الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عواقب «لا» اليونانية

8 يوليو 2015 23:54
باتباعهم نصيحة حكومتهم وتصويتهم بـ «لا» في الاستفتاء يوم الأحد، كتب المواطنون اليونانيون رسالة لا لبس فيها، وفيما يشبه كثيراً الموقف التخيلي في فيلم «نتوورك» حين فتح الأميركيون نوافذهم على مصراعيها وصرخوا قائلين:«أنا في غاية الجنون.. لن أقبل هذا بعد الآن». صرخ اليونانيون كي تلتفت باقي أوروبا لمحنتهم، لكن لا يوجد في هذه المرحلة إلا قلة من الزعماء الأوروبيين المستعدين فيما يبدو للإنصات لهم، وهناك عدد أقل يرغب في تقديم الإغاثة التي يحتاجونها بشدة، وتداعيات ما حدث سيؤثر أساساً في اليونان ثم في أوروبا وخارجها، وفيما يلي عشر عواقب للتصويت قد تكشف عنها الأيام القليلة المقبلة. أولا: انتصار معسكر «لا» سيؤدي في البداية إلى عمليات بيع عامة في الأسهم العالمية بالإضافة إلى ضغوط في السعر على السندات الصادرة من اليونان واقتصاديات الأطراف الأخرى لمنطقة «اليورو» والأسواق الناشئة، وستستفيد السندات الحكومية الألمانية والأميركية من الإقبال عليها باعتبارها أكثر جودة وأقل مخاطر. ثانياً: بعد المباغتة، سيسعى السياسيون الأوروبيون بسرعة إلى استعادة زمام المبادرة، وفي أحسن الأحوال، سيعمل هؤلاء الزعماء بسرعة وفعالية مع الحكومة اليونانية لتجاوز الصراع والشقاق قبل الاستفتاء، وقد يكون هذا صعبا مع الأخذ في الاعتبار الافتقار إلى الثقة والاتهامات المدمرة التي سممت العلاقات. ثالثا: ليس لدى السياسيين اليونانيين والأوروبيين الكثير من الوقت ليعملوا سوياً. والظروف المروعة في اليونان ستتفاقم أكثر قبل تحسنها. ودون مساعدة طوارئ كبيرة من البنك المركزي الأوروبي، ستجد الحكومة صعوبة في توفير المال في آلات الصرف الآلي في البلاد ناهيك عن إعادة فتح البنوك. رابعاً: سيتزايد العجز في البضائع بما في ذلك الوقود والغذاء، وستزداد إجراءات التشديد على المدفوعات ورأس المال، وسينحدر الاقتصاد خطوة أخرى لأسفل وستتفاقم البطالة والفقر، وستجد الحكومة صعوبة في دفع معاشات المتقاعدين ورواتب الموظفين. خامساً: ستتعرض الحكومة لضغوط متصاعدة لتصدر صكوكاً للإقرار بالدين للحفاظ على درجة ما من الاقتصاد الذي يقوم بوظائفه، وإذا حدث هذا، فسوف تأخذ هذه الصكوك دور العملة الموازية التي يتحدد سعرها محلياً بأقل من القيمة الاسمية لليورو. سادساً: خارج اليونان، سينصب الاهتمام على تفادي الآثار السلبية، وسيضطر البنك المركزي الأوروبي على الأرجح لتطبيق إجراءات جديدة لاحتواء العدوى الإقليمية بما في ذلك التوسع في البرنامج الحالي لشراء الأوراق المالية على نطاق واسع، وهذا سيضعف سعر صرف «اليورو»، وعلى المسؤولين أن يستعدوا لسلسلة من عجز اليونان عن السداد، بالإضافة إلى صندوق النقد الدولي الذي تدين له اليونان بالفعل بمتأخرات. سابعاً: كل الأطراف المتورطة ستجد نفسها تعمل بالخطط البديلة، وهذا التحول من المرجح أن يكون أكثر كارثية لليونان من باقي أوروبا. ثامناً: مع الأخذ في الاعتبار أن الهدف النهائي هو تفادي مزيد من المعاناة والآلام البشرية وعدم اليقين بأسرع وقت ممكن، فإن لأوروبا أدوات ومؤسسات للحد من العدوى والحفاظ على سلامة منطقة «اليورو»، لكن هذا يستلزم عملاً من البنك المركزي الأوروبي يصحبه إجراءات عن طريق آلية الاستقرار الأوروبي وبنك الاستثمار الأوروبي بغرض إتمام اتحاد مصرفي وإحراز تقدم في التكامل المالي. تاسعاً: من المشكوك فيه أن تستطيع اليونان البقاء كاملة العضوية في منطقة «اليورو»، ودون إدارة الأزمة بطريقة بارعة للغاية، يحتمل كثيراً أن تصبح اليونان دولة فاشلة، ويتعين على أوروبا أن تضمن ألا يتمخض خروج اليونان من منطقة «اليورو» المؤلفة من 19 عضواً عن انفصالها من الاتحاد الأوروبي الأكبر، وهذا قد يتطور في صورة علاقة خاصة ضمن اتفاق شراكة على سبيل المثال. عاشراً: وأخيراً، يتوقع حدوث انفجار في تقاذف اللوم، وهذا قد يعرقل أوروبا عن استيعاب الدورس المستفادة مما حدث، فقد فاقم العناد السياسي وضعف التحليل والمتابعة غير المتواصلة من أوروبا من أثر سلسلة عدم الوفاء بالوعود التي قطعتها عدة حكومات يونانية مما ساهم في فقدان اليونان كعضو في الأسرة. محمد العريان* * رئيس مجلس التنمية العالمي في البيت الأبيض. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©