السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شريف رضا: لا تضاد بين الفن الراقي والإيمان

شريف رضا: لا تضاد بين الفن الراقي والإيمان
11 يوليو 2013 21:56
تأثر الفنان التشكيلي شريف رضا بفن الخط العربي منذ طفولته، حينما كانت عيناه تتابع خاله ووالده يكتبان الخط، حتى أصبح له ذلك الإحساس الخاص بتذوق الخط ومعرفة نقاط الضعف والقوة به، فقد ولد رضا في أسرة محبة للفن والتحق والده بالقسم الحر في كلية الفنون الجميلة لدراسة الفن رغم اشتغاله بالتجارة، كما كان جده لوالدته الخطاط سليمان مصطفى، الذي اشتهر كأحد أفضل الخطاطين في عصره، وأفضل من كتب خط الثلث في مصر في أوائل القرن الماضي، وعمل كأستاذ في مدرسة الخطوط الملكية، وتتلمذ عليه الخطاط محمد حمام، الذي التقاه شريف فيما بعد، وكان حمام يتعجب من عدم استطاعته كتابة الخط العربي، رغم اقترابه من الجد والخال والوالد، وكانا يجلسان أمام اللوحة التي يبدأها حمام بالقلم الرصاص، ويتشاور معه قبل أن يقوم بتحبيرها، موضحاً أن الخط يحتاج إلى التفرغ، وربما ظهر ذلك جليا في أعمال حمام بعد أن تقاعد من الوظيفة وتفرغ للخط تماما، كعمل فني خالص. مجدي عثمان (القاهرة) - يقول رضا إن أهله من الخطاطين جعلوا عينيه تتعودان على الخط، واكتشاف جمالياته، وأن عالمه الخاص بدأ مع تأثره بالفن الإسلامي والخط العربي، وأن استخدامه للخط جاء كعنصر من عناصر اللوحة، يشغل به فراغها بشكل جميل، وهو أيضاً حل من الحلول التكوينية للوحة، مضافاً إلى ذلك استخدامه للزخرفة الإسلامية، والتي لا يستطيع نقلها، وإنما يتحاور مع روح الفنان المسلم، وفلسفته وراء تلك الزخرفة. ويوضح رضا أنه رغم تعلقه بالخط العربي منذ صغره، إلا أنه لم يقدم على التعامل معه، غير مرة واحدة في لوحة أنتجها تحية لجده، ووجد أنه من الأمثل استخدام الخط في تكوينها طالما كان جده خطاطا، وكانت تلك التجربة هي البداية الفعلية لارتباطه بالخط العربي بعد أن أحس بجمالياته، ولم يكن ذلك بعيدا، وإنما منذ 8 سنوات فقط، وإنه على عكس ما يفعله فنانو الخط من الكتابة على أرضية بيضاء، يجد أن اللون الأبيض فقير ولا يمكنه العمل فوقه، وأحيانا يختار درجات الرمادي ليغير من قيمة اللون الأبيض فوقها، مؤكدا أن الانتهاء من لوحة هو فتح من الله، فليس لديه علم بميعاد الانتهاء منها، فيراها في الظلام أو الضوء الخافت حتى يستطيع ضبط تكوينها. كلمة «هو» ويضيف أنه بدأ استخدام الحروف العربية بكلمة «هو»، وإنه يستخدم خطي الثلث والفارسي في أعماله، حيث بهما تنسيق رائع بين الكتلة والفراغ، كما إنه يعشق حرف الـ «هـ» لجمالياته سواء كُتب في أول الكلمة أو وسطها أو آخرها، وكذلك حرف الـ «ك»، وأن الخط أحد العناصر باللوحة وكذلك اللون الذي يجده في الزخرفة الإسلامية، مشدداً على أهمية تدريس الخط العربي في كليات الفنون الجميلة كأحد أفرعها. يحكي رضا عن أن جده طلب من صديقه الخطاط حسني والد الفنانة سعاد حسني، والفنانة نجاة الصغير، تعليم خاله الخط بعد أن فقد بصره في سنواته الأخيرة، ثم تخصص خاله في الزخرفة الإسلامية، وترميمها لاستطاعته أن يستنبط الجزء المفقود من