السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حرب البورصات القادمة... الصين وأميركا أولاً!

حرب البورصات القادمة... الصين وأميركا أولاً!
10 أكتوبر 2010 21:10
لقد انتهى اجتماع صندوق النقد الدولي الأخير، دون أن يتوصل إلى حل بشأن التنسيق بين البورصات والعملات الوطنية للدول، ما يعني أن تسير كل دولة في الاتجاه الذي تريده لعملتها الوطنية. ويفسر إخفاق الاجتماع في التوصل لحل إلى سبب واحد رئيسي، هو تعقيد العلاقات التي تربط بين واشنطن وبكين. ويتفق قادة العالم الماليون على المشكلة، غير أنهم يعجزون عن الوصول إلى حل لها في الوقت الحالي. وتتلخص هذه المشكلة في مخاطر انتكاسة التعافي الاقتصادي التي تحققت حتى الآن من تأثيرات الأزمة المالية الاقتصادية الأخيرة، بسبب تنامي النزعة الوطنية للدول في حماية عملاتها. تلك هي الرسالة التي حواها بيان صادر عن مجلس محافظي صندوق النقد الدولي يوم السبت الماضي، إثر انعقاد الاجتماع السنوي للصندوق بواشنطن. فقد جاء في ذلك البيان: "إن التعافي الاقتصادي من تأثيرات الأزمة المالية الاقتصادية الأخيرة لا يزال مستمراً، بيد أنه يظل هشاً وغير متوازن". كما أبدى الصندوق اعتراضه على أي شكل من أشكال الحماية الوطنية. لكنه أشار في الوقت نفسه إلى التوترات الحاصلة بين الدول بسبب أسعار البورصة العالمية، إضافة للإشارة إلى انعدام التوازن في أنماط التبادل التجاري العالمي. وطالب البيان الصندوق بالبحث عن حل لهذه المشكلة. والحقيقة أنه في قلب هذه التحديات التي يواجهها الصندوق والمجتمع المالي الدولي بأسره، تكمن صعوبة العلاقات بين الولايات المتحدة والصين. فقد التزمت كلتاهما بتوطيد العلاقات الاقتصادية بينهما خلال العقدين الماضيين، غير أن لهما نزاعات طويلة بشأن سياسات التجارة والعملة التي تتبعها كلتاهما. وقد زاد هذه المشكلة تعقيداً استمرار ضعف سوق العمل الأميركي خلال العام الحالي كله. وضمن هذه التعقيدات، الضغوط التي مارستها إدارة أوباما والكونجرس على بكين، بهدف إرغامها على رفع سعر عملتها الوطنية "اليوان"، لأن ذلك يعني بالنسبة لواشنطن تعزيز قيمة الصادرات الأميركية للصين، مقابل انخفاض تكلفة الواردات الصينية إلى أميركا، وزيادة إقبال المستهلكين الأميركيين على المنتجات الصينية. وشملت الضغوط الأميركية الممارسة على الصين في هذا الصدد، مصادقة مجلس النواب الأميركي على مشروع قانون سن خصيصاً لفرض عقوبات تجارية على الواردات الصينية، إضافة إلى فرض عقوبات على دعم الحكومة الصينية لعملتها الوطنية اليوان. وقد رد المسؤولون الصينيون بغضب شديد على الجهود الأميركية الهادفة لإرغام بلادهم على رفع قيمة عملتها، لاسيما وأن حكومة بكين بذلت جهوداً مقدرة في إدارة أسعار بورصاتها. ومن بين ما جاء في ردة الفعل الصينية هذه، قول رئيس الوزراء الصيني وين جيابو يوم الأربعاء الماضي، إن عدم استقرار اليوان، يهدد بكارثة مالية للصين وللعالم بأسره. ورغم أن الأفعال الأميركية هذه، وردود الأفعال الصينية الغاضبة عليها، يمثلان ذروة النزاع الطويل بين عاصمتي البلدين، فإن ما يخشاه صناع السياسات الآن هو أن يتسع النزاع الأميركي الصيني ليصل إلى حرب عملات وطنية شاملة، مع العلم أن حرباً كهذه ستؤدي حتماً إلى إشعال نار التنافس المالي بينهما، إما خفضاً لأسعار عملاتها، أو المحافظة عليها في أسعار منخفضة نسبياً، بهدف الترويج للصادرات وتعزيز سوق العمـل المحلي. لكن المعضلة أن هذه السياسات لن تنجح فيما لو لجأت إليها جميع الدول في وقت واحد. فعلى حد قول الاقتصادي الكندي ديفيد روزنبرج "فقد عمدت الكثير من الدول أو فكرت على الأقل في بذل الجهود الهادفة إلى مقاومة ارتفاع عملاتها. فهذا ما حدث عملياً في دول من الهند إلى كوريا إلى تايوان، ثم البرازيل. فقد واصلت الأموال تدفقها في أسواق الدول الناشئة، وهو ما ساعد على ممارسة مزيد من الضغوط على عملاتها الوطنية، لاسيما وأن الأداء الاقتصادي لهذه الدول الناشئة، كان أفضل وأقوى من أداء الاقتصادات الأميركية والأوروبية". لكن المشكلة أن سياسة ممارسة الضغط على عملات الجيران هذه، سوف تصحب معها ارتفاعاً حاداً في التعرفة الجمركية وغيرها من إجراءات الحماية التي تفرضها الدول الوطنية على اقتصاداتها. وفي كل ذلك ما يمكن أن يزيد القيود المفروضة أصلاً على التجارة العالمية، ويؤثر سلباً على نموها. غير أن الدول التي ترفض الاستجابة لمطلب رفع أسعار عملاتها الوطنية، تتعرض للعقوبات هي الأخرى. ويلاحظ أن سعر اليورو سجل ارتفاعاً كبيراً خلال الأسبوع الحالي، مقارنة إلى سعر الدولار الأميركي في البورصات العالمية. وفي حين يشير ارتفاع اليورو هذا إلى تعزز الثقة في الأسواق المالية العالمية، فإن من شأنه أن يؤثر سلباً على الصادرات الأوروبية خلال فترة التعافي الضعيف التي تمر بها الاقتصادات الأوروبية الآن. ويجدر بالذكر تنبيه الكثير من الاقتصاديين لأهمية إيجاد حل لانعدام توازن نمط التجارة العالمية -الذي تستورد فيه الولايات المتحدة من البضائع والمنتجات والخدمات أكثر مما تصدر من منتجاتها هي، في حين تسعى دول كثيرة من بينها الصين إلى تعزيز نموها الاقتصادي بواسطة زيادة صادراتها. ويجمع هؤلاء على ضرورة تصحيح الخلل الحالي في الميزان التجاري العالمي. ومن جانب آخر يحاجج عدد من الخبراء والمحللين بأنه قد حان الوقت لأن تدفع واشنطن وغيرها من عواصم الدول باتجاه تصحيح هذا الخلل التجاري، من خلال تصعيد الضغوط الدولية على الصين. وفي هذا التصعيد ما يهدد باندلاع حرب البورصات بين الدول. مارك ترمبول محلل مالي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©