الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فاطمة الشامسي.. حكايات من الزمن الجميل عن رمضان وأهل الإمارات

فاطمة الشامسي.. حكايات من الزمن الجميل عن رمضان وأهل الإمارات
11 يوليو 2013 21:53
باختصار، نستطيع أن نقول إنها قصة كفاح جديرة بالاحترام والتقدير، لامرأة شقت طريقها بنجاح باهر، بالتوازي مع منجزات تجربة دولة الاتحاد. بل ربما كانت رحلة حياتها والتحولات الإيجابية المبهرة التي مرت بها، ترجمة أمينة للتطور الذي شهده مجتمع الإمارات في العقود الماضية. ومن ثم، فإن فاطمة الشامسي تعد نموذجا للإماراتية بجديتها وجلدها وقدرتها على مواجهة التحديات. بدأت فاطمة خلفان مصبح الشامسي، مدربة العلوم الشرطية، سنوات حياتها الأولى في الدمام بالسعودية، ثم انتقلت إلى منطقة جرف يافور التي تعد من أقدم مناطق إمارة أبوظبي. ويقال إن يافور هو اسم أحد آل بوفلاح. كان والد فاطمة، خلفان مصبح الشامسي، يعمل في البلدية بالدمام في السعودية، في تلك المرحلة التي شد فيها الرجال الرحال إلى خارج الإمارات، سعياً وراء الرزق، بعد كساد سوق اللؤلؤ. وبعد عشر سنوات من مولدها هناك ، قررت الأسرة العودة إلى الإمارات، عام 1972، تلبية لنداء وجهه المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، لأبناء الإمارات المغتربين، بالعودة للمشاركة في مسيرة البناء. لكن بقيت في القلب ذكريات عزيزة من أيام الحياة بالحارة في الدمام، تقول فاطمة الشامسي «لقد ولدت وتربيت هناك، ودرست حتى الصف الخامس الابتدائي، كنت أحب أن التقي يومياً بصديقاتي خارج المنزل، حيث تجتمع الأمهات للثرثرة، وتبادل الأخبار، والبعض منهن تخيط أو تطرز ملابس أحد أفراد الأسرة. ما زلت أذكر طعم ذلك الآيس كريم الذي تصنعه وتبيعه إحدى الجارات، وتلك اللقيمات التي كانت تعدها لنا زوجة الإمام والمؤذن في المسجد المجاور». خيام الشعر كان تجربة الانتقال صعبة في البداية، لأن الأسرة عاشت أولا في بيوت تشبه الصناديق الخشبية في جرن يافور بالعين، بدلا من الخيام التي كان يعيش فيها الناس حينئذ. والبعض كانت لديه عريش من السعف، لكن هذه البيوت الخشبية كانت تمثل خيارا شديد الرفاهية. ورضيت الأسرة بها والأمل يداعبها في تحسن الأحوال ، حسبما وعد زايد رحمه الله. تقول الشامسي «تعرفت أمي إلى الشيخات في أبوظبي، كما سجلتنا في المدارس، وأصبحت تذهب للجلوس مع الشيخات، بعد أن تنجز مهامها كأم وزوجة، وكانت تلك العلاقات معهن مصدر خير، حيث وجدنا فيهن العوض عن أهلنا في العين والصديقات في السعودية». وفي المناطق القريبة كان يسكن الكثير من البدو الرحل، الذين كانوا يصرون على العيش في خيام الشعر بلا جدران تفصل أفراد الأسرة عن بعضهم بعضاً، مع أن الحكومة شيدت لهم بيوتا حديثة. تتذكر الشامسي «كنا نعيش في مجموعات صغيرة، قريبة من بعضها بعضاً، وعندما يذهب الناس للصلاة أو لشراء حاجة، فلابد من لقاء وحديث مشترك». ولم تستمر الحياة في تلك المساكن طويلاً، فقد تم بناء منازل حديثة، تضم كثيرا من الغرف وملاحق. وروعي في تصميمها طبيعة حياة الناس في الإمارات وعادات أهلها. لكن أسرة الشامسي لم تنتقل لتلك المنازل الحديثة، بل بقيت في جرن يافور فترة من الوقت، لأنها كانت تتطلع للحصول على بيت في العين، «حيث يوجد «أهلنا وبقايا أجدادنا». مدرسة التمريض تعود الشامسي بذاكرتها سنين طويلة للوراء، يوم كانت في الصف الأول الإعدادي، وعمرها لم يتعد بعد 13 عاماً. لقد دق العريس الباب، فوافق والدها، وكيف لا يقبل والعريس ابن شقيقه. ولم يستغرق الأمر وقت طويلا، فقد تم الزفاف وفرح الأهل والأحباب.. لكن الشامسي، الفتاة اليافعة قررت أن تترك الدراسة. وقد كان ذلك «قرارا طفوليا»، كما قالت. ثم سعت للانضمام لمدرسة التمريض، ولكن «للأسف بعد سنة