الزخرفة القديمة، وقد قام بترميم قصر الجوهرة بالقلعة فترة الستينات، وكان يجلس ليشاهده في كل تلك الأثناء، حتى أحب اللغة العربية من خلال الشكل الجميل للخط العربي، وخاصة خطي الثلث والفارسي، اللذين يقتربان كثيراً من الفن التشكيلي في البناء والتكوين. نوع جديد ويقول إن لمبروز فاسيليادس أستاذه الإيطالي يقول عن أعماله التي يُدخل في تكوينها الخط العربي، إنها تبهر المتلقي الأوروبي لما يجده فيها من اختلاف عنه، وليست تقليداً له، وإنما نوع جديد لم يتعود عليه من الفن، مؤكدا أنه لا يتناول الخط العربي كمشق، فالحروف في لوحاته لا تمثل كلمات تُقرأ، وأن الخط العربي من أجمل الخطوط الرشيقة على مستوى العالم، إضافة إلى الخطين الصيني والياباني بما لهما من تشكيل جميل غير الخط اللاتيني الحاد. ويضيف إن «الحرف عبادة»، حيث كتب القرآن الكريم بهذه الأحرف العربية، والحرف عنده مقدس، يملأ بتشكيلاته الخلفية في اللوحة، وإنه اختار أن يترك لوحاته من دون عنوان، لإعمال خيال المتلقي فيما يراه من معنى، ويؤمن بأنه لا تضاد بين الفن الراقي والإيمان، بل على العكس فكلاهما يدعم الآخر وعندما يتأمل الفنان إبداع الخالق الأعظم سبحانه وتعالى يزداد إيماناً ويقيناً في وجود الله وقدرته في خلقه، حيث أن الله موجود في الكون الذي أوجده، وفي كل زمان ومكان وفوقهما، ولا يحصى خلقه إلا هو. ويري رضا أن العمل نوع من العبادة، وأن الله يطلع على عمله قبل أي أحد، وأنه يشاهد ألوان الطبيعة ويرى إعجاز الخالق في ألوان النبات والأسماك، ويتعجب من وجود ألوان لا يمكن لفنان وضعها متجانسة في اللوحة أو يمكن أن تتراكب معاً، بينما تجدها فيما خلق الله على عكس ذلك، مؤكداً بذلك إنه يتعلم من الله الفنان الأعظم، وأن الفن هو فتح من لدنه، ومن البديهيات أن يكون الفنان التشكيلي قريبا من الله كثيراً، وأن الفن عملية جادة جداً، ومتعبة وأن الصدق مع الله يجعل الفن باقيا حتى بعد موت الفنان. يستيقظ رضا دائماً، قبل الفجر، فيصلي ويتعبد بالدعاء، ويعتبر أن التقرب إلى الله يجعل العمل الفني محببا، ويؤكد على أن سماع القرآن الكريم هو نوع من الغسيل الذاتي، موضحاً أن المطرب محمد عبد الوهاب كان يواظب على سماع المشايخ، محمد رفعت، وعبد الباسط عبد الصمد، ومصطفى إسماعيل وغيرهم، حتى يجد الجملة الموسيقية، وأن ذلك أيضاً أفاد سيد درويش وزكريا أحمد في موسيقاهما، كونهما شيخين بالأساس قبل احتراف الفن. العمارة المملوكية والفن التشكيلي يؤكد رضا أن مصر انفردت بنوع من الخط كان مرتبطا بالعمارة المملوكية، وخاصة المساجد، حيث يقترب جداً من الفن التشكيلي، ويتمنى أن يقوم بدراسة كاملة عنه وتوثيقها بالصور، وأن الخط العربي تطور في مصر وتركيا، وأن قرار أتاتورك بإلغاء الخط جعل الكثير من الخطاطين يهاجر إلى البلدان العربية، كمصر وسوريا والعراق، مما أثرى هذا الفن في تلك البلدان، وعندما طلب عودتهم إلى اسطنبول لتدريس الخط مرة أخرى في المعاهد الفنية، عاد منهم القليل، ولذلك تحاول تركيا اليوم إعادة ريادتها في ذلك النوع من الفنون الإسلامية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©