الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الخاص والعام في أحكام الشريعة

الخاص والعام في أحكام الشريعة
26 يوليو 2014 20:10
من خصائص الشريعة الإسلامية أن أحكامها، إما أن تكون شاملة لكل المكلفين، وإما أن تكون خاصة ببعض الأفراد دون البعض الآخر، ولذلك اهتم علماء الأصول بوضع مصطلح يوضح الفرق بينهما هو العام والخاص. ويقول الدكتور محمود مزروعة - الأستاذ بجامعة الأزهر: العام في اللغة مأخوذ من العموم وهو الشمول وفي الاصطلاح اللفظ الذي يستغرق جميع ما يصلح له من الأفراد على سبيل الشيوع من غير حصر مثل الرجال فإنه يستغرق جميع ما يصلح له من جنس الرجال والألفاظ التي تدل على العموم كثيرة منها لفظ «كل» ولفظ «جميع» مثل قوله تعالى: (. . . كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ)، «سورة الطور: الآية 21»، ومثل قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا . . . )، «سورة البقرة: الآية 29»، والجمع المعرف باللام المفيدة للشمول مثل قوله تعالى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ . . . )، «سورة البقرة: الآية 228»، شامل لكل مطلقة والجمع المعرف بالإضافة كما في قوله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ . . . )، «سورة النساء: الآية 11»، فلفظ أولادكم جمع مضاف يفيد العموم وأسماء الشرط كلفظ «من» قال تعالى: (. . . فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ . . . )، «سورة البقرة: الآية 185»، فلفظ «من» اسم شرط يفيد العموم فيجب الصوم على كل من شهد الشهر من المسلمين. والعام أنواع منه ما يفيد العموم قطعا الذي وجدت معه قرينة تنفي احتمال التخصيص مثل قوله تعالى: (. . . وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)، «سورة النور: الآية 35»، وقوله تعالى: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا)، «سورة هود: الآية 6»، فمضمون هاتين الآيتين لا يقبل التخصيص ومنه العام الذي دخله التخصيص، حيث وجدت معه قرينة دلت على أنه قد خصص مثل قوله تعالى: (. . . وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا . . . )، «سورة آل عمران: الآية 97»، فقوله من استطاع أخرج غير المستطيع كما أن العقل أخرج الصبي والمجنون من التكليف. والعام الذي أريد به الخصوص مثل قوله تعالى: (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ . . . )، «سورة النساء: الآية 54»، فالمراد بالناس في الآية سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - حيث كان من العرب ولم يكن من بني إسرائيل وقد يأتي العام المطلق وهو الذي لم توجد معه قرينة تدل على بقائه على عمومه، كما لم توجد قرينة تدل على تخصيصه مثل قوله تعالى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ . . . )، «سورة البقرة: الآية 228»، فإنه ظاهر الدلالة على العموم في كل مطلقة حتى يثبت دليل التخصيص. المخصص المستقلويأتي المخصص المستقل عن طريق دليل العقل أو المخصص المتصل بالعام، وذلك في النصوص التي ورد فيها الخطاب بتكاليف شرعية على سبيل العموم كما في قوله تعالى: (. . . فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ . . . )، «سورة البقرة: الآية 185»، فإن الخطاب بالصوم موجه للجميع ولكن العقل دل على إخراج من ليس أهلا للتكليف كالصبي والمجنون وقوله تعالى في الآية (. . . فَمَنْ شَهِدَ . . . )، «سورة البقرة: الآية 185» عام في دلالته على وجوب الصيام على كل من ثبت له دخول شهر رمضان من المكلفين وقد صرف هذا العام عن عمومه فخص منه المريض والمسافر فلهما أن يفطرا ويقضيا والتخصيص هنا بنص مستقل موصول بالعام في النزول ويأتي التخصيص بدليل العرف بين الناس، فإذا ورد لفظ عام وجرى عرف الناس بإرادة بعض الأفراد منه، فإن هذا العام يقصر على ما جرى العرف بإطلاقه عليه. الاستثناء المتصل أما المخصص غير المستقل فهو جزء من النص المشتمل من العام فهو غير قائم بنفسه وله أنواع كثيرة منها الاستثناء المتصل كقوله تعالى: (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)، «سورة النحل: الآية 106»، فقوله (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ . . . )» عام يشمل كل كافر استثني منه من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان فقد صرف هذا العام عن عمومه وجعل قاصراً على من كفر راضياً مختاراً ومن المخصصات غير المستقلة الشرط مثل قوله تعالى: (وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ . . . )، «سورة النساء: الآية 12»، فقد بينت الآية الكريمة أن استحقاق الأزواج للنصف من ميراث الزوجة مشروط بألا يكون للزوجة ولد فهو مخصص من العام وهو استحقاق الأزواج النصف في جميع الحالات، وكذلك يأتي المخصص غير المستقل عن طريق الصفة المعنوية قال تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ . . . )، «سورة النساء: الآية 25»، فلفظ الفتيات في الآية عام يشمل المؤمنات وغير المؤمنات، ولكن وصفه بالمؤمنات جعله مقصوراً على المؤمنات دون غيرهن فالتي تحل من ملك اليمين لغير مستطيع الطول هي الفتاة الموصوفة بالإيمان. (القاهرة - الاتحاد)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©