الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«جرمانوس» .. تمنى أن يعيش مائة عام لخدمة لغة القرآن

«جرمانوس» .. تمنى أن يعيش مائة عام لخدمة لغة القرآن
12 يوليو 2013 22:17
أحمد مراد (القاهرة)- «جرمانوس»، عالم ومستشرق مجري، وصفه الأديب الراحل عباس العقاد بأنه «عشرة علماء في واحد»، وقد أتقن ثماني لغات وألف بها، من بينها اللغة العربية. ولد جرما نوس في العاصمة المجرية «بودابسـت»، تعلّم اللغتين العربية والتركية على يد المستشرقين فامبيري وجولد تسيهر، فأورثاه ولعهما بالشرق الإسلامي، وفي سنة 1905 تابع دراستهما - العربية والتركية - في جامعتي استانبول وفيينا، وألف كتابا بالألمانية عن الأدب العثماني عام 1906، وألف كتاباً آخر عن تاريخ أصناف الأتراك في القرن السابع عشر، فنال عليه جائزة مكنته من قضاء فترة مديدة في لندن، حيث استكمل دراسته في المتحف البريطاني، وفي عام 1912 عاد إلى بودابست، فعين أستاذا للغات العربية والتركية والفارسية، وتاريخ الإسلام وثقافته في المدرسة العليا الشرقية. وفي عام 1929 دعاه الشاعر الهندي «طاغور» إلى الهند ليعمل أستاذا للتاريخ الإسلامي في جامعات دلهي ولاهور، وحيدر آباد، وهناك أشهر إسلامه في مسجد دلهي الأكبر، وألقى خطبة الجمعة، وأطلق على نفسه أسم «عبد الكريم». ثم رحل إلى القاهرة وتعمق في دراسة الإسلام على يد شيوخ الأزهر، ثم قصد مكة حاجاً وزار قبر الرسول صلى الله عليه وسلم، وألف في حجته كتابه «الله أكبر» الذي نُشر في عدة لغات. وكان لإسلام عبد الكريم جرمانوس خلفيات، يرويها فيقول: في إجازة صيف كان من حظي أن أسافر إلى البوسنة، وهي أقرب بلد شرقي إلى بلادي، ومجرد نزولي أحد الفنادق سارعت إلى الخروج لمشاهدة المسلمين في واقع حياتهم، حيث خرجت بانطباع مخالف لما يقال حول المسلمين، وكان هذا هو أول لقاء مع المسلمين، ثم مرت سنوات وسنوات في حياة حافلة بالأسفار والدراسات، وكنت مع مرور الزمن تتفتّح عيناي على آفاق عجيبة وجديدة، وأثناء وجودي في الهند، وفي ذات ليلة رأيت - كما يرى النائم - كأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم يخاطبني بصوت عطوف: «لماذا الحيرة؟ إن الطريق المستقيم أمامك مأمون ممهد مثل سطح الأرض، سر بخطى ثابتة وبقوة الإيمان»، وفي يوم الجمعة التالية، وقع الحدث العظيم في مسجد الجمعة في دلهي، حينما أشهرت إسلامي على رؤوس الأشهاد». وعن اللحظات الأولى عقب نطقه بالشهادتين يقول عبد الكريم جرمانوس: كان التأثّر والحماس يعمان المكان، ولا أستطيع أن أتذكر ماذا كان في ذلك الحين، وقف الناس أمامي يتلقفونني بالأحضان. كم من مسكين مجهد نظر إليَّ في ضراعة، يسألني «الدعوات» ويريد تقبيل رأسي، فابتهلت إلى الله أن لا يدع هذه النفوس البريئة تنظر إليِّ وكأني أرفع منها قدراً، فما أنا إلا حشرة من بين حشرات الأرض، أو تائه جاد في البحث عن النور، لا حول لي ولا قوة، مثل غيري من المخلوقات التعيسة، لقد خجلت أمام أنات وآمال هؤلاء الناس الطيبين، وفي اليوم التالي وما يليه كان الناس يفدون عليَّ في جماعات لتهنئتي، ونالني من محبتهم وعواطفهم ما يكفيني زادا مدى حياتي. وعن حبه للإسلام يقول عبد الكريم جرمانوس: حبب لي الإسلام أنه دين الطهر والنظافة، نظافة الجسم والسلوك الاجتماعي والشعور الإنساني، ولا تستهن بالنظافة الجسمية فهي رمز ولها دلالتها، كم اكتشفت في قلوب المسلمين كنوزاً تفوق في قيمتها الذهب، فقد منحوني إحساس الحب والتآخي، ولقّنوني عمل الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى المسلمين أن يعضوا بالنواجذ على القيم الخلقية التي يمتازون بها، ولا ينبهروا ببريق الغرب، لأنه ليس أكثر من بريقٍ خاوٍ زائف». كما يقول أيضاً: «لا يوجد في تعاليم الإسلام كلمة واحدة تعوق تقدم المسلم، أو تمنع زيادة حظه من الثروة أو القوة أو المعرفة. ?وليس في تعاليم الإسلام ما لا يمكن تحقيقه عملياً، وهي معجزة عظيمة يتميز بها عن سواه، فالإسلام دين الذهن المستنير، وسيكون الإسلام معتقد الأحرار». وفي السنوات اللاحقة على إسلامه، اكتشف جرمانوس العلاقة الوثيقة بين اللغة العربية والإسلام، فتعلق بلغة القرآن إلى درجة الهيام بها، فيقول: لقد تمنيت أن أعيش مئة عام، لأحقق كل ما أرجوه لخدمة لغة القرآن الكريم، فدراسة لغة الضاد تحتاج إلى قرن كامل من الترحال في دروب جمالها وثقافتها». وفي عام 1948 عين عبد الكريم جرمانوس رئيساً للقسم العربي في جامعة بودابست، وانتخب عضواً في المجمع الإيطالي عام 1952، ومراسلاً للمجمع اللغوي بالقاهرة عام 1956، كما اختير عضواً في المجمع العلمي العراقي عام 1962. مؤلفاته ألف جرمانوس أكثر من مئة وخمسين كتاباً بثماني لغات، وهي العربية، والفارسية، والتركية، والأوردية، والألمانية، والمجرية، والإيطالية، والإنجليزية، وحاول من خلال هذه الكتب نشر قيم وثقافة الإسلام بين مختلف الشعوب الشرقية والغربية، ومن أبرز كتبه «معاني القرآن»، و«شوامخ الأدب العربي»، و«الحركات الحديثة في الإسلام»، و«القومية العربية»، «والأدب التركي الحديث»، و«اكتشاف الجزيرة العربية وسوريا والعراق»، و«نهضة الثقافة العربية»، و«نحو أنوار الشرق»، و«منتخب الشعراء العرب».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©