الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

?«السّلفي».. رحلة طواف مريرة على عتبات الفكر

?«السّلفي».. رحلة طواف مريرة على عتبات الفكر
27 يوليو 2014 00:53
محمود عبدالله (أبوظبي) «السّلفي»، رواية جريئة جداً، للناقد والروائي والصحفي والباحث في علم الاجتماع السياسي عمّار علي حسن، صدرت في القاهرة قبل أيام، عن منشورات مكتبة الدّار العربية للكتاب، في 300 صفحة من القطع المتوسط، وبتجديد في الشّكل، حيث تتلاحق أحداث الرواية عبر واحد وعشرين حركة، وتنتهي بمفارقة فكرية. ونقول جريئة جداً، لأنها في الواقع تكشف وتطرح وتناقش المسكوت عنه في الثقافة الدينية العربية، والحديث عن إصطلاحات وأفكار تحمل إشكالياتها مثل: الإسلام السياسي، الجهاديون، السلفيون، الإرهاب الديني والفكري، الأصوليون، بموازاة البحث عن خطاب إسلامي عقلاني وسطي، يقدّمنا للعالم بصورة تنسجم مع روح الاسلام السمحة، والاعتدال الفكري القائم على الجمع بين العلم والدين. ? ?رواية «السّلفي» التي تكاد طبعتها الأولى تنفذ من الأسواق القاهرية، تمزج بين صورة سحرية تجسدها نبوءة امرأة صوفية، تعيش في إحدى قرى صعيد مصر، وبين واقع بائس كئيب، فرض نفسه على الحياة الاجتماعية، خلال العقود الأخيرة، نظراً لتصاعد بعض التيارات الدينية التقليدية، ومن هذا المناخ، يرصد كاتب الرواية حكاية أب، يعمل محامياً، ويحمل مبادئ وأفكاراً عصرية، في حين استطاع «السلفيون الجهاديون» التسلل إلى حياة وعقل ابنه الجامعي، ومن ثم تجنيده للمشاركة في حربهم التي خاضوها ضد الرّوس في «أفغانستان»، لينتهي بعد ذلك مقاتلًا ممتهناً للقتل في فصيل تابع لتنظيم القاعدة. ? ??تتواصل حركات الرواية، عبر سرد وصفي جميل، يكشف عن معاناة الأب، وفشله مراراً وتكراراً في استعادة ابنه، فيتذكر نبوءة لامرأة صالحة، يعتقد الجميع في قريته بكراماتها، ذكرت له فيها، أنّه لن يستعيد الغائب، إلا إذا مرّ بكل عتبات بيوت القرية، ويشرح لساكنيها منابع «التّدين المعتدل»، وفي رحلة الطّواف المريرة على عتبات البيوت، وعبر تقنية «الحدث الاسترجاعي/ الفلاش باك»، يستعيد كل حكايات ومسرّات أصحابها وأوجاعهم في إطار نص شاعري، ومفردات ولغة ناضجة تتنقل بنا من القرية إلى المدينة ذهاباً وإياباً، وعبر تقنية أخرى ما بين فنيات المسرح والسرد الروائي (تكنيك الحلم) يتخيل الأب أن ابنه يصاحبه في رحلة طوافه، متداخلًا معه في حوار «ديالوج الراوي والمروي عليه» طويل حول الفرق بين التّصورات الدينية المعتدلة لأصحاب كل العتبات، والتي ذابت في حياتهم القروية البسيطة من دون تكلّف ولا إدعاء او شعارات فضفاضة، وبين التعصب والتشدد الذي ينخر في رأس الابن المتعلم، حتى أصبح محترفاً لقتل الأبرياء دون قضية حقيقية، معتقداً أنّه يجاهد في سبيل الله. ? ?في الواقع أن رواية «السلفي»، تستحق الانتباه، فمن حيث مضمونها، فهي تتجاوب مع السياق الاجتماعي والسياسي الذي يمر به العالم العربي، وبخاصة في مصر، ومن حيث هوية المكان فتتخذ الأحداث من إحدى قرى صعيد مصر فضاء محورياً لها، حيث شرائح وفئات ينقصها التعليم، ويمكن التأثير عليها دينياً بسهولة، ومن ثم فهي تلوّح بطرف خفي إلى قدسية روح الإنسان، وأن تعرضه للقتل بلا رحمة بشكل تعسفي على خلفية دينية واختلاف في المعتقد ووجهات النظر، هو أمر مرفوض ومناف للشريعة، مضافاً إلى كل ذلك الوسائل التقنية المعاصرة التي اتكأ عليها الروائي لصياغة شخصياته، في إطار حوار هادئ، يقوم على مبدأ (الصراع الفكري) ولغة تتخذ من «الجدلية» صفة للتصدي لمفاهيم التكفير دون أسانيد. ? ?جدير بالذكر أن رواية «السلفي»، هي السادسة للكاتب، بعد: شجرة العابد، وسقوط الصمت، وحكاية شمردل، وجدران المدى، وزهر الخريف، إضافة إلى ثلاث مجموعات قصصية هي:? عرب العطيات، والتي هي أحزن، وأحلام منسية، وقد حصلت الأخيرة على جائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي، فيما حاز كتابه «التنشئة السياسية للطرق الصوفية في مصر» جائزة الشيخ زايد للكتاب، في فرع التنمية وبناء المجتمع. ?
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©