الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أطلال اليونان.. «فاجعة» الفساد والفوضى

9 يوليو 2015 23:44
في إحدى ليالي شهر ديسمبر 2009، استدرج موظفان مختلسان من بلدية «بانجايو» الواقعة بمنطقة جبلية شمال اليونان، عمدة المدينة السابق إلى موعد على طريق شاطئي هادئ، فأطلقا الرصاص على شريكهما فأردياه قتيلا لإسكاته، ثم وضعا جثته في صندوق سيارته، حيث عثر عليه بعد ثلاثة أيام. وحُكم على القاتلين بالسجن لفترة طويلة. لكن لأنهما في اليونان، المعروفة بشبكة أمانها التي تحمي الوظائف حتى للجناة المحكومين، ظل الرجلان يحصلان على جزء من راتبيهما. وتصدرت القصة الصفحة الأولى في إحدى الصحف اليونانية تحت عنوان: «قتلا العمدة ويحصلان على راتبيهما!». وفي كتابه «الفاجعة الكبرى.. رحلات بين الأطلال اليونانية الجديدة»، يوثّق الصحفي «جيمس أنجيلوس» الخلل الوظيفي في قلب المجتمع اليوناني، وكيف قاده للانهيار الاقتصادي. و«أنجيلوس» صحفي أميركي، ووالداه مهاجران يونانيان، يتحدث اليونانية بطلاقة، وكان يغطي الأزمة المالية لعام 2008. ويصف المؤلف بمزيج من الاستياء والحماس الأخطاء الفادحة التي ارتكبها اليونانيون على مدار عقود، بمشاركة حكوماتهم، والمخاطر إلى تواجهها بلادهم حالياً. بعد أن أمطرتها البنوك الأوروبية بقروض رخيصة عقب انضمامها لمنطقة اليورو عام 2001، أصبحت اليونان الآن في مواجهة مع دائنيها بعد أن عجزت عن سداد الديون. وبسبب نظام الوصاية المثقل، والتهرب الضريبي المتفشي، وانتشار الفساد، تبددت ثرواتها، وهي حقيقة نجحت الحكومة اليونانية في إخفائها عن مواطنيها ودائنيها على السواء. وعندما اندلعت الأزمة المالية العالمية عام 2008، ونضبت القروض الرخيصة، وجدت اليونان نفسها مثقلة بديون تصل 430 مليار دولار. ووافقت «الترويكا»، وتضم المفوضية الأوروبية وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي، على تقديم مساعدات مالية بقيمة 146 مليار دولار، مطالبةً اليونان في المقابل بتنفيذ تدابير تقشف تشمل إصلاح صناديق التقاعد وزيادات ضريبية. وكانت النتيجة معاناة وفوضى سياسية. والآن، بعد حصول اليونان على حزمة المساعدات الثانية عام 2012، استقرت معدلات البطالة عند 25?، وانكمش إجمالي الناتج المحلي، وتداعت البنية التحتية، وارتفعت مستويات الانتحار والتشرد، وأجبرت على الاختيار بين الأمرّين: قبول الشروط الصارمة التي تفرضها الترويكا، أو مغادرة منطقة اليورو والمجازفة بالدخول في كارثة مالية كبرى. ولفهم هذه المعضلة، زار «أنجيلوس» جزيرة «زاكينثوس» قبالة الشاطئ الغربي لمدينة «بيلوبونيز»، والتي تعرف سخرية باسم «جزيرة العميان» بعد أن اتضح أن 2? من سكانها يحصلون على امتيازات بسبب العمى، وهو تسعة أضعاف المعدل في الدول الأوروبية. واكتشف «أنجيلوس» خطة للتحايل على وزارة الصحة التي تدير كافة المرافق الصحية، الخطة التي انطوت على أعمال تدليس كلفت الحكومة اليونانية مليارات اليورو. وعلى جزيرة «هيدرا»، يخبر «أنجيلوس» عن اكتشاف برنامج جذب الانتباه إلى جريمة التهرب الضريبي الشائعة في اليونان، والمحاولات الحكومية الضعيفة للسيطرة على هذه الظاهرة. ويذكر أنه رغم كل هذه الظواهر، فإن معظم اليونانيين يرون أنهم ليسوا مخطئين وإنما الخطأ يقع على عاتق دائنيهم! كما يسلط المؤلف الضوء على الكارثة الإنسانية التي تسببت فيها خطة التقشف، ويخصص حيزاً من كتابه لإحدى الشبكات الإذاعية التي اضطرت لفصل آلاف من موظفيها في إطار محاولة الدولة لإقناع الترويكا بأنها جادة في التخلص من الترهل الحكومي. وائل بدران الكتاب: الفاجعة الكبرى.. رحلات بين الأطلال اليونانية الجديدة المؤلف: جيمس أنجيلوس الناشر: كراون بابلشرز تاريخ النشر: 2015
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©