الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كيد الوشاة

كيد الوشاة
3 فبراير 2010 22:42
حدث عمر بن شبة قال: بلغ الخليفة المهدي قول بشار: قاسى الهمومَ تنل بها نُجْحَا والليل، إن وراءه صبحا لا يؤنسك من مخدَّرة قول تغلظه وإن جرحا عسر النساء إلى مُياسرة والصعب يمكن بعد جمحا فلما قدم عليه استنشده هذا الشعر فأنشده إياه، وكان المهدي غيورا، فغضب وقال: تلك أمك يا عاضّ كذا من أمه، أتحضّ الناس على الفجور، وتقذف المحصنات المخبآت، والله لئن قلت بعد هذا بيتا واحدا في نسيب لآتينّ على روحك، فذعر بشار وقال في ذلك: والله لولا رضا الخليفة ما أعطيت ضيما عليّ في شجن وربما خير لابن آدم في الكره وشقّ الهوى على البدن فاشرب على ابنة الزمان فما تلقى زمانا أصفى من الأُينِ ومن الواضح أنه في هذه الأبيات الغثة يتجرع غصص الطاعة ويروّض نفسه على قبول الأمر الواقع حفاظا على رضا الخليفة متعللا أن الزمان مأبون بحقده وعداوته للإنسان وحرصه على تكديره، وخير له أن يتقبل الأمر الواقع قائلا: الله يعطيك من فواضله والمرء يغضى عينا على الكُمُنِ قد عشت بين الريحان والراح والمزهر في ظل مجلس حسن وقد ملأت البلاد ما بين فغـ ـفور إلى القيروان واليمن شعرا تصلى له العواتق والثيـ ــبُ صلاة الغواة للوثن ثم نهاني المهدي وانصرفت نفسي صنيع الموفق اللقن فالحمد لله الذي لا شريك له ليس بباق شيء على الزمن نعم الحمد لله الذي لايحمد على مكروه سواه؛ إذ لم يكن بوسع بشار وهو يتلقى الأمر بالصمت على النسيب والكف عن الغزل إلا أن يشعر أنه يؤمر بالموت، فيذكر في تذكر حياته ومجالسه وشعره الذى ملأ به البلاد من الصين “فغفور” إلى القيروان واليمن.. ولم تكن هذه أول مكيدة يتعرض لها بشار وينتظر منها الفرج، فقد سبق له أن تعرض لوشايات أخرى تحاول الإيقاع به، يذكر منها الرواة مثلا أنه كان يوما في دار المهدي والناس ينتظرون الإذن لهم بالدخول، فقال بعض موالي الخليفة لمن حضر: “ما عندكم في قول الله عز وجل: “وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر” ما تأويلكم للنحل؟ فقال بشار على البديهة: هي النحل التي يعرفها الناس، فرد عليه المولى: هيهات يا أبا معاذ؛ النحل المقصود هم بنو هاشم (العباسيون) ألم تر إلى قوله تعالى: يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس”: يعني العلم، ففاض الكيل ببشار وصاح بهذا المنافق قائلا: أراني الله طعامك وشرابك وشفاءك فيما خرج من بطون بني هاشم، فقد أوسعتنا غثاثة” فغضب وشتم بشارا، وبلغ مهدي الخبر، فدعاهما وسألهما عن القصة، فحدثه بشار، فضحك حتى أمسك على بطنه ثم قال للرجل، أجل فجعل طعامك وشرابك مما يخرج من بطون بني هاشم فإنك بارد غث”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©