روعة يونس - مريم أحمد:
بداية، يُعرف على نطاق واسع أن النوم عنصر أساسي في صحة أجسامنا وهو لا يقل أهمية عن نظام التغذية الدقيق والتمارين الرياضية، وما قد يغيب عن أذهان البعض هو الأثر السلبي لعادات النوم السيئة على الصحة العقلية، حيث يؤثر بشكل بالغ على مزاجنا وراحتنا النفسية بشكل يومي، ومن أبرز دلالات نقص النوم أو النوم الخاطئ المتقطع: الاكتئاب والضيق وسرعة الانفعال والغضب وتقلب المزاج، وهو ما قد يؤدي إلى مشاكل صحية أشد خطورة إذا لم تتم معالجته بشكل مناسب وصحي·
النوم والاكتئاب
إذاً، مشاكل النوم ربما تكون مؤشراً رئيسياً على الاكتئاب، وما قد لا يدركه بعض الناس أن النوم غير المنتظم يتسبب عملياً في تقلب المزاج وفي الاكتئاب، ويزداد التوازن الضروري بين النوم والصحة النفسية وضوحاً مع اكتشاف الباحثين المزيد من العلاقة الجدلية بينهما·
ولهذا السبب تضافرت جهود ''الجمعية الأميركية للنوم الصحي'' و''الجمعية الوطنية للصحة العقلية'' لشد انتباه الراشدين للعناية بصحتهم العقلية ومنح النوم العناية القصوى·
الحرمان من النوم
قد تستغرب عندما تسمع أو تقرأ مصطلح ''الحرمان من النوم''، وهو المسمى العلمي لعدم حصول الإنسان على القسط الكافي من النوم لفترة طويلة وبشكل متكرر ودائم، ومن شأنه أن يؤثر على صحتك، وأدائك، وسلامتك· وهناك أسباب عديدة ومختلفة تسبب حرمان الفرد من النوم منها: ضغوط الحياة اليومية، والانهماك في العمل، وتفضيل مشاهدة التلفاز على النوم، وبعض الأعراض الصحية الأخرى التي تجعل النوم عزيزاً وصعب المنال·
لكن أهم الأسباب المؤدية إلى الحرمان من النوم هو ما يعرف بـ ''أعراض اضطراب النوم الخفية'' التي غالباً ما يغفل الناس عنها، لأنها - عادة - لا تكون واضحة للعيان، ويرجع السبب في ذلك إلى إغفال إجراء الفحوصات الروتينية الصحية لفترة طويلة قد تمتد لسنوات· والإنسان عادة يرجع سبب شعوره بالنعاس في النهار إلى ''إجهاد العمل'' لاعتقاده أنه نام جيداً في الليل، في حين أنه لا يحصل على ما يكفي من النوم، أو ربما يعاني من اضطرابات في النوم·
آثار عميقة
ولاشك في أن الآثار السلبية للحرمان من النوم على الصحة العامة، ستظهر على المدى القصير والبعيد· فعلى المدى القصير تؤثر قلة النوم وعدم كفايته على أداء المرء ونشاطه الجسدي· كما أنه يُضعف ذاكرة الفرد وقدرته الإدراكية، أي القدرة على التفكير والتركيز، ومن الناحية الاجتماعية ينعكس الحرمان من النوم سلباً على علاقات المرء وحياته الاجتماعية، حيث تجعله غير قادر على المشاركة في الأنشطة الاجتماعية التي تتطلب الانتباه والتركيز، مثل مشاهدة الأفلام في السينما، إجابة الدعوات، وزيارة الأهل والأصدقاء·
أما على المدى البعيد، فقد يؤدي الحرمان من النوم إلى إصابة الفرد بأمراض مختلفة، مثل ضغط الدم المرتفع، النوبات القلبية، والسكتات الدماغية، والاكتئاب، وتقلبات المزاج، وإعاقة نمو الأطفال والأجنة·
النوم والسمنة
وتشير نتائج الدراسات إلى ارتفاع نسبة قابلية الأفراد، الذين تقل ساعات نومهم عن ست أو سبع ساعات كل ليلة، للإصابة بالأعراض السابقة· ليس هذا فحسب، إذ من شأن قلة النوم أن تصيب الفرد بالسمنة المفرطة· وعلى هذا علق الدكتور جون وينكيلمان، المدير الطبي لمركز النوم الصحي في بريغهام، وبروفيسور علم النفس المساعد في كلية هارفارد الطبية، بقوله: ''ما يجهله معظم الناس هو أن عادات النوم الصحية قد تكون أداة ناجحة للتمكن من تطبيق أي نظام حمية لتخفيف الوزن''·
ومن الجدير بالذكر أن بإمكاننا تجنب الآثار الناتجة عن قلة النوم عن طريق اكتساب المعرفة، والإلمام التام بالأضرار التي يسببها الحرمان من النوم، وطرق العلاج·
وتذكر أن النوم الصحي يعني أن تستيقظ نشطاً، وأن تشعر بالانتعاش، وألا تشعر بالنعاس خلال ساعات النهار· أما النوم غير الصحي، فقد يكون ضارا بالصحة، لكنه في الوقت نفسه إشارة إلى ما قد تعانيه من اضطرابات نوم خفية·
أخيراً··· لا شك في أن للنوم دوراً حيوياً في صحتنا عموماً، ونحن لا نزال نتعلم كيف يُساهم تغيير عادات نومنا في تغيير صحتنا العقلية· ولهذا السبب وحده يُعتبر النوم السليم عنصراً أساسياً في صحة نمط الحياة الذي نعيشه، فمفهوم كون المرء معافىً لا ينطبق فقط على الصحة الجسدية وإنما يشمل الصحة النفسية والعقلية أيضاً·
لمزيد من المعلومات موقع مجلس النوم الصحي
www.bettersleep.org
www.betterhealth.vic.gov.au
www.sleepnet.comm
www.sleepfoundation.org
www.healthysleeping.com
عدد اليوم
