الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

قطاع التأمين المصري يبحث عن طريق «النجاة»

قطاع التأمين المصري يبحث عن طريق «النجاة»
9 يوليو 2012
محمود عبدالعظيم (القاهرة) - تواجه سوق التأمين المصرية أزمة حادة هذه الأيام تهدد بتراجع أرباح العديد من الشركات سواء كانت شركات تأمين عامة أو تأمين تكافلي تعمل في معظم مجالات تأمينات الحياة والممتلكات. ولن تتوقف حدود الأزمة عند تراجع أرباح معظم الشركات بل قد تمتد لتؤثر على الاحتياطات المالية التي نجحت هذه الشركات في تكوينها خلال سنوات الطفرة الماضية حيث ارتفاع حجم التعويضات المدفوعة للعملاء نتيجة اتساع أعمال الشغب والاضطرابات والحرائق والسطو المسلح خلال الأشهر الثمانية عشر الماضية أثر بالسلب على هذه الاحتياطات ودفع العديد من الشركات إلى السحب الاضطراري من هذه الاحتياطات الأمر الذي يهدد بتآكلها على المدى البعيد. وتضافرت مجموعة من العوامل المحلية والدولية لتزيد ضغوط الأزمة على قطاع التأمين في السوق المصرية وفي مقدمتها ارتفاع حجم التعويضات التي اضطرت الشركات لسدادها في العام المالي وبلغت نحو 1,2 مليار جنيه تركز معظمها في تعويضات الشغب والاضطرابات والحرائق والسطو المسلح. كما تشمل هذه العوامل رفض العديد من شركات إعادة التأمين العالمية قبول عمليات من السوق المصرية بالأسعار القديمة وإصرار هذه الشركات على رفع أسعار العقود الجديدة التي يبدأ العمل بها اعتباراً من أول يوليو وكذلك رفع نسبة “التحمل” التي تتحملها شركات التأمين المصرية بمعدلات تتراوح بين 20 و30%، استناداً إلى ارتفاع معدلات المخاطر بالسوق المصرية مما يهدد بفشل هذه الشركات في تجديد عقود إعادة التأمين لدى الشركات العالمية خاصة في السوقين الانجليزية والألمانية حيث تكبدت شركات الإعادة في السوقين خسائر تقدر بأكثر من 700 مليون جنيه اضطرت لسدادها لشركات تأمين مصرية جراء الأحداث الماضية. أما السبب الثالث فيتعلق باشتعال حرب الأسعار عبر عمليات مضاربة واسعة النطاق تقوم بها شركات “السمسرة” التي حصلت على تراخيص بمزاولة هذا النشاط خلال العامين الماضيين حيث تسعى كل شركة سمسرة للحصول على عقود جديدة للوفاء بتكاليف التشغيل لديها، لاسيما في ظل محدودية رؤوس أموال هذه الشركات، مما يدفعها إلى تقديم إغراءات سعرية للعملاء تضرب قواعد الجدوى الاقتصادية لمعظم العقود الجديدة مما يعرض الشركات التي تقبل مثل هذه العقود لخسائر فادحة على المدى الطويل. أما السبب الرابع الذي يشكل الضلع الأخير في أزمة سوق التأمين المصرية فهو تراجع عوائد الاستثمار لدى معظم شركات التأمين. وعلى خلفية مشهد الأزمة الراهنة بدأت شركات التأمين رفع أسعار كافة وثائقها خاصة وثائق تأمين السيارات بمعدلات كبيرة بدعوى أن التأمين على السيارات يظل السبب الرئيسي لخسائر الشركات العام الماضي لارتفاع حوادث سرقة السيارات حيث بلغت 40 ألف سيارة مسروقة، حسب إحصاءات وزارة الداخلية من واقع البلاغات ـ واضطرار الشركات لسداد تعويضات ضخمة لأصحاب هذه السيارات. وقد بدأ تطبيق التعريفة الجديدة للأسعار اعتباراً من أول يوليو في محاولة أخيرة من جانب الشركات لتعويض خسائرها والحد من قيمة التعويضات المدفوعة حيث تنص العقود الجديدة على خفض نسبة التعويض إلى تدفعها شركة التأمين حال سرقة السيارة مقابل رفع نسبة التحمل على العميل. ويرى خبراء سوق التأمين المصرية أن الأزمة الراهنة التي تمر بها السوق أزمة تاريخية بكل المقاييس وغير مسبوقة وتداعياتها عميقة وبعيدة المدى مما يدفع الشركات إلى رفع حدود الاحتفاظ داخل السوق المصرية بسبب رفض شركات الإعادة العالمية تجديد العقود بشروطها السابقة كما أن القبول بالشروط الجديدة يهدد اقتصاديات الشركات ويعرضها للمزيد من الخسائر المستقبلية التي قد تدفع بعضها للإفلاس والخروج من السوق كلية. وأكد الخبراء أن الشركات التي تكبدت خسائر ضخمة نتيجة أحداث الثورة باتت مهددة بخفض العمولات التي تحصل عليها مما قد يضطر بعض الشركات الى رفع مؤشرات المضاربات السعرية التي تهدد بكارثة تأكل الاحتياطات المكونة لمواجهة المخاطر. ويؤكد عبد الرؤوف قطب، رئيس الاتحاد المصري للتأمين، أن الأزمة التي تواجهها السوق لاتتمثل في ارتفاع حجم التعويضات المدفوعة للعملاء وبالتالي ارتفاع الخسائر المستقبلية للشركات فحسب بل إن هذه الأزمة سوف تعيد رسم خريطة السوق في الفترة القادمة لأن التحديات الراهنة تسهم في دعم صمود الشركات واستيعابها للمتغيرات الحالية والتعامل معها وفقا لرؤى مرنة تتناسب مع المرحلة المقبلة. وقال إنه من الضروري إعادة النظر في سياسات التشغيل واستراتيجيات استثمار الفوائض المالية على ضوء واقع الأزمة الراهن لاسيما وأن قدرة الشركات على رفع أسعار الوثائق محدودة لأن العملاء والسوق لن يستطيعوا تحمل زيادات كبيرة في الأسعار في ظل الظروف الاقتصادية العامة الحالية وعلى الشركات البحث عن بدائل أخرى بعيدا عن رفع أسعار الوثائق، خاصة أن من سيتحمل النسبة الكبيرة من ارتفاع الأسعار هم العملاء الأفراد في مجال تأمينات السيارات وغيرها، وبالتالي فإن سياسة رفع الأسعار ليست صائبة طوال الوقت وليست هي الحل الوحيد.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©