وشهور قليلة طلب مني زوجي أن أترك التمريض». كان الزواج بداية مرحلة جديدة من كل الوجوه في حياة فاطمة الشامسي. فقد انتقلت أسرتها إلى بني ياس، لكنها بقيت مع أهل زوجها في منطقة المقام في العين. ثم بعد مرور ثمانية أشهر على الزواج، حملت بطفلها الأول، ثم انتقلت للعيش مع زوجها في المشرف أبوظبي. وكانت تعد من أحدث مناطق الإمارة مع الفلاح والبطين والمناصير. كانت أبوظبي نفسها تعيش مرحلة جديدة ومذهلة في تاريخها. فقد بدأ تباشير عهد الرخاء تلوح في الأفق واضحة لكل ذي عينين.. فها هي الشوارع الحديثة تمتد في كل اتجاه ، وها هي السيارات الجديدة تنطلق مسرعة، تخطف الأبصار، وها هي الأسواق تضج بالحركة والانتعاش. في الوقت نفسه، استمرت الحياة التقليدية بكل تفاصيلها، من دون تغييرات كبيرة، فقد ظل كثيرون يعملون بالزراعة أو الصيد، الكل يعرف نخيله أو نخيل غيره من دون علامات، وهم يذهبون لها في موسم التنبيت أو التلقيح وفي موسم الطرح، وبعد موسم جني الرطب كان الرجال يذهبون لأماكن صيد الأرانب والظباء، وكان البعض الآخر يذهب لبيع منتجاته لأبوظبي، حيث كان السفر يستغرق يومين، ويبقى هناك يوماً وليلة ثم يومين للعودة. كانت الخمس روبيات أو العشر تأتي بمؤنة كاملة للمطبخ. العمل في الشرطة وكان أهل أبوظبي يسافرون للعين كمصيف، خاصة أولئك الذين يملكون مزارع للنخل. وأحيانا كان من الممكن الاتفاق مع أحدهم للعناية بالزرع خلال الصيف. وبعد انقضاء الصيف يعود الجميع محملين بالتمور. وعن المرأة في ذلك العهد، تقول الشامسي إن الفتاة الظبيانية كانت مثل غيرها من بنات الإمارات، تضع البرقع على وجهها بعد البلوغ، ولا تخرج من خبائها إلا للضرورة القصوى. وعندما تطلب للزواج لم يكن يسمح لها بالخروج أبداً حتى موعد زفافها. ولم يكن الناس يعرفون عادة غلاء المهور، على الرغم من وجود ثروات كبيرة لدى البعض. والتحقت الشامسي في عام 1992 كمستجدة بالشرطة، وكان لديها خمسة أبناء. وعلى الرغم من مرور السنين الطويلة إلا أنها ما زالت تتذكر صعوبة التجربة في البداية، عندما تم حجزها مع زميلاتها لمدة أسبوعين في الشرطة النسائية للتدريب. وعملت الشامسي أولاً في مرور أبوظبي بإدارة تخليص الملكيات والرخص، ثم انتقلت إلى مكافحة المخدرات، وإدارة السجون، وفي مطار أبوظبي، ثم انتقلت إلى مطار العين. وعبرت تلك المسيرة الطويلة، اضطرت للإفطار في مكان عملها، بعيدا عن أسرتها. فكانت تعد الفطور لأسرتها صباحاً قبل توجهها لعملها، وحين يأتي موعد الإفطار يأتي لها زوجها بإفطارها. وتتذكر الشامسي، كيف كان زوجها يجمع أطفال الأسرة والجيران في رمضان، ليعلمهم الصلاة وقراءة القرآن الكريم. وكان من العادات الجميلة التي يحرص عليها أهالي المنطقة، نصب الخيام، لأنهم «يحبون أن يأتي رمضان، ويجمعهم في الصورة ذاتها التي كان أجدادهم وآباؤهم يجتمعون فيها». وكانت الخيمة مكان السمر بعد صلاة التراويح، ويجتمع الرجال فيها بعد صلاة العصر إن كان الطقس جميلاً في الصيف، مما يزيد أواصر القربى. وسميت هذه الخيام بالحضيرة نسبة للحضور إليها. وكانت تقام قبل رمضان وطوال العام عند البدو، وقد بدأت المجالس الرمضانية تنتشر خلال رمضان، لتكون بمثابة مائدة إفطار لمن يحضر سواء من أصحاب البيت وأقاربهم أو عابري السبيل. وكثيراً ما يأخذ الحنين، الشامسي إلى جرن يافور ومشرف أو المقام. لكنها حينما تمر من هناك تجد كل شيء قد تغير، حتى الجيران رحلوا، ومن بقي فقط طعن في العمر. الفتاة الظبيانية الفتاة الظبيانية كانت مثل غيرها من بنات الإمارات، تضع البرقع على وجهها بعد البلوغ، ولا تخرج من خبائها إلا للضرورة القصوى. وعندما تطلب للزواج لم يكن يسمح لها بالخروج أبداً حتى موعد زفافها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©