السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المستشفى

20 يوليو 2006 23:01
ابتسم موظف الاستقبال وقال لي عيادتك في آخر ذلك الممر الى اليسار·· ذهبت وأنا أفكر في الطبيب ماذا سأقول له·· أشعر أحياناً انني عاجز عن التعبير خاصة أمام الأطباء·· وأشعر ان الطبيب يستاء لمثل حالتي فلتشخيص مرضي لا بد وان يبذل جهداً كبيراً لمعرفة المكان الذي اشتكي منه بالضبط ومعرفة كل شيء يحتاج اليه· كان علي الانتظار قليلاً بسبب الزحام·· قضيت الوقت في الحركة أمام باب العيادة·· نظرت الى البطاقة في يدي كان على ظهرها بعض التنبيهات قرأتها وابتسمت·· يبدو انهم تعودوا على الكثير من أمثالي ولذلك كتبوا على ظهر البطاقة ''الرجاء البقاء في أماكنكم حتى يحين دوركم''· بدأت التفت الى اللوحات الصغيرة أمام كل عيادة وفجأة شعرت بانتفاضة في جسمي وتسارعت نبضات قلبي·· كنت قريباً من غرفة الأطفال ولم أشعر، فوجئت وبدأت أشعر بالجو يزداد حرارة·· حاولت الاقتراب من العيادة فلم أفلح·· كانت صورته ووثابته تملأ الممر·· تراجعت وأشحت بوجهي· لم أعد أستطيع ان أرفع رأسي·· بل لم أعد أستطيع ان أغادر الممر·· لا بد وان أنسى نظرت الى الجدران وجدت لوحة لم أتبينها اقتربت منها وأخذت أتأملها·· كانت لوحة المقهى·· الاضاءة فيها جميلة والمنازل في الخلف يغطيها الليل·· شعرت ببساطة المكان ونسيت نفسي·· بقيت أمام اللوحة أفكر·· هل يشبه ليلي هذا الليل·· أم أن الرسام هنا أراد ان يعبر عن بساطة ليله وسعادته بينما ليلي طويل متعب·· تعصف به الذكريات وتجتاحه الأحزان·· على الأقل في اللوحة وجد النور زاوية له لينتعش·· بينما في داخلي أشعر بأن مساحات الظلمة هي المسيطرة· التفت للجهة الأخرى وعاد إليّ قلقي كانت الغرفة خلفي·· فابتعدت عنها·· فتح باب الغرفة الرهيبة وظهر طبيب الأطفال·· بدا لي جانب من الغرفة·· ألعاب الأطفال والصور تملأ الجدران·· عدت لأفكر فيه يا الله ترى كيف حاله· أسرعت بالابتعاد·· تمنيت ان يأتي دوري بسرعة لأخرج من هذا المكان·· شعرت أنني أريد البكاء ولم أطق الوقوف اكثر من ذلك·· عدت الى اللوحة بدأت أفكر ثانية·· لماذا يعجبني منظر الظلام والليل أكثر من منظر المقهى المنير؟ تذكرته ثانية وابتسمت·· صوت ضحكته يملأ نفسه·· كلما حاولت ان أنساها عادت لي من جديد·· ترى هل يجب علي النسيان؟ مسألة النسيان هذه تصلح ان تكون قضية نناقشها طوال عمرنا·· وبالتأكيد سنجد دائماً فرصة لكي نقول شيئاً فيها او ان نخالف أو نجد لأنفسنا مبررات·· وأخيراً جاء دوري·· ودخلت العيادة ابتسم لي الطبيب·· وقابلت ابتسامته بابتسامة عريضة هي أكبر شيء أملكه· - أهلاً·· تفضل اجلس· - وجلست ولا أدري لماذا شعرت بشيء من القلق· - تأمل الطبيب في الملف الموضوع أمامه·· ثم التفت الي وابتسم·· وفي هذه اللحظة طرق الباب بهدوء وأطل رأس صغير من زاوية الباب· - تكلم صاحب الصوت·· أبي هل يمكن أن أدخل؟ - نظر اليّ الطبيب·· والحقيقة انني كنت بعيداً عنه ثانية·· كنت هناك مع صغيري·· وانتبهت لنظرة الطبيب فابتسمت له ابتسامة تعني لا مشكلة دعه يدخل· الى الجوار كانت هناك عيادة النساء والولاد·· تذكرت يوم أن رأيته لأول مرة·· هل كانت قطعة اللحم تلك تدرك كم سأتعب بسببها·· لتذكره كان صغيراً جداً ومع ابتسامتي هذه المرة مسحت دمعة عن خدي· عبد الله بن علي السعد
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©