السعادة أو التعاسة قرار شخصي لا قدر حتمي

السعادة، هذه الكلمة التي تقاذفها الكثيرون، وأسالت مداد الفلاسفة، وظلت مجال بحث حكراً على علماء النفس والاجتماع لوقت طويل، أطل علماء الإنسانيات والاقتصاد وقالوا إن لديهم ما يقدمونه لإثراء الساحة البشرية ببحوث ودراسات وإنتاجات ترشد إلى سبل تلمس السعادة ومفاتيحها وإثلاج صدور الساعين وراءها ومتلمسي سبلها، فعلماء الصبغيات والوراثة يقولون إن الشعور بالسعادة على المدى البعيد هو شعور ثابت لا يتغير بسهولة بفضل جينات الشخص وشخصيته. وقد أشاروا من خلال إحدى هذه الدراسات أن الحمض النووي لدى الشخص مسؤول بنسبة تتراوح بين 44% و52% عن سعادته. أما علماء الاقتصاد، فهم يرون أن سعادة الإنسان تزيد بزيادة إنتاجيته، وتتراجع لدى الكسالى الأقل إنتاجية. دراسة حديثة تتحيز إلى طرح علماء الاقتصاد وتخولهم قول كلمة الفصل حول السعادة. فقد قام باحثون من أستراليا وهولندا وألمانيا بدراسة شملت آلاف المواطنين الألمان وتابعت حالاتهم الشعورية خلال ربع قرن من الزمان (من 1984 إلى 2008)، ثم حللوا أجوبتهم حول وضعهم العائلي والمهني والصحي والاجتماعي ومستوى رضاهم عن عيشهم وحياتهم، فخلُصوا إلى أن مفاتيح سعادة الإنسان تكمن في الأشياء الآتية: 1- وجود شريك حياة وزوج يضمن الاستقرار العاطفي. 2- وضع الأنشطة التطوعية والخيرية -مثل مساعدة الآخرين والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية- ضمن سلم الأولويات. 3- إيلاء مؤسسة الأسرة أهمية قصوى وتقدير دورها. 4- وجود حياة اجتماعية شخصية. 5- وجود برنامج رياضي منتظم. وإلى جانب ذلك، عددت هذه الدراسة التي نُشرت في العدد الأخير من مجلة «الأكاديمية الوطنية للعلوم» خمسة عناصر أخرى تعيق شعور الإنسان بالسعادة وهي: 1- الاقتران بشريك حياة نكد أو نكدية أو مصاب أو مصابة باضطراب عصبي معين. 2- وضع المصالح المادية والمكاسب الشخصية في قائمة الأولويات. 3- بذل جهد أكثر أو أقل من طاقة الشخص الطبيعية. 4- جسم ضعيف البنية والوزن بالنسبة للرجال. 5- جسم بدين بالنسبة للنساء. وأوجز الباحثون هذه الخلاصات في استنتاج طريف «أن كون السعادة بعيدة المدى قابلة للتأثر بالاختيارات الفردية هو خبر سعيد ليس فقط لعلماء الاقتصاد، وإنما أيضاً للحكومات والبشرية بشكل عام». عن «لوس أنجلوس تايمز»