الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المكسيك.. توثيق جرائم العنف

8 يوليو 2015 23:56
لو قُدر لنا أن نصدق ما يقوله الملياردير الأميركي «دونالد ترامب»، فإن المكسيك هي مرتع المجرمين وهواة الاغتصاب. إلا أن هذا الذي يقوله يجانب الصواب ويجافي الحقيقة بالطبع. وفي أحدث محاولة لدحض هذه الافتراءات، تم عرض شريطي فيديو وثائقيين بالأبيض والأسود الأسبوع الماضي في الولايات المتحدة والمكسيك. حمل الشريط الأول عنوان «أرض عصابات المخدرات» Cartel Land، وهو من إخراج «ماثيو هاينمان»، وتدور أحداثه حول حرب المخدرات في المكسيك وخاصة ما يتعلق بملاحقة العصابات الهاربة من العدالة والمافيات المتخصصة بالتهريب والترويج. وهو يصطحب المشاهدين في رحلة إلى عالمين منفصلين تسودهما عدالة الاقتصاص والانتقام وحيث يتم تحميل مهمة ملء الفراغ الأمني الذي يفصل بينهما على كاهل المواطنين المتطوعين. ويتجسّد أحد فريقي هذين العالمين بالمتطوعين المدنيين الأميركيين المنتشرين في ولاية أريزونا على الحدود مع المكسيك، وهم الذين كلفوا أنفسهم بمهمة القبض على من يطلقون عليهم إسم المجرمين الذين يعبرون الحدود إلى الولايات المتحدة. ويقع العالم الثاني في القطاع الجنوبي من ولاية «ميشواكيان» المكسيكية وحيث درج أعضاء المجتمع المدني هناك على التآزر والتعاون لتنفيذ ما تفشل الشرطة في أدائه من مهمات في أثناء محاولتهم وضع العنف الذي يمارسه «كارتل» المخدرات تحت السيطرة. وفي أحد مشاهد الشريط، يتولى فريق من المتطوعين الأميركيين القيام بدوريته المعتادة لمراقبة الحدود المتاخمة لولاية أريزونا، في إطار الجهود المتواصلة لمنع مهربي المخدرات والمجرمين المكسيكيين من دخول الولايات المتحدة. وعندما عمد رجاله إلى توقيف جماعة من المهاجرين، كان من الواضح افتقارهم لأي طريقة للتعرف على حقيقة كل واحد من هؤلاء الرجال الذين كانوا يختبئون في الأدغال الجبلية، فهل هو مهرب مخدرات، أم أنه هارب من العنف المستشري في الولايات المتحدة وعائد إلى وطنه، أو أنه أب مكسيكي عائد إلى الولايات المتحدة للانضمام لعائلته المهاجرة. ويضم الشريط أيضاً مشاهد ملتقطة في ولاية «ميشواكيان» ذاتها، وحيث يداهم رجال الأمن المكسيكيون المتطوعون بيوت المواطنين لتحرير المختطَفين من قبضة خاطفيهم. يحدث كل ذلك بحجة تعزيز الأمن المجتمعي، فيما ينظر المتطوعون إلى الأمر وكأنه عمل مشروع لأنه يستهدف المجرمين دون غيرهم. وعندما قام رجال ينتمون لعناصر الدفاع الذاتي باعتقال رجل وإبعاده عن ابنته التي انخرطت في البكاء، واقتادوه إلى السيارة، صوبوا المسدس إلى رأسه وطلبوا منه الإدلاء بكل ما يعرف من معلومات عن عصابة تهريب المخدرات التي ينتمي إليها. وكان من الصعب ألا يتساءل المرء وهو يتابع هذه المشاهد: أين يبدأ عمل المجرم، وأين ينتهي عمل حماة المجتمع. وحمل الشريط الثاني عنوان «مملكة الظلال» Kingdom of Shadows ويبلغ طوله 73 دقيقة، وتم عرضه لأول مرة في شهر مارس الماضي، ويبدو وكأنه جاء ليستكمل أحداث الشريط الأول. فهو يعرض لحصيلة ضحايا حرب المخدرات في المكسيك، ويتناول ثلاثة محاور رئيسية هي: قصة ناشط في حقوق الإنسان، وممارسات عميل في الشرطة الحدودية الأميركية، وحكاية رجل من تكساس يعمل في تهريب المخدرات من المكسيك إلى الولايات المتحدة. ويطرح الشريط الكثير من علامات الاستفهام حول المسؤول الحقيقي عن العنف الذي تغرق فيه المكسيك وبعض القطاعات الحدودية الأميركية، وعن ضحاياه الحقيقيين. فلقد اختفى عشرات الألوف من المكسيكيين خلال العقد الماضي. ولا غرابة إذن في أن تغرق شاشة العرض بمشاهد وصور العائلات المنكوبة باختفاء أبنائها والتي لا تتوقف عن البحث عن إجابات شافية عن هذه الأسئلة، ويتصدى الشريط للزعم الذي يفترض بشكل آلي ومن دون الاستناد إلى دليل بأن كل أولئك الذين قُتلوا هم من المجرمين، وأن البحث عمن اختفوا يفقد أهميته بناء على ذلك. ولا تتوفر أي حلول لمشكلة غياب الأمن على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة وفقاً للطرح الوارد في الشريطين معاً، إلا أن المشاهد المتابع لهما سوف يخرج من ذلك بالنتيجة التي تفيد بضرورة التدقيق والبحث المعمق من أجل الوصول إلى فرز واقعي بين الإنسان الطيّب والشرّير والمتواطئ. ويتني يوليش* *محللة اجتماعية أميركية مقيمة في المكسيك ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©