السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الأنعام» مسخّرة ليتمكن الإنسان من الاستفادة منها

«الأنعام» مسخّرة ليتمكن الإنسان من الاستفادة منها
12 يوليو 2013 22:17
أحمد محمد (القاهرة) - «الأنعام» هي البقر، والغنم، والماعز، والإبل، وغيرها، وهي أصناف من الحيوانات خلقها الله عز وجل مسخرة ليتمكن الإنسان من الاستفادة منها، وفيها نعم وعبر كثيرة، ذلك أن في كل صنف منها نعماً مميزة تختلف عن الأخرى، وفي كل نعمة وكل صنف نعم لا تعد ولا تحصى، ولفت القرآن العظيم الأنظار والعقول إلى التأمل والتفكر في شأن المخلوقات، لا سيما في الأنعام، كونها ألصق بالعرب وبحياتهم، فيوجه إلى قدرة البارئ في خلقها وتكوينها وبديع صنعه فيها، وهذا ما يعلل سر ذلك الحشد من الآيات القرآنية التي تتحدث عنها وبديع صنع الله فيها، وسميت بعض سور القرآن بأسماء بعضها نحو البقرة والأنعام. وفي «الأنعام» أو الحيوانات فوائد عديدة للإنسان، له من جلودها بيوت ومن أصوافها لباس، ويتغذى بلحومها، ويشرب لبنها، ويستخدمها في الركوب وحمل الأثقال ويتخذها في الزينة، وقد أشار الحق سبحانه إلى ذلك بقوله: (والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون، ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون، وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرؤوف رحيم، والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون)، «النحل: الآيات 5-8»، وقال تعالى: (وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين)، «النحل: الآية، 80»، وقال: (أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون، وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون، ولهم فيها منافع ومشارب أفلا يشكرون)، «يس: الآيات 71-73». إبداع الخالق هذه الآيات وغيرها تدعونا للنظر في خلق الدواب والحيوانات التي سخرها الله، وجعل فيها منافع كثيرة، ولقد أجمع المفسرون على إبداع الخالق وتقديره العجيب في إخراج اللبن الصافي اللذيذ، من بين الدم وفضلات الطعام الذي تأكله الأنعام، ولعلّ في اشتقاق كلمة الأنعام، من كلمة النعمة دليلاً واضحاً على أهمية هذه النعمة في حياة الإنسان، واللبن نعمة لا توصف على البشرية، لأن مصالح العباد قائمة عليه في معظم وجباتهم الغذائية وخاصة الصغار، مصدر ممتاز للغذاء والقوة، لاحتوائه على جميع المواد الغذائية اللازمة لبناء الجسم وحيويته. والتذليل نعمة في الأنعام، لأن الله وحده هو الذي جعلها مقهورة ذليلة لا تمتنع على صاحبها عند الحاجة إليها في تسييرها وتوجيهها للرعي أو للطرق أو للحمل أو للوقوف، فهذا التذليل ضروري لتمام الانتفاع بها. وركوب الأنعام والحمل عليها نعمة تلفت النظر وتوجب الشكر، لأنها توفر كثيراً من الجهد، فيستطيع الإنسان السير في المصالح البعيدة والتجارة بلا مشقة، لأن هذه الأنعام تحمله وتحمل متاعه وطعامه وشرابه وبدونها، فإن الإنسان عاجز عن حمل الأثقال لمسافة قصيرة. والجلود أيضاً نعمة جليلة يتخذ الإنسان منها بيوتاً خفيفة الحمل في الأسفار وتضرب بسهولة لتقيه الحر والقر، وكذلك يتخذ من الصوف والشعر والوبر الأثاث والمتاع والثياب والبسط والحبال وغيرها من الأمتعة، كآنية الماء واللبن وكثير من الصناعات لا تقوم إلا على الجلود. تعدد المنافع ورغم تعدد منافع الأنعام، فهي كذلك يؤكل لحمها وهو أعلى أنواع الأطعمة، وعليه اعتماد كبير في حياة الناس، بل إن شعوباً كثيرة تعيش على الرعي والتجارة بالأنعام اللاحمة. قال الإمام الطبري: ولكم في هذه الأنعام والمواشي التي خلقها الله جمال حين تردونها بالعشي من مسارحها إلى مراحها ومنازلها التي تأوي إليها، وفي وقت إخراجكم لها غدوة إلى مسارحها، وتحمل أثقالكم إلى بلد آخر لم تكونوا بالغيه إلا بجهد من أنفسكم شديد، ومشقة عظيمة. والجانب الجمالي لا يقل أهمية عن الجوانب النفعية المادية، وقد وقف المفسرون والبلاغيون على جمال الأنعام، فاسترعى انتباههم تقديم الإراحة في الآية على السرح مع العلم أن المألوف هو أن تغدو الأنعام إلى السرح أول النهار، ثم تروح إلى الحظائر آخره، فعللوا كلهم هذا التقديم بكون جمال الأنعام يكون في أوج كماله وتمامه عند الرواح إلى الحظائر وليس عند الغدو إلى السرح. يقول القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: ومن جمالها كثرتها وقول الناس إذا رأوها هذه نعم فلان، ولأنها إذا راحت توفر حسنها وعظم شأنها وتعلقت القلوب بها، إذا ذاك أعظم ما تكون أسنمة وضروعاً. ومن العبرة في الأنعام أثبتت الدراسات أن بعض أنواع الحيوان تستخدم أنظمة اتصالية متطورة نسبياً، فلديها عدد من الرسائل التعبيرية الخاصة بموضوعات معينة، وعند قرب المسافات تتواصل بلغة سريعة وبسيطة، يسهل إيجاد مرسلها حتى في الظلام، ويفهمها مستقبلها، هي لغة الاتصال الجسدي، فملامسة الجلد والعناية به يعد نمطاً خاصاً من الاتصال يعبر عن الاهتمام والمسؤولية. مملكة حيوية مستقلة الحيوانات مجموعة أساسية من الكائنات الحية تصنف باعتبارها مملكة حيوية مستقلة، قادرة على الحركة والاستجابة للمتغيرات البيئية، فهناك آكلات اللحوم تفترس جميع أنواع الحيوانات الأخرى تقريباً، وهناك بعض الأنواع تأكل ما يتيسر لها من غذاء، من اللحوم أو الأعشاب أو النبات، وتعيش الحيوانات عادة معا بشكل عائلات منفصلة أو كمجموعات. وهكذا يتبين أن هذه النعم الكثيرة في الأنعام تستحق الشكر لله والاعتراف بوحدانيته وإفراده بالعبادة وإخلاص الطاعة له، وهذا هو المقصود من التركيز بهذه النعم الجليلة، لذلك نجد في الآيات دعوة لشكر الله.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©