الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«سبأ» مدينة الحضارة والسيل والسد

«سبأ» مدينة الحضارة والسيل والسد
11 يوليو 2013 21:57
حسام محمد (القاهرة) ـ- قال الله تعالى في سورة سبأ (لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ). تقول الدكتورة سعاد صالح - أستاذ الفقه بجامعة الأزهر - جاء اسم سبأ من اسم سبأ عبد شمس بن يشجب بن يعرب بن قحطان قالوا: وكان أول من سبى من العرب فسمي سبأ لذلك، وكان يقال له: الرائش لأنه كان يعطي الناس الأموال من متاعه. قال السهيلي: ويقال: إنه أول من تتوج. وذكر بعضهم أنه كان مسلماً، وكان له شعر بشر فيه بوجود رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو عبد الرحمن حدثنا ابن لهيعة عن عبد الله بن هبيرة السبائي عن عبد الرحمن بن وعلة سمعت عبد الله بن العباس يقول: إن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن سبأ ما هو؟ أرجل أم امرأة أم أرض؟ قال: بل هو رجل، ولد عشرة فسكن اليمن منهم ستة وبالشام منهم أربعة، فأما اليمانيون فمذحج وكندة والأزد والأشعريون وأنمار وحمير وأما الشامية فلخم وجذام وعاملة وغسان. وقد اشتهرت سبأ بغناها وتاجرت بالعطور والدرر والبخور واللبان. وقد ذكر إنتاجها للعطور في عدة مصادر مثل العهد القديم والإنياذة. وقد ذكرت سبأ في القرآن الكريم ولها سورة باسمها فيه، وذلك لكثرة القصص عنها، وأشهرها قصة بلقيس وسليمان عليه السلام، وقصة السد العظيم وسيل العرم فحكى ما كانوا فيه من النعيم، إذ كانوا في أخصب البلاد وأطيبها وذكر سد مأرب الذي أقامته ملكتهم بلقيس، ولكنهم بطروا وكفروا النعمة وطغوا وكانوا مجوساً يعبدون الشمس فأرسل الله لهم الرسل فلم يهتدوا، فأرسل عليهم سيل العرم، فهدم السد وشرّدهم جزاءً بما كانوا يعملون. يقول الله تعالى: (لقد كان لسبأ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من زرق ربكم وأشكروا له بلدة طيبة وربٌّ غفور * فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكُل خمط وأثل وشيءٍ من سدر قليل * ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور)، «سبأ: الآيات 15 - 17». وتضيف: تظل قصة ملكتهم بلقيس مع سليمان عليه السلام في سورة النمل أهم قصص مملكة سبأ فعندما سمع سليمان عليه السلام خبر عبادتهم للشمس من الهدهد كتب كتاباً، وختمه بخاتمه، وأعطاه إلى الهدهد ليذهب به إلى الملكة، إنه كتاب دعوة إلى الإسلام والإيمان فمضى الهدهد بالكتاب، حتى وصل إلى سبأ وإذا الملكة مع وزرائها في المجلس، فألقى الكتاب إلى الملكة، وإذا بها تدهش، وتفتح الكتاب فتقرأ محتواه وهنا توجّهت إلى وزرائها وأشراف قومها قالت يا أيها الملأ الأشراف إني ألقي إلي كتابٌ كريم يتبين من محتواه، ومرسله أن الكتاب ذو كرامة ورفعة إنه أي الكتاب من سليمان النبي ملك الإنس والجن والملك والحيوان وإنه مقرونٌ باسم الله الرحمن الرحيم لا باسم الشمس التي نعبدها وقررت أن الحرب ليست في صالح مملكتها فقررت الذهاب إلى مملكة سليمان ولقد أمر سليمان قبل مجيء بلقيس، الجن والبنّائين، أن يعملوا قصراً من الزجاج، وفرش أرض القصر بالزجاج الصافي، وكان ما تحت الزجاج فارغاً، فأمر بملئه ماء، وجعل فيه الأسماك وجعل سريره في أعلى القصر ولما انتهى السير بالملكة وقومها، إلى محل العرش مرّت بلقيس من موضع عرشها الذي جاء به أحد جنود سليمان وهو العارف ببواطن الأمور حتى وصلت إلى باب الصّرح الذي جلس فيه سليمان، لاستقبالها، فلمّا وصلت، ونظرت إلى الماء والأسماك قيل لها ادخلي الصرح فلما رأته توقّفت إذ حسبته وظنّت أن الصرح لجّةً من الماء. ثم .. لمّا لم تر بدّاً من الدخول «كشفت عن ساقيها» فرفعت ثوبها، لئلا يبتلّ بالماء قال لها سليمان إنه ليس ماء بل هو صرحٌ ممرّدٌ مملّس من قوارير - جمع قارورة - وهي الزجاجة. فدخلت، وقالت ضارعةً إلى الله سبحانه، مستغفرة عمّا كانت عليه سابقاً من الكفر وعبادة الشمس، وقالت رب إني ظلمت نفسي وأسلمت الآن مع سليمان فإني مسلمة معه، معترفة لله رب العالمين وقد علم - هذا النبي العظيم، وهذه الملكة العاقلة - الناس، الاهتمام بأمر الدين، وقوة العزيمة في هداية الناس، مهما كلف الأمر وكان من حكمة بلقيس أنها رجّحت الانقياد لله ولسليمان على الكبر والغرور والبقاء في الكفر والضّلال.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©