الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

رجال يبلغون بالإيمان أعلى الرتب

رجال يبلغون بالإيمان أعلى الرتب
22 ديسمبر 2016 22:42
أخرج الإمام البيهقي في سننه عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: خطبنا رسولُ اللهِ - صلّى اللهُ عليه وسلم - خطبةَ الوداعِ فقال: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلاَ لاَ فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلا لأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلا لأَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ، إِلا بِالتَّقْوَى، إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ، أَلا هَلْ بَلَّغْتُ؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ»، (أخرجه البيهقي). إنَّ الرسالة الإسلامية لم تكن مقتصرة على أمة معينة، فرسولنا- صلى الله عليه وسلم- بُعث للإنسانية جمعاء، ومن المعلوم أن الإسلام جاء ليقود الإنسانية لحياة كريمة في الدارين الدنيا والآخرة، ومنذ أن أشرقت شمسه وعم نوره الكون والبشرية تعيش حياة كريمة طيبة آمنة. لقد جاء الإسلام رحمة للعالمين، حيث جاء برسالة عالمية للناس كافة (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً)، «سورة سبأ: الآية 28»، ومن نعم الله علينا أن هدانا للإسلام (الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ)، «سورة الأعراف: الآية 43»، فالإسلام هو مصدر عزتنا وكرامتنا (وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)، «سورة آل عمران: الآية 139»، فلا عزة لنا إلا بالإسلام ولا وحدة لنا إلا بالقرآن (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ)، «سورة المنافقون: الآية 8». إجلالاً واحتراماً وعند دراستنا للتاريخ الإسلامي نجد أن المسلمين يوم تمسكوا بالإسلام وعملوا بأحكامه واهتدوا بهديه، احترمهم العالم وقدرهم ووضعهم في المكانة اللائقة بهم، وطأطأ لهم الشرق والغرب إجلالاً واحتراماً، فالله سبحانه وتعالى سمَّانا المسلمين، كما جاء في كتابه الكريم (هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ)، «سورة الحج: الآية 78»، لكن المسلمين وللأسف تفرقوا واختلفوا وأصبحوا شيعاً وأحزاباً كلّ حزب بما لديهم فرحون، مع أن الله عز وجل ذمَّ الفرقة والاختلاف، فقال تعالى: (وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)، «سورة آل عمران: الآية 105». والإسلام يعتبر الناس كلهم أمة واحدة ويساوي بينهم جميعاً لأن رسالته موجهة إليهم، قال تعالى: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)، «سورة الأنبياء: الآية 92»، وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)، «سورة الحجرات: الآية 13». واختلافها في الألسنة والألوان آية من آيات الله سبحانه وتعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ)، «سورة الروم: الآية 22». نماذج من نور إن الإسلام لا يُميز بين إنسان وآخر لا في العرق ولا في الجنس ولا في النسب ولا في المال، امتثالاً لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: «أَلاَ لاَ فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلا لأَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ، إِلا بِالتَّقْوَى». فهذا رجل حبشي اسمه أسلم كان راعياً ليهودي يرعى غنماً له، ذُكرت قصته في كتاب «أسد الغابة في معرفة الصحابة»، ومن حديثه ما رواه إسحاق بن يسار، أن راعياً أسود أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو محاصر لبعض حصون خيبر ومعه غنم كان فيها أجيراً لرجل من يهود، فقال: يا رسول الله، اعرض عليّ الإسلام، فعرضه عليه فأسلم، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لا يحقر أحداً يدعوه إلى الإسلام، فعرضه عليه، فقال الأسود: كنت أجيراً لصاحب هذا الغنم، وهي أمانة عندي، فكيف أصنع بها؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «اضرب في وجوهها، فإنها سترجع إلى ربها»، فقام الأسود فأخذ حفنة من التراب، فرمى بها في وجوهها، وقال: ارجعي إلى صاحبك فوالله لا أصحبك، فرجعت مجتمعة كأن سائقاً يسوقها، حتى دخلت الحصن، ثم تقدم الأسود إلى ذلك الحصن ليقاتل مع المسلمين، فأصابه حجر فقتله، وما صلّى صلاة قط، فأتى به رسول الله، فوضع خلفه، وسُجِّي بشملة كانت عليه، والتفت إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه نفر من أصحابه، ثم أعرض إعراضاً سريعاً، فقالوا: يا رسول الله، أعرضتَ عنه: قال: «إن معه لزوجته من الحور العين»، (أسد الغابة في معرفة الصحابة 1/‏‏‏‏103-104). وهذا عطاء بن أبي رباح الفقيه المعروف الذي كان ينادى عنه في موسم الحج «لا يفتي الناس إلا عطاء بن أبي رباح»، حيث حدّث أحد خلفاء بني أمية أبناءه عنه قائلاً: يا أبنائي تعلموا العلم فو الله ما ذللت عند أحد إلا هذا، عطاء بن أبي رباح كان رجلاً يصفه الذين ترجموا له، بأنه كان أسود، أفطس، أعرج، أشلّ، لكن ذلك كله لم يقلل من مكانته العلمية ومن احترام الولاة له، بل رفع الله قدره بالعلم والدين، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. تلك هي طبيعة المجتمع المسلم، فهذا ديننا وتلك تعاليمه، وهذه أمتنا وذلك ماضيها. أما آن للبشرية التائهة أن تعود إلى الأصل، إلى الحق، إلى سفينة النجاة التي تقودها إلى حياة كريمة سعيدة، إلى كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم-، فهما مصدر الخير والحق.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©