به فجهز جيشه، وبالفعل هاجم الفونسو المسلمين ووجدهم مستعدين وقاوموا مقاومة عنيفة، واستمرت المعركة حتى العصر ما بين المجموعة الأولى وقوات الفونسو كلها حتى أرهق كلا الطرفين، فما كان من أبن تاشفين إلا أن أرسل جنوده على دفعات إلى أرض المعركة مما أدى لتحسين موقف المسلمين، ثم عمد إلى اختراق معسكر النصارى ليقضي على حراسه ويشعل النار فيه، الأمر الذي أدى إلى تفرق جيش ألفونسو بين مدافع عن المعسكر ومحارب للقوات الإسلامية. انتصار إسلامي كبير حوصر ألفونسو وقواته، وقد قطعت قدمه في المعركة، ففر هاربا ومعه 500 فارس أغلبهم مصابون، ولم يصل منهم إلى طليطلة سوى 120 فارساً، ورجع يوسف بن تاشفين إلى بلاد المغرب بعد انتهاء القتال فقد أدى ما عليه وهزم صليبيي الأندلس. وأذيعت أنباء النصر المبين إلى جميع أنحاء الأندلس والمغرب، وعمت الفرحة بين الناس، وأصبح هذا اليوم مشهودا، لا على أرض الأندلس فحسب، وإنما على امتداد الأرض الإسلامية كلها، وكان لهذا النصر تأثير كبير في تاريخ الأندلس الإسلامي، إذ أنها أوقفت زحف النصارى المطرد في أراضي ملوك الطوائف الإسلامية وقد أخرت سقوط الدولة الإسلامية في الأندلس لمدة تزيد على قرنين ونصف القرن.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©