الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

موقعة عمورية.. قادها المعتصم استجابة لصرخة امرأة

موقعة عمورية.. قادها المعتصم استجابة لصرخة امرأة
10 يوليو 2013 22:52
أحمد مراد (القاهرة) - في رمضان عام 223 هـ، قاد الخليفة العباسي المعتصم بالله جيش المسلمين في معركة عظيمة فتح على إثرها مدينة عمورية في آسيا الوسطى - تركيا حالياً - وكانت تمثل مركزاً استراتيجياً من الناحية الاقتصادية للامبراطورية البيزنطية. والمعتصم بالله هو أبو إسحاق محمد بن هارون الرشيد، ثامن الخلفاء العباسيين. وجاءت حملة المعتصم على عمورية رداً على ما قام به الإمبراطور البيزنطي من اعتداءات وحشية على مدينتي «زبطرة» و«ملطية» التابعتين للدولة الإسلامية. وفي يوم دخل إبراهيم بن المهدي على المعتصم، وأنشده قصيدة يذكر فيها ما نزل بزبطرة وملطية، وحثه على الانتقام، فاستعظم المعتصم ذلك، وبلغه أن امرأة هاشمية صاحت بعد أن لطمها رجل من الروم: وامعتصماه. فرد قائلاً: «لبيك لبيك»، فنادى في الجنود بالرحيل إلى الغزو، وتساءل: أيُّ بلاد الروم أمنع وأحصن؟ فقيل له: عمورية، لم يعرض لها أحد من المسلمين منذ مجيء الإسلام، فسار باتجاهها، بجيش عظيم من الجنود والسلاح والعدد وآلات الحصار. اجتمع جيش المسلمين بقيادة المعتصم عند عمورية، وكانت ذات سور منيع وأبراج عالية ، فركب ودار حولها دورة كاملة، وقسمها بين القُواد، وصار لكل قائد منهم ما بين البرجين إلى عشرين برجاً. أما أهل عمورية، فقد تحصنوا داخل أسوار مدينتهم، وعلم المعتصم من عربي متنصر، تزوج في عمورية وأقام بها، أن موضعاً من المدينة جاءه سيل شديد، فانهار السور في ذلك الموضع، فكتب ملك الروم إلى عامله في عمورية أن يبني ذلك الموضع ويعيد تشييده، فوجه الصناع والبنائين، فبنوا وجه السور بالحجارة، وتركوا وراءه من جانب المدينة حشوا، فأمر المعتصم بضرب خيمته تجاه هذا الموضع، ونصب المجانيق عليه، وبدأت المجانيق الضخمة تعمل عملها فانفرج السور من ذلك الموضع، فلما رأى أهل عمورية ذلك دعموه بالأخشاب الضخمة، فكان حجر المنجنيق إذا وقع على الخشب تكسر، فيهرع المحاصرون لتدعيم السور بأخشاب ضخمة جديدة. وعندما توالت قذائف المجانيق على هذا الموضع الواهن، انصدع السور فكتب عامل عمورية إلى ملك الروم كتاباً يعلمه فيه بأمر السور، وقوة الحصار، ووجه الكِتاب مع رجل يتقن العربية، ومعه غلام رومي، كي لا يُكشف أمره عند اجتياز صفوف الحصار، فخرج الرجلان من مكان مسيل ماء، فعبرا الخندق الذي يلي السور، فلما خرجا من الخندق، أنكرهما الجند، فسألوهما: من أين أنتما؟ فأجابا: نحن من أصحابكم، نحن منكم جنديان في جيش أمير المؤمنين المعتصم، فقالوا لهما: مِن أصحاب من أنتما؟ فلم يعرفا أحداً يسميانه لهم، فأنكروهما، وجاؤوا بهما إلى المعتصم، وفتَّشهما، فوجد معهما كتاباً إلى ملك الروم يعلمه فيه عامله على عمورية، أنه اعتزم أن يركب ويحمل خاصَّة أصحابه على الدواب التي في الحصن. ويفتح الأبواب ليلاً على حين غرة ويخرج ومن معه، فيحمل على المسلمين كائناً ما كان بعدها، أُفلت فيه من أفلت، وأصيب فيه مَنْ أُصيب، حتى يتخلَّص من الحصار، مهما كانت النتائج. وفي صباح اليوم التالي أمر المعتصم بالرجلين الأسيرين، فأداروهما حول عمورية ليحددا مقر عاملها ومكان وجوده، فقالا: يكون في هذا البرج، وأمر المعتصم بالاحتياط في الحراسة ليلاً ونهاراً، وشدَّدها، وأمر أن تكون بين الجند تناوباً، فلم يزل جند المسلمين يبيتون كذلك بالتناوب على ظهور الدواب في السلاح، حتى انهدم السور ما بين برجين، من الموضع الذي وُصف للمعتصم أنه لم يحكم عمله. اقتحام وفي صباح يوم جديد من الحصار بدأ القتال على الموضع الذي فُتح فيه السور، ولكن الموضع كان ضيقاً، لم يمكنهم من اختراقه، فأمر المعتصم بالمنجنيقات الكبار التي كانت متفرقة حول السور، فجمع بعضها إلى بعض، وجعلها تجاه الموضع، وأمر أن يُرمى ذلك الموضع ليتسع ويسهل العبور، وبقي الرمي ثلاثة أيام، فاتَّسع لهم الموضع. وكان الموكَّل بهذا الموضع رجل من قوَّاد الرَّوم فقاتل وأصحابه قتالاً شديداً باللَّيل والنهار، ولم يمدّه عامل مدينة عمورية بأحد من الروم، فاعتزم وأصحابه على أن يخرجوا إلى المعتصم، ويسألوه الأمان على أهلهم، ويسلِّموا إليه الحصن بما فيه من المتاع والسلاح. فلما أصبح خرج فقال: إني أريد أمير المؤمنين، فأوصله بعض الجند المسلمين إليه، وأعطاه المعتصم ما أراد، من أمان له ولرجاله. ثم سار حتى وقف أمام البرج الذي يقاتل فيه عامل عمورية، فصاح بعض الجند بالعامل، هذا أمير المؤمنين، فصاح الروم من فوق البرج: ليس العامل هاهنا، فغضب المعتصم لكذبهم وتوعَّد، فصاحوا: هذا العامل، فصعد جندي على أحد السلالم التي هيِّئت أثناء الحصار، وقال للعامل: هذا أمير المؤمنـــين فانزل على حكمه، فخرج من البرج متقلداً سيفاً، حتى وقف على البرج، والمعتصم ينظر إليه، فخلع ســيفه من عنقه، ودفعه إلى الجندي المـســلم الذي صعد إليه، ثم نزل ليقف بين يدي المعتصم، فضربه المعتصم بالسوط على رأسه، ثم أمر به أن يمشي إلى مضرب الخليفة مهانا فأوثق هناك ليعلن سقوط عمورية بيد المعتصم وجنده. وذلك بعد حصار دام خمسة وخمسين يوماً، وقد استجاب لصيحة المرأة الهاشمية، فخلَّصها وقتل الرومي الذي لطمها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©