الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

نازحـون بلا سقف·· أو عنوان!

24 يوليو 2006 00:52
في اليــوم الثاني عشــر للعــــدوان بيروت - رفيق نصرالله: ماذا يفعل محمد أمين بأولاده الأربعة، يحاول أن يرمي بنظراته الموجعة نحو البعيد بحثاً عن إجابة، اذ لم يكن يتوقع أن يترك بيته في الجنوب بمثل ما ترك وان يهجر رزقه وكل ذكرياته ويفر بهذه الطريقة· كانت الطريق الى بيروت موحشة، الغارات الإسرائيلية تتوالى، الدخان الصراخ، وإناس يحاولون أن يجدوا مكاناً آمناً، في السيارة زوجته التي تحتضن طفلة في الأشهر الخمسة والثلاثة الآخرون يصرخون، يبكون يستنجدون بوالدهم المنهمك في البحث عن ممر آمن وبأمهم الثكلى التي كان صراخها يملأ الخارطة· يقول محمد: ''شعرت ان الطريق الذي كنت أسلكه بساعة كما أيام زمان صار طويلاً ويحتاج لسنة، احسست أنني لن أصل حياً الى بيروت وان الساعة جاءت، وأن لحمي ولحم أولادي سيحترق في هذه السيارة المعرضة في اية لحظة لأن تقصف·· رأيت أمامي السيارات وفيها الأشلاء الموزعة، وإحداها كانت تحترق وعائلة بأكملها فيها''· انه اليوم الثالث من القتال محمد أمين وصل أخيراً الى بيروت، احتار إلى أين يلجأ، بعض أقاربه في الضاحية مهجرون، واساساً لم يعد هناك حجرعلى حجر في الضاحية التي كانت تجمع فقراء الوطن يوماً·· انها النار الاسرائيلية تلتهم كل شيء، والطائرات تقصف ما تشاء من الأهداف·· ويقول: ''نمت في الليلة الأولى انا وزوجتي وأطفالي في السيارة، كل ما قدرت عليه عدة زجاجات من المياه ليشرب الأولاد، كانت ليلة صعبة ورهيبة، ربما لم ينتبه لنا أحد ليأخذ بيدنا، أو ربما انتبهوا وتركونا في هذه الحالة''· في اليوم الثاني ينتقل محمد الى حديقة الصنائع في وسط بيروت، كانت تضج بالمئات، نساء وأطفال ورجال يضربون كفاً بكف، سأل نفسه أين أذهب، شعر ان بيروت ضيقة كراحة اليد، بيروت التي كان يزورها ليتسوق بها ويتفرج عليها وعلى واجهاتها ها هو غريب فيها ·· ولا مكان له فيها ولا في وسطها التجاري الذي لم يزره الا قليلاً· وككل نازح، لابد له من اختيار مكان، في باب بناية او في زاوية شارع، او الى مدرسة يجمع فيها النازحون، يقول كان عليّ ان أجد مكاناً تحت سقف، دخلت مدرسة، كان المئات يحتشدون فيها كيوم الحشر، اخترت غرفة بعد أن ساعدتني إحدى المسعفات، في الغرفة عائلة أخرى تفترش الأرض نظروا نحونا كما لو انهم لا يريدون ان يشاركهم احد في الغرفة، لكن الحال واحد فأنا لا أدخل الى فندق بل الى ملجأ للنزوح· شعرت بالإذلال عندما جاء أحدهم وعدنا سأل هل انتم ستة أفراد، نظرت حولي لأتأكد من اننا لا نزال ستة، قلت نعم، قدموا لنا بعض المعلبات وربطة خبز وبعض الماء، نظرت زوجتي بوجهي وأحسست ان بركاناً سينفجر أمامي، كأنها ندمت على الساعة التي ولدت بها أو لأنها تزوجتني او انجبت أطفالي· كأنها تسأل لماذا جئت بي الى هذا المكان أو لعلها تمنت الموت عن هذا الإذلال· فجأة تحولنا الى لاجئين، بل الى نازحين دفعة واحدة ومن يدري الى متى سنبقى هنا· اليوم محمد أمين، ينام ليلته العاشرة في الغرفة الضيقة، ذقنه طالت، ثيابه التصقت بجلده صارت جزءاً منه، يرفض التقاط صورة له، يقول أشعر كأنني كبرت عشر سنوات· محمد أمين لم يبتسم منذ ثلاثة عشر يوماً، أولاده صاروا أصدقاء لأولاد جدد من بين النازحين، كل ما يشعر به من مرارة أن احداً لم يسأل عنه، وأنه يسمع في المحطات ان لجان الإنقاذ والإغاثة تقوم بكامل واجباتها··
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©