مدينة البرق

ثمة إحساس يخالجك وأنت تجوب شوارع تامبا تلك المدينة الساحرة الناعسة المستلقية على شواطئ خليج المكسيك، ويظل يراودك إلى أن تقع أسيرا للمدينة وتشعر بأنك استسلمت لها من غير مقاومة، ربما بسبب عشق قديم لكل ما يأتي من الثقافة اللاتينية التي تجدها هنا في كل التفاصيل كرائحة أو طعم يلح ليذكرك بالتوابل المكسيكية الحارة وتجده في شوارعها ومبانيها القديمة وتفاصيلها وفي كل شيء. ربما لأنها تعطيك شعورا بأنها مدينة نسائية، لأن فيها أجمل نساء الأرض فلا تتمالك نفسك من الوقوع في حب وغرام من طرف واحد بعد أن يصاب قلبك بسهام فتنتهن. تجوب طرقات المدينة تشدك الأحياء القديمة، والمتاحف المتنوعة، يهطل عليك المطر وأنت تجوب الشوارع فتكمل سيرك لأن المطر هنا جزء من الثقافة اليومية لا تتوقف الحياة باستمراره، فقد اعتاد الناس على المطر منذ أن كانت هذه المدينة مجرد منطقة موحشة يقطنها الهنود الحمر فاشتقت اسمها من كلمة “كالوسا” التي تعني البرق في لغة سكان المنطقة الأصليين من الهنود الحمر. تنتقل إلى الضفة الأخرى فتجد نفسك في مدينة بيترسبيرج، ثمة متحف لسلفادور دالي تجد نفسك تدخله وتجد نفسك تعيش داخل لوحاته محاطا بإطار خشبي مذهب، فتخرج من المتحف هاربا قبل أن يتم احتجازك بين بقية معروضات المتحف، وما أن تخرج حتى تجد نفسك على رصيف لليخوت، تتسكع فيه، تأسرك اللوحة الطبيعية، المياه الزرقاء المتلألئة، اليخوت البيضاء، الخضرة وطيور مالك الحزين التي تستوطن المكان، إنها صورة لونية رائعة ربانية. في المساء تكتشف ناد ليلي قريب من مقر إقامتك وتجد العاملات فيه من الحسناوات اللاتينيات يتمخترن كعارضات الأزياء أمام الزبائن المترعين وثمة موسيقى بنفس الطعم رائعة ساحرة تجعلك تشعر بأنك تعيش حلما جميلا لا تريد أن تصحو منه، تتراقص الفتيات على أنغام الموسيقى تقترب واحدة منهن منك، تطلب منك مشاركتها الرقص، لكنك كالعادة تضطرب وتزيد ضربات قلبك لدرجة أن الفتاة تكاد تسمعها، وتبقى خائبا فتعتذر بأنك لا تعرف رقصة التانجو ولا التشاتشا ولا السامبا، لكنها لا تفارقك من أجل إدماجك بالجو العام فتبقى لترقص لك وحدك، وإمعانا منها في تعذيبك تكشف شيئا من ملابسها وتقترب منك فترى بوضوح ما فاتك. تفيق من الحلم على جلبة في الخلف فتجد أن أحد الأعراب قد دخل في خلاف مع رجال الأمن، فتنسحب بهدوء خشية أن يزج بك في أتون خلاف ليس لك به علاقة. سعيد البادي | rahal ae@gmail.com