الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حرب غزة .. الأنفاق والحقائق الخفية!

حرب غزة .. الأنفاق والحقائق الخفية!
28 يوليو 2014 01:30
ها هنا مجموعة من الحقائق الصادمة في حرب مثيرة للدهشة إلى حد كبير. فالأنفاق التي حفرتها حركة «حماس» تحت الحدود مع إسرائيل لم تقصد بها التجارة بل الخطف. وذكرت تقارير إسرائيلية أن الأنفاق توجد بها مواد مهدئة وأصفاد للأيدي يريد بها مقاتلو «حماس» السيطرة بدنياً على من يمسكون به من الإسرائيليين. وأحياناً أجد الأمر مرهقاً أن ينصت المرء إلى متحدثين إسرائيليين يطرحون نفس السؤال مراراً: ما الذي تريدون قادتكم أن يفعلوه حينما يتم إطلاق الصواريخ على منازلكم؟ والإجابة التي يسعى المتحدثون للحصول عليها لا تأتي بسهولة تامة هذه الأيام. وهذا يرجع في جانب منه إلى أن قسماً كبيراً من العالم لا يستوعب جيداً سجل «حماس» واستهدافها لمئات الإسرائيليين. لكن هذا يرجع في جانب منه أيضاً إلى أن نجاح نظام القبة الحديدية المضاد للصواريخ عقّد الموضوع برمته. وكان بوسع القبة الحديدية أن توفر لصانعي السياسة الإسرائيلية حلا لا يتطرق إلى الرد الجوي على الفور أو الغزو البري في نهاية المطاف. وكان بوسع إسرائيل أن تتحلى بذكاء أكبر في بداية الحرب لو أنها تجاهلت بعض الهجمات في البداية. وكان من الممكن أن يجعل هذا مهمة شرح قضيتها أمام العالم أسهل. والرد المتأخر أو الرد في حده الأدنى على الهجمات الصاروخية كان من الممكن أيضاً أن يحرم «حماس» من نصر واضح في المعركة، فهدف الحركة مثير للجدل أخلاقياً لكنه ماهر تكتيكياً وهو زيادة عدد الضحايا المدنيين الفلسطينيين. فصواريخها ليست إلا مجرد طُعم، وإسرائيل أصبحت خبيرة في التقام الطعم، لكن لا توجد قبة حديدية للأنفاق. والحقيقة أن الأنفاق جعلتني أتوقف لفترة كي أفكر. فمن الصعب تخيل أن جيرانك يحاولون عن قصد تام تفجير منزلك وقتل أطفالك بصواريخ. لكن استراتيجية «حماس» المطورة في الخطف تمثل درجة أخرى من الحرب. ولب السياسة طويلة الأمد لـ«حماس» يتمثل في معاملة كل يهودي على أنه هدف للإزالة. لذا فسؤالي هو: ما الذي تريد حكومتك أن تفعله حينما يحفر عدوك أنفاقاً تحت قريتك كي يخرج من تحت الأرض ليلاً ليقتلك أو يخطفك؟ هل يمكن تخيل تعريض أفراد أسرتك لخطر الاعتقال والسحب تحت الأرض وتصفيد الأيدي وإعطائهم المهدئات ثم احتجازهم في الظلام ربما لسنوات وربما عدم العودة أبداً إلى المنزل؟. وخرج مقاتلو «حماس» في الآونة الأخيرة من هذه الأنفاق داخل إسرائيل عدة مرات. فهذا ليس تهديداً افتراضياً. وقد يرد شخص أمين مع نفسه على هذا السؤال بالطريقة التالية: أفضل أن تفعل حكومتي كل ما بوسعها كي تضمن أن عناصر من «حماس» لا ينشئون أنفاقاً تحت منزلي كي يخطفوني أو يخطفوا أفراداً من أسرتي. والسياسة الإسرائيلية جدلية وشقاقية ومفتتة. لكن إسرائيل متحدة بشكل ملحوظ في الأسبوعين الماضيين. وهذا يرجع في جانب كبير منه إلى أن الإسرائيليين حتى أولئك الذين يعتبرون مشروع حكومتهم الاستيطاني هداماً، يفهمون الأهداف التكتيكية والاستراتيجية لـ«حماس». والأهداف التكتيكية هي إرهاب الإسرائيليين واستهداف نزع المشروعية الدولية عن دولتهم. والهدف الاستراتيجي، وهو عقائدي في الحقيقة، هو القضاء على وطن الإسرائيليين. الأعداء يحتشدون تحت أرجل إسرائيل، وهذا ما جعلها مصرة على ضرورة أن يتضمن أي اتفاق لوقف إطلاق النار التخلص من تهديد أنفاق الخطف هذه على الأقل. وأي شيء أقل من ذلك لن يفلح في تحقيق أي استقرار في المنطقة. و«حماس» لا ترى أي إمكانية في المستقبل لإحلال سلام أو مصالحة، كما يرى المدافعون عن حل قيام دولتين. وقد رفضت «حماس» بالفعل عدة دعوات لوقف إطلاق النار، وهي تطالب إسرائيل ومصر بإعادة فتح حدود غزة وموانئها. وطالب زعماء «حماس» لسنوات أن تسمح إسرائيل لهم باستيراد مواد البناء كي يشيدوا منازل لفقراء غزة. والآن نعرف المكان الذي ذهب إليه مثل ذلك الكم الكبير من مواد البناء. فقد ذهب إلى أنفاق تمر تحت حدود إسرائيل وإلى مخابئ من القصف للصفوة الحاكمة في غزة. والسكان المدنيون في غزة الذين يتعرضون للقصف الإسرائيلي لا يستفيدون من مخابئ القصف الخاصة هذه. وهذه هي المرة الثالثة التي تتقاتل فيها «حماس» وإسرائيل منذ سحب الدولة العبرية مستوطنيها وجنودها من غزة عام 2005، وهي الفترة التي كان بوسع الفلسطينيين في غزة بعدها أن يشيدوا دون قيود أشياء أخرى غير الأنفاق ومنصات إطلاق الصواريخ. ومن المؤكد أنه سيقع صراع آخر ما لم يتم نزع أسلحة «حماس» أو تستطيع السلطة الفلسطينية التي يتزعمها عباس، الأكثر اعتدالًا، استعادة فرض هيبتها على غزة. وهذا مستبعد إلى حد بعيد، لأن السلطة الفلسطينية ضعيفة و«حماس» لن تتفاوض طواعية على التخلي عن السلاح الذي يسمح لها باستهداف الإسرائيليين. وإسرائيل ستواجه حينها مهامّ صعبة وهائلة. فعليها أن تضع حداً لوقوع ضحايا بين المدنيين الفلسطينيين في قتالها مع «حماس»، لأن هذا ضرورة أخلاقية وإلزام استراتيجي. وعليها أن تفعل شيئاً لا تحسنه بالمرة وهو خلق واقع بديل في الضفة الغربية يبين للفلسطينيين أن هناك مستقبلاً مختلفاً وأكثر إشراقاً من ذاك الذي تعد به «حماس». وعليها أن تطمئن مواطنيها بأن الجماعة التي لا تسعى إلى حل عادل لقيام دولتين وتريد القضاء على دولتهم، لن تخطفهم ولن تقتلهم. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©