الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مقولة «الذي لا يحمد على مكروه سواه» ليست من الحمد المشروع

مقولة «الذي لا يحمد على مكروه سواه» ليست من الحمد المشروع
11 يوليو 2013 21:56
حسام محمد (القاهرة) - يردد الناس كثيراً مقولة «الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه» عندما يسمعون أنباءً لا تسرهم وهم يظنون أن تلك المقولة كانت دعاءً يردده النبي صلى الله عليه وسلم. ويقول الدكتور محمد الدسوقي - أستاذ الشريعة بجامعة القاهرة-: إن الإنسان عندما يتوجه بالدعاء إلى الله سبحانه وتعالى يكون بمثابة المتحدث أو المتكلم مع الله وللحديث مع الله تعالى آداب لا بد أن يتحلى بها الإنسان أهمها تلقي أقدار الله تعالى بالرضا والصبر: أن ترضى بما قدر الله لك وأن تطمئن إليه وأن تعلم انه سبحانه ما قدره إلا لحكمة عظيمة وغاية محمودة يستحق عليها الحمد والشكر. الحمد ويشير د. الدسوقي إلى أن عبارة «الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه» مرفوضة ولم ترد على لسان النبي صلى الله عليه وسلم والوارد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَأَى مَا يُحِبُّ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ، وَإِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ»، وقول القائل: «الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه» ليس من الحمد المشروع، بل الحمد ينبغي أن يكون مطلقاً فيقول المسلم: الحمد لله رب العالمين، الحمد لله على كل حال، الحمد لله على السراء والضراء، ثم إنَّ قوله: إنه تعالى لا يحمد على مكروه سواه ليس بمستقيم، فإن الذي يؤدب ولده بالضرب ونحوه يحمد على ذلك وإن كان الضرب مكروهاً فالولد يحمد والده على تأديبه، وكذلك من يفعل ما يوجب حداً أو تعزيراً إذا أقيم عليه الحد الذي يردعه، فإن الذي يفعل ذلك يحمد وإن كانت إقامة الحد والتعزير مؤلمة، ولكن الذي فعل هذا المكروه يحمد على ذلك لأنه محسن ومصلح وفاعل لما أمر به، والحاصل أنَّ هذه العبارة لا ينبغي ذكرها في الدعاء أو الحمد، بل يحمد الإنسان ربه بالصيغ الشرعية المأثورة، وعلى الوجه المشروع. الصبر وأضاف: فأن تقول: «الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه»، فكأنك الآن تعلن أنك كاره ما قدر الله عليك، وهذا لا ينبغي، بل الواجب أن يصبر الإنسان على ما قدر الله عليه مما يحزنه أو يسره، لأن الذي قدره هو الله عز وجل، وهو ربك وأنت عبده، هو مالكك وأنت مملوك له، فإذا كان الله هو الذي قدر عليك ما تكره فلا تجزع، بل يجب عليك الصبر وألا تتسخط، لا بقلبك ولا بلسانك ولا بجوارحك ، اصبر وتحمل والأمر سيزول ودوام الحال من المحال، قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَاعْلَمْ أنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وأنَّ الفَرَجَ مَعَ الكَرْبِ، وأنَّ مَعَ العُسْرِ يُسرا»، فالله عز وجل محمود على كل حال من السراء أو الضراء، لأنه إن قدر السراء فهو ابتلاء وامتحان حيث يقول الله تعالى: (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً)، «الأنبياء: الآية - 35»، فإن أصابتك ضراء فاصبر فإن ذلك أيضاً ابتلاء وامتحان من الله عز وجل ليبلوك هل تصبر أو لا تصبر، وإذا صبرت واحتسبت الأجر من الله فإن الله يقول: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ)، «الزمر: الآية - 10». فلا بد ألا ينسب الإنسان الحدث السوء لله تعالى إسوة بالأنبياء ففي سورة ص قال تعالى: (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ)، «ص: الآية - 41»، لم ينسب النصب والعذاب لقدر الله سبحانه وتعالى: (فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً) «الكهف الآية -81»، حينما كان قتل الغلام، نسبه لنفسه، ولم ينسبه لله سبحانه وتعالى: (وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْراً)، «الكهف: الآية - 82»، نسب إلى الله سبحانه وتعالى الخير، في بلوغ الغلامين رشدهما ليستخرجا كنزهما رحمة منه سبحانه وتعالى: (فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ)، «القصص» أدب الطلب من الله سبحانه وتعالى: (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ)، «سورة الصافات: الآية - 102»، لم ينسب الأمر إلى الله سبحانه وتعالى، بل قال إني أرى في المنام.